ثمن الانتهاكات.. عقوبات اقتصادية تنتظر الدول المحاصِرة لقطر

19 يونيو 2017
قطر تشكو من انتهاك دول خليجية لتجارتها(معتصم الناصر/العربي الجديد)
+ الخط -
تنتظر دول المحور التي أعلنت حصارها لقطر عقوبات قاسية بسبب انتهاكها للاتفاقيات الاقتصادية الدولية في التجارة والنقل البحري والطيران والبريد وغيره، وحسب محللين اقتصاديين، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، تزايدت الضغوط على هذه الدول بعد أن أقدمت قطر على تقديم شكاوى ضد الانتهاكات التي ارتكبت في العديد من القطاعات. 
وأكد المحللون أن مستثمرين قطريين تكبّدوا خسائر باهظة بسبب منعهم من متابعة استثماراتهم وحقوقهم المالية في الدول المقاطعة بما يخالف القوانين الدولية واتفاقيات مجلس التعاون الخليجي.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين أعلنت، في الخامس من شهر يونيو/ حزيران الجاري، المقاطعة الدبلوماسية لقطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، فيما لم تقاطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان.

وحركت قطر مجموعة من الشكاوى الدولية ضد الإمارات والسعودية والبحرين، لانتهاكها القوانين التجارية الدولية من خلال فرضها الحصار على الدوحة.
وتسلم الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، كيتاك ليم، أول من أمس، رسالة من وزير المواصلات والاتصالات القطري جاسم بن سيف السليطي، تتعلّق بانتهاك الإمارات والسعودية والبحرين الاتفاقيات البحرية الدولية من خلال الحصار المفروض بحظر الملاحة البحرية القطرية، خلافاً للاتفاقيات والمعاهدات البحرية، وبالأخص اتفاقية 1982. وقام بتسليم الرسالة، وفق وكالة الأنباء القطرية، سفير دولة قطر لدى بريطانيا، يوسف بن علي الخاطر، خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية.

خسائر باهظة

وأدت انتهاكات الدول المحاصِرة إلى خسائر باهظة للمستثمرين القطريين في الإمارات والسعودية، إذ منعوا من متابعة استثماراتهم، كما تعرضوا للعديد من الأضرار على خلفية الأزمة الخليجية.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة التجارة والبحوث في غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد الأحبابي، لـ"العربي الجديد": "ليس معقولاً أن تنتهك الدول المقاطعة القوانين الدولية واتفاقات مجلس التعاون الخليجي وتمنع المستثمرين القطريين من متابعة مشروعاتهم في السعودية والإمارات والبحرين".
وأضاف الأحبابي أن "المستثمرين القطريين في هذه الدول ممنوعون من تحويل أموالهم في الوقت الذي رصدت فيه غرفة التجارة أن بعض رجال الأعمال القطريين تصل استثماراتهم الخاصة إلى أكثر من 200 مليون ريال (نحو 55 مليون دولار)".
وأكد أن الغرفة اجتمعت بالمستثمرين وقامت بتجميع شكاواهم بخصوص الانتهاكات التي تعرضوا لها، تمهيداً لتقديمها للمنظمات الدولية، متوقعاً أن تواجه الدول المحاصرة لقطر غرامات كبيرة بالإضافة إلى تعويضات للمستثمرين المتضررين من الأزمة. وكشف الأحبابي عن تعرض أصحاب مزارع حيوانات قطريين في السعودية لانتهاكات حادة بعد أن منعوا من متابعة استثماراتهم، ما أثر سلباً على هذه المزارع.

حماية استثماراتهم

وفي الوقت الذي تعرضت فيه استثمارات القطريين لانتهاكات حادة في الدول المحاصِرة، حافظت قطر على استثمارات السعوديين والإماراتيين والبحرينيين في الدوحة، ولم تمنع أصحابها من التحويلات المالية ومتابعة الاستثمارات رغم مرور أسبوعين على الأزمة.
وقال رئيس لجنة التجارة والبحوث بغرفة قطر، إن البلاد لم تعامل هذه الدول بالمثل رغم أن الدوحة بها 2500 شركة برؤوس أموال خليجية، نصفها تقريباً بملكية 100% لسعوديين وإماراتيين وغيرهم من مواطني دول الخليج.
وأضاف أن قطر ملتزمة باتفاقيات مجلس التعاون والقوانين الدولية والأعراف الإنسانية وقامت بحماية استثمارات الدول المحاصرة على عكس حكومات هذه الدول التي انتهت كل الحقوق والقوانين.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول، سعد شريدة الكعبي، قال في تصريحات صحافية، أول من أمس، إن قطر لن تقطع الغاز عن دولة الإمارات على الرغم من وجود بند في العقد الموقع بين البلدين يتعلق بحالة "القوة القاهرة" التي تتيح قطع الإمدادات، مثل الحصار التي تعاني منه البلاد الآن.

ويربط خط دولفين لأنابيب الغاز حقل الشمال القطري الضخم بدولة الإمارات وسلطنة عُمان ويضخ نحو ملياري قدم مكعب من الغاز يومياً لدولة الإمارات، ويؤمن الخط نحو 30% من حاجة الإمارات للغاز.
وقال الكعبي "إذا قطعنا الغاز، سيتسبب ذلك في ضرر كبير للإمارات وشعب الإمارات، وهو شعب يعتبر (أخونا). ارتأينا ألا يُقطع الغاز الآن".

قطاعات أخرى

ولم تتوقف الانتهاكات السعودية الإماراتية عند المجال البحري والاستثمارات، بل امتدت إلى خدمات البريد، وكان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة القطرية للخدمات البريدية "بريد قطر"، فالح محمد النعيمي، قد أكد أن إيقاف كل من الإمارات والسعودية والبحرين التعاملات البريدية مع دولة قطر يعد خرقاً واضحاً لدستور واتفاقيات أنظمة الاتحاد البريدي العالمي، والتي يجب على كافة دول الأعضاء في الاتحاد الالتزام بها.
وأوضح النعيمي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، أن شركة "بريد قطر" قامت بالتواصل مع المدير العام للمكتب الدولي للاتحاد البريدي العالمي في هذا الشأن وإبلاغه بالوضع الحالي.
كذلك تمت مخاطبة الاتحاد كتابياً بهذا الأمر والطلب منه استعجال اتخاذ الإجراءات الجريئة والمرئية الكفيلة بإنفاذ دستور الاتحاد البريدي العالمي واتفاقياته. وشدّد النعيمي على أن قطع هذه الدول التعاملات البريدية مع دولة قطر قد أثر بشكل كبير على الحياة اليومية لملايين المواطنين والمقيمين في قطر.
وأعلنت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان نيّتها التعاقد مع مكتب محاماة دولي يتكفل بملف تعويض المتضررين إثر قرارات الحصار عليها.
وقال رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، علي بن صميخ المري، السبت الماضي، إن لجنته "بصدد التعاقد مع مكتب محاماة دولي يتبنّى ملف تعويض المتضررين القطريين والخليجيين ممن تأثروا بقرار الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين على قطر وتظلموا لدى اللجنة القطرية" المذكورة.
وكشف أن لجنة حقوق الإنسان القطرية استقبلت 1064 شكوى من مواطني قطر والدول الثلاث المتضررين جراء الحصار.
ووصلت الانتهاكات إلى حد الاستيلاء على بضائع التجّار القطريين، إذ كشف وزير الاقتصاد والتجارة القطري، الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، أول من أمس، أن "بعض الأسواق والمناطق الاقتصادية في دول الحصار، والتي تسوّق نفسها على أنها مناطق تجارة حرة، قامت باحتجاز الآلاف من حاويات البضائع القطرية مع بدء قرار الحصار، على الرغم من أنها مدفوعة الثمن مسبقا".

إغلاق الأجواء

كما طاولت الانتهاكات قطاع الطيران، إذ أغلقت الدول الخليجية الثلاث الأجواء أمام الطائرات المتجهة إلى قطر، ما دفع الخطوط الجوية القطرية إلى تقديم شكاوى حول هذه الانتهاكات للمنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) التي من المقرر أن تعقد اجتماعاً هذا الأسبوع، لبحث الشكاوى.
وفي هذا الإطار، قال عضو لجنة السياحة بغرفة تجارة وصناعة قطر، سعيد الهاجري، لـ"العربي الجديد"، إن الدول المحاصرة انتهكت قوانين الطيران وأثّرت إجراءاتها سلباً على الكثير من المواطنين والمقيمين بعد تغيير شركات الطيران مساراتها، ما استدعى التحرك وتقديم شكاوى رسمية لوقف هذه الانتهاكات.
وأكد الهاجري أن بعض الدول ستخفف من الحصار الجوي في ظل الضغوط التي ستتعرض لها في حالة تدخل المنظمة الدولية للطيران، مشيراً إلى أن الخطوط الجوية القطرية لديها بدائل كافية لمواجهة الأزمة، كما نجحت قطر في تسيير العمل بمطار حمد الدولي بشل طبيعي رغم الحصار.
وكان أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، قد صرّح بأن على المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) التابعة للأمم المتحدة، أن تعلن "عدم قانونية" الإجراءات التي اتخذتها دول خليجية تجاه حركة النقل الجوي القطري، بعد أن قطعت علاقاتها مع الدوحة في خلاف سياسي.
المساهمون