ثلاث أوراق تقارب "القصة القصيرة في عُمان"

28 مارس 2018
عبد الله القصار/ الكويت
+ الخط -
"القصة القصيرة في عُمان" عنوان الندوة التي نظّمها "النادي الثقافي" في مسقط أمس الثلاثاء، وتضمّنت ثلاثة محاور؛ "القصة القصیرة في الخلیج" تحدّث فيه الناقد والأكاديمي البحريني فهد حسين، و"شعریة النص القصصي" الذي تناولته الباحثة والأكاديمية العُمانية فوزیة الفھدیة، و"ملامح بانورامية عن القصة القصيرة" تناولها القاص والباحث العُماني مازن حبيب.

يشير حسين إلى أن الصحافة كانت الحاضنة الأولى للقصة القصيرة في الخليج، كما أسهم المسرح بتحفيز كتاب الفن النثري على كتابة القصة لما للمسرح من توافقات وتشابهات، وكذلك النوادي والمؤسسات الثقافية حيث أدت الحالة السياسية والثقافية في المنطقة وبخاصة بعد ظهور النفط إلى تشكيل تجمّعات ثقافية تعنى بالثقافة والأدب.

ويلفت إلى أنه "مع دخول منطقة الخليج في النصف الثاني من القرن العشرين باتت القصة واضحة المعالم لدى كتابها ومتابعيها، وكانت البدايات الأولى فيها الكثير من الإرشاد والوعظ والتوجيه التربوي والاجتماعي والديني، ومن رواد هذا الفن في السعودية محمد حسن عوّاد ومحمد سعيد العامودي وإبراهيم فلالي، وفي الكويت نشرت أول قصة في مجلة "البعثة" عام 1947 بعنوان "بين الماء والسماء" لخالد خلف الذي نشرها باسم مستعار هو "ولد غريب"، وهناك من يرى أن أول قصة نشرت كانت بعنوان "منيرة" في العام 1929، إذ يعتبر خالد الفرج أول من كتب القصة ليس في الكويت، بل في المنطقة الخليجية كلها.

أما القصة القصيرة في البحرين بتجاربها الأولى كانت من خلال قصة بعنوان "حائرة" للكاتب محمود يوسف عام 1941، ولكن هذا لا يعني لم تكن هناك كتابات قصصية أو ما كان يطلق عليها هذا التوصيف، بحسب حسين، حيث برز عدد في الستينيات كتاب مثل خلف أحمد خلف ومحمد عبد الملك وعيسى بن راشد الخليفة ومحمد الماجد.

يضيف "كان عقد الأربعينيات هو العقد الذي ظهرت فيه بدايات القصة القصيرة العمانية، ومن روادها الكاتب عبدالله الطائي، ثم بدأت البروز من خلال محمود الخصيبي وسعود مظفر، بينما ظهرت القصة والرواية في الإمارات في عقد زمني واحد، مع رواية "شاهندة" للكاتب راشد عبدالله النعيمي وقصة "الرحيل" للكاتبة شيخة الناخي في السبعينيات، وفي قطر اعتبر عيسى منصور أول من كتب القصة القصيرة، ثم توالت الكتابات على يد يوسف عبد الله نعمة، زهرة المالكي، عبدالرحمن المناعي، وسعد بو رشيد، ومريم الخليفي، ومي سالم، وعبد الله يوسف الحسيني، وزليخة العبيدلي، وفاطمة التركي، وإبراهيم المريخي، وبشرى ناصر، وخليفة الكبيسي، ونورة آل سعد، وكلثم جبر، وحسن رشيد، وحصة العوضي.

وبلفت إلى هناك ملامح فيها الاتفاق أو التشابه في كتابة القصة القصيرة وبالتحديد في البدايات الأولى، مثل: الميل إلى ما يشبه الحكايات العفوية والخواطر ذات العلاقات الاجتماعية والعاطفية، وتوظيف التراث والفلكلور الشعبي بكل تفرعاته، وإدخال اللغات المحكية (اللهجات)، وكذلك توظيف بعض مكونات البيئة الجغرافية كالبحر والصحراء، كما وظفت ثيمة الاغتراب، إضفة إلى توظيف الرسائل واليوميات، والذاكرة الثقافية والاجتماعية، والمونولوغ.

في ورقتها، تبيّن الفهدي أن "الشعرية تعدّ من النظريات المطروحة في عملية الولوج إلى النص وتحليله الشعرية، وما زالت تثير جدلاً واسعاً في الدراسات الأدبية الحديثة الغربية والعربية بسبب اشتباك معانيها وتنوّع تعريفاتها واكتنافها كثيراً من الالتباس في نسبتها للبنيوية الأسلوبية من جانب وبقربها من السيمائيات السردية من جانب آخر".

تضيف "استخدم أرسطو مصطلح الشعرية عام 322 ق.م، في كتابه "فن الشعر"، إذ استقصى الخصائص الفنيّة للأجناس الأدبيّة التي شكّلت حضوراً متميّزاً في عصره"، لافتة أن في تعريف هيروشوفسكي للشعرية ما يمكن أن يفيد الكاتب والمتلقي، لأنه يضع لهما جملة من الأسئلة تعين الاثنين في عملية تلقي النص، وأفق تطوره، فيعرفها على أنّها: "الدراسة النسقيّة للأدب كأدب، وهي تعالج قضيّة: ما الأدب؟، والقضايا الممكنة المطوِّرة منها، كـ: ما الفن في اللغة؟، ما أشكال الأدب وأنواعه؟، وما طبيعة جنس أدبيّ أو نزعة ما؟، وما المظاهر الخاصّة لآثار الأدب؟ كيف هي مؤلَّفة؟ وكيف تنتظم الظواهر غير الأدبيّة ضمن النّصوص الأدبيّة؟"، وقد قدّم بعض الباحثين إجراءات مختلفة في منهجية تحديد أطر الشعريّة في النصوص".

من جهته، ذهب مازن حبيب إلى أن "القصة القصيرة تسعى إلى لفت الانتباه إليها بإلحاح وحماس بلا تطفّل. إن ذلك جزء من تركيبتها النوعية، دون أن تحاول أن تكون مُقنعةً لقارئها بعد توريطه بقراءتها، فذلك حقاً ليس من شأنها، بل من شأن القارئ بلا شك. لكنها ترغبُ من القارئ فرصةَ إقامة علاقة خفيفة لكنها حميمة على نحو عميق ومؤثر، لتترك انطباعاً أولياً قوياً وحنيناً في وجدان الذاكرة الشخصية".

واستعرض بعض المحطات التاريخية، مشيراً إلى ثلاث تجارب في ما يخصّ البدايات تُشكِّل كل واحدةٍ منها أسبقيةً مُحددة خاصة بها؛ عبد الله الطائي في كتاباته القصصية في الأربعينيات، مجموعة "سور المنايا" (1981) لأحمد بلال، لكن يمكن القول إن القصة القصيرة قد انطلقت في عهدها الجديد بصدور مجموعة "انتحار عبيد العماني" لأحمد الزبيدي، وما عقبها من عقود أسست خلاله تراكماً كمياً ونوعياً غنياً من الناحية الفنية والإبداعية من حيث جرأة مواضيعها وتظافر عناصرها السردية إلى حالة أكثر اكتمالاً مما سبق.

تناول حبيب بعض المجموعات القصصية اللافتة، منها "ساعة الرحيل" (1988) لمحمد القرمطي، و"قشة البحر" (1994) لعبد الله حبيب، و"سبأ" (1988) لخولة الظاهري، و"حد الشوف" (2000) لسالم آل تويه، إلى جانب كتابات يحيى سلام المنذري، ومحمود الرحبي، وعبد العزيز الفارسي، وسليمان المعمري.

دلالات
المساهمون