ثورة الغاز الصخري الأميركي لن تتجاوز العام 2020

10 ديسمبر 2014
جانب من حقول الغاز بكاليفورنيا (أرشيف/getty)
+ الخط -

المصائب لا تأتي فرادى كالجواسيس، وإنما تأتي سرايا كالجيوش، هذه المقولة المشهورة للكاتب الإنجليزي الفذ وليام شكسبير، تنطبق على شركات وصناعة الطاقة في أميركا، ففيما تجاهد صناعة النفط الصخري للفكاك من شراك التدهور الحاد في أسعار النفط التي تحاصرها على عدة جبهات وتكاد تخنقها في مهدها، تخرج علينا جامعة تكساس الأميركية ببحث يشكك في مصداقية الحكومة الأميركية حول ثورة الغاز الصخري وحجمها والسنوات التي تغطيها من الاستهلاك.

تقول الدراسة إن ثورة الغاز الصخري الأميركي لن يتجاوز عمرها خمس سنوات، حيث ستبلغ حقول الغاز ذروة إنتاجها في العام 2020، وبعد ذلك يبدأ الإنتاج في التدهور السريع.

والبحث "القنبلة" الذي نشرت مجلة "نيتشه إنترناشونال" جزء منه، أشرف عليه فريق من جامعة تكساس العريقة المتخصصة في الطاقة، والتي يقع مقرها في مدينة هيوستن.

 وقضى هذا الفريق ثلاث سنوات في التنقيب والبحث ودراسة الحقول في مناطق الإنتاج الرئيسية التي أحدثت ثورة الغاز الصخري في أميركا.

وتناولت دراسة جامعة تكساس الأميركية المناطق الأربع الرئيسية لإنتاج الغاز الصخري في أميركا، وهذه المناطق هي منطقة مارسيلس الممتدة عبر ولايات فيرجينيا وبنسلفانيا ونيويورك.

وحفرت الشركات الأميركية في هذه المناطق نحو 8 آلاف بئر، وظلت تضيف نحو 100 بئر جديدة شهرياً، وتمد هذه المنطقة الولايات المتحدة بنحو 385 مليون متر مكعب يومياً من الغاز، وهو ما يعادل نصف احتياجات أميركا لتوليد الكهرباء.

أما مناطق إنتاج الغاز الصخري الأخرى فهي، منطقة بارنيت في تكساس، ومنطقة فايتفيل في ولاية أركنسو ومنطقة هاينزفيل في ولاية لويزيانا وتحديداً القسم الواقع على حدود تكساس، وتنتج الحقول في هذه المناطق نحو ثلثي الغاز في أميركا، وتوجد بها حوالى ثلاث آلاف بئر. وكانت أميركا تعول على هذه الآبار في التصدير واستمرارية ثورة الغاز الصخري إلى ما بعد العام 2040.

دراسات أخرى

وحتى الآن حظيت هذه الدراسة بتأييد أكاديمي واسع وحتى من قبل بعض الباحثين في إدارة معلومات الطاقة الأميركية أنفسهم. واعترف محللان من إدارة معلومات الطاقة الأميركية بدقة الأساليب التي استخدمتها دراسة فريق جامعة تكساس في جمع المعلومات حول محتويات الرواسب الصخرية المحتوية للغاز، مقارنة بالأسلوب الذي استخدمته الإدارة الأميركية للطاقة، ونصح الباحثان الإدارة بضرورة استخدام أسلوب جامعة تكساس.

ويذكر أن هناك دراستين أخريين، إحداهما أجراها الجيولوجي الكندي ديفيد هيوز وأخرى مشتركة أجراها كل من البروفسور مارك كيزر وييجمارس من جامعة لويزيانا، شككتا في الجدوى الاقتصادية لإنتاج حقول الغاز الصخري في أميركا فيما بعد العام 2020.

وحسب دراسة جامعة تكساس، التي صدرت حديثاً ولا تزال تحت المناقشة في الدوائر الأكاديمية، فإن التوقعات التي أصدرتها في السابق إدارة معلومات الطاقة الأميركية حول احتياطات الغاز الصخري في أميركا متفائلة ومبنية على دراسات غير دقيقة حول ما تحويه الرواسب الصخرية من غاز محبوس في داخلها.

وبالتالي شككت في أرقام احتياطات الغاز التي نشرتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية والتي كان يتعاطى بها الباحثون والمستثمرون على أنها من المسلمات التى لا ينبغي الشك فيها.

ويذكر أن إدارة معلومات الطاقة التي تراقب وتدرس سوق الطاقة لصالح الحكومة الأميركية، قدرت أن تستمر زيادة إنتاج الغاز الصخري الأميركي حتى العام 2040 على الأقل.
 
وكان مدير إدارة الطاقة الأميركية آدم سيمنسكي قد قال في بداية العام الجاري في مؤتمر بهيوستن تكساس "بالنسبة للغاز لا شك لدينا أن الإنتاج سيواصل النمو حتى العام 2040".

وقال البروفسور تاد بازيك، رئيس قسم البترول بجامعة تكساس وأحد اعضاء الفريق البحثي في الدراسة التي أجرتها الجامعة على الرواسب الصخرية في مناطق إنتاج الغاز الرئيسية، إن نتائج الدراسة أتت "بأخبار سيئة وربما نكون خدعنا أنفسنا بكذبة كبرى في مجال الغاز الصخري".
 
وهذه الدراسة تشير إلى انتكاسة جديدة في صناعة الطاقة الأميركية تضاف إلى المتاعب التي تعيشها حالياً صناعة النفط الصخري. وحتى الآن خسرت صناعة النفط الصخري حوالى 400 مليار دولار منذ بداية تدهور أسعار النفط في يونيو/ حزيران الماضي. ولا تزال أسهم شركات النفط الصخري والخدمات النفطية تؤثر على أداء المؤشرات الرئيسية في وول ستريت، وكانت أحد أسباب هبوطها في بداية الأسبوع الجاري.

خسائر فادحة

وكانت أميركا تمنّي نفسها بتصدير الغاز الصخري إلى أوروبا وآسيا. ومنحت وزارة الطاقة الأميركية تراخيص لسبع شركات لبناء منشآت لتصدير الغاز، ولكن يبدو أن هذه الدراسة ستكون قاصمة الظهر للشركات التي تعمل في استخراج وصناعة الغاز الطبيعي.

وفي الولايات المتحدة الأميركية حصلت ثورة ضخمة في إنتاج النفط الصخري، خصوصاً في ولاية تكساس الغنية بهذا النوع من النفط، وقال باراك أوباما في ديسمبر/كانون الأول 2012 إن أميركا ستتخطى السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم في 2017 بفضل النفط الصخري.

وفي تعليقه على دراسة جامعة تكساس، قال البروفسور بول ستيفن، خبير النفط البريطاني بالمعهد الملكي البريطاني "تشاتهام هاوس"، إذا انخفض إنتاج الغاز الأميركي وبلغ ذروة إنتاجه القصوى بهذه السرعة، فإن ذلك سيكون أمراً مبكياً، ليس للولايات المتحدة فحسب، ولكن سيكون له تأثير سلبي في العديد من أنحاء العالم".

وتشير الدراسة المفصلة لفريق جامعة تكساس إلى أن هنالك صعوبة في تقدير كميات الغاز في الترسبات الصخرية، وأن من الخطأ بناء التوقعات على معدلات الإنتاج الحالية في الحقول.

ويقول جيولوجيون أميركيون إن هذه التوقعات الواردة بالدراسة ربما تكون متشائمة ولكنها في النهاية دراسة أكاديمية ومولت من جهات غير حكومية وليس وراءها غرض غير البحث والتدقيق العلمي.

وتكذب هذه الدراسة التوقعات السابقة التي أعلنت عنها إدارة معلومات الطاقة الأميركية والعديد من الشركات، بما في ذلك مصرف "غولدمان ساكس".

وساهمت ثورة الغاز الصخري في تلبية ربع احتياجات الطاقة في أميركا، وأدّت إلى خفض سعر وحدة الغاز إلى أقل من 4 دولارات، وكان لثورة الغاز الصخري أثر كبير في خفض كلف إنتاج البضائع المصنعة في أميركا ورفع درجة تنافسية الصادرات مقارنة بالصناعات المنافسة، وحسب هذه الدراسة، فإن أميركا سترجع مرة أخرى لاستيراد الغاز الطبيعي المسال خلال سنوات ما بعد العام 2020، كما كانت تفعل طوال القرن العشرين.

تفاصيل أخرى:

http://www.pge.utexas.edu/news/160-scaling-theory
http://www.nature.com/news/natural-gas-the-fracking-fallacy-1.16430

المساهمون