جبال كسلا.. ملتقى عشاق السودان

18 مايو 2015
فخاريات من كسلا (Getty)
+ الخط -

تحضن سلاسل جبال كسلا بئراً تُعرف بـ"بئر توتيل"، كثُرت حولها الأقاويل والأساطير، إذ يظنّ كثير من السودانيين أنّ لتلك البئر مفعولاً مشابهاً لماء "زمزم" في الحرم المكّي، وأنّ غرفة ماء منها يمكن أن تشفي من الأمراض، وتحمي من الحسد والسحر، لذا يتبارك كثيرون بها ويشربونها حتى الارتواء، وهي تمنح التلة التي تنبع منها اسمها وشهرتها وبركتها، إذ تجذب المتزوجين لقضاء شهر العسل، والميسورين للاستجمام، والسائحين لإشباع فضولهم وفضول عدسات كاميراتهم وهواتفهم الذكية.

أخذت ولاية "كسلا" اسمها من تلك الجبال التي تميزها، إذ تعني كلمة "كسلا" ظلّ الجبل بلغة البداويت، إحدى قبائل المنطقة.

ويبلغ ارتفاع جبل كسلا "851" متراً، ويعتبر من الجبال الملساء، ويمثل النهاية التضاريسية الشرقية للمدينة. بينما يقع جبل مكرام وجبل التاكا في الوسط وخلف المدينة مباشرة. أما جبال توتيل فعلى الطرف.

ولتلك الجبال مسميات كثيرة، وإن كان يصعب التفريق بينها لتشابهها في العلو والشكل، فهناك جبل التاكا وتوتيل وأويتلا والبدوان ومكرام.. بينما تعني توتيل "نقاط الماء"، وقد أخذت الاسم من النبع الذي يتوسّطها، وأخذ الجبل حيزاً واسعاً من الأغاني السودانية، حيث تغنّى به الجميع، بخلاف أهل المنطقة، لما له من سحر، خاصة عند الغروب، عندما يعانق السماء بلونه البني الفاتح وصخوره الملساء.

وعلى أطراف الجبل، تتوزّع المقاهي فلكلورية النهج، تقدم الشاي والقهوة على الطريقة التقليدية للولاية للتعريف بتراثها، وهي تجمع حولها المئات من البشر، بعضهم قطع مسافات بعيدة وساعات سفر تتخطّى 8 ساعات لشرب القهوة والاستمتاع بمنظر الجبل. كما يتبارى أهل المنطقة في بيع المشغولات المحلية، من أواني الفخار والإكسسوارات المصنوعة من الخرز للزوار والسيّاح.

وفي تلك الجبال، يجول محمد علي الحسن، بائع التحف الذي اتخذ موقعاً بقلب الجبل لبيع منتجاته، يقول عن مهنته: "ورثت العمل هنا عن أجدادي، أنا أمثّل الجيل الثالث في صناعة الفخار، خاصة أنني من أسرة اشتهرت بهذا النوع من الصناعة".

ويوضح محمد مضيفاً: "بدأت عائلتي الكبيرة بصناعة إبريق من الفخار، فضلاً عن "الجبنة "، وهي عبارة عن قارورة مصنوعة من الطين المحروق توضع فيها القهوة. وطوّر جيلنا تلك الصناعة فأضاف إليها الطلاء. وهكذا ظهرت أواني الفخار بألوانها الزاهية، فضلاً عن المباخر لمواكبة العصر الحديث". ويختم قائلاً: "تجارتنا في الجبل مربحة وتؤمن دخلاً جيداً، فيستحيل أن يغادر زائرٌ دون شراء قطعة من الفخار كنوع من التذكار أو لتوثيق لحظات خاصة بالعرسان".

تحيط أقاويل عديدة بتلك الجبال، يصدّقها كثيرون، مثل أن في تلك الجبال كهوفا يعبر من خلالها أولياء الله الصالحون إلى مكة، ومنهم من يقول إنّ الموتى الصالحين يجتمعون أسبوعياً في تلك الجبال باعتبارها بقعة صالحة، كما أنها تشبه بتضاريسها مكة المكرمة، ويُقال إن هناك شعاعا يصدر من الجبل لا يراه إلا من كان صالحاً كما هناك "99" من الأولياء الصالحين الذين هناك.

اقرأ أيضا:"صائدو الرمال" على نهر النيجر.. مشهد جميل للجهد والكد
دلالات
المساهمون