ثلاثة مسارات تفاوضية في مبادرة ترامب للتسوية الإقليمية

14 نوفمبر 2017
من المستبعد أن يستطيع نتنياهو تقديم تنازلات (Getty)
+ الخط -
كشف معلق إسرائيلي بارز النقاب عن أن المبادرة التي أعدتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تشمل ثلاثة مسارات تفاوضية منفصلة، تسبقها "بوادر حسن نية"، تقدمها كل من السعودية والإمارات لإسرائيل، وأخرى تقدمها إسرائيل للفلسطينيين. 


وحسب بن كاسبيت، المعلق السياسي والأمني في صحيفة "معاريف" والنسخة العبرية لموقع "المونتور"، فإنه في الوقت الذي أبلغت فيه كل من السعودية والإمارات إدارة ترامب بقبولها قائمة "بوادر حسن النية" التي اقترحت تقديمها لإسرائيل، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبدو عاجزاً عن الوفاء بقائمة "بوادر حسن" النية التي التزم بتقديمها للفلسطينيين.


وأوضح أن "بوادر حسن النية"، التي التزمت السعودية والإمارات بتقديمها لإسرائيل، تشمل: إجراءات لقاءات مباشرة وعلنية مع ممثلي إسرائيل وتقديم "مزايا" لإسرائيل، من ضمنها، منح الخطوط الجوية الإسرائيلية حق التحليق في الأجواء السعودية والإماراتية، إلى جانب موافقة  مسؤولين كبار من السعودية والإمارات على المشاركة في حفل الإعلان عن المبادرة إلى جانب نتنياهو.


وحسب كاسبيت، فإن المبادرة التي أعدها جارد كوشنير، كبير مستشاري ترامب وصهره، والمبعوث الأميركي للمنطقة، جيسين غرينبليت، تشمل مساراً لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية بوساطة أميركية، ومساراً لمفاوضات إسرائيلية إقليمية (السعودية، الإمارات، دول عربية أخرى)، ومساراً دولياً يناقش تدشين مشاريع إعادة إعمار معسكرات اللاجئين (تطالب به إسرائيل بوصفه متطلباً من متطلبات تصفية قضية اللاجئين).


وأشار إلى أن مبادرة ترامب تنطلق من اعتماد مفهوم جديد لمصطلح "السيادة" في مقاربة طابع الدولة الفلسطينية المقترحة، مشيراً إلى أنه وفق هذا المفهوم يتم منح المستوطنين اليهود الذين يقطنون المستوطنات الواقعة خارج التجمعات الاستيطانية، الحق في الإقامة داخل الدولة الفلسطينية العتيدة، مع احتفاظهم بمكانتهم كـ"مواطنين إسرائيليين". وأشار إلى أن المبادرة تقترح أن يتم تدشين "فيدرالية أردنية فلسطينية" أو "فيدرالية فلسطينية إسرائيلية أردنية" في الضفة الغربية. وحسب المصادر الأميركية فإن ترامب وفريقه معنيون بأن يتزامن الإعلان عن المبادرة مع حلول الذكرى الأولى لفوزه في الانتخابات الرئاسية.


وحسب كاسبيت، فإنه في الوقت الذي يشترط فيه الأميركيون على قيادة السلطة الفلسطينية عدم إبداء أي اعتراض على المبادرة المذكورة، فإن إدارة ترامب لن تقوم بالإعلان عنها قبل نجاح نتنياهو في تأمين موافقة حكومته عليها. وكشف كاسبيت أن كوشنير وغرينبلت قد حملا القيادة السعودية رسالة لقادة السلطة الفلسطينية، تتضمن تهديداً باتخاذ إجراءات عقابية أميركية ضد السلطة، في حال أبدت اعتراضاً على بنود المبادرة بغض النظر عن طابعها، مشيراً إلى أن القادة السعوديين نقلوا هذه الرسالة خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للرياض الأسبوع الماضي.


وأشار إلى أن الرسالة الأميركية تتيح لممثلي السلطة فقط الحق في "إبداء ملاحظات على مواد المبادرة خلال إجراء المفاوضات". ويجزم كاسبيت بأن نتنياهو عاجز عن ضمان موافقة حكومته على المبادرة بسبب طابع المواقف التي تتشبث بها الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم الذي يقوده، والذي يعد الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل.


ويشير كاسبيت إلى أن إسهامات إسرائيل المبكرة لإفشال المبادرة الأميركية تتمثل في رفض الأحزاب والحركات المشاركة في الائتلاف الحاكم كل بوادر حسن النية التي يطالب فريق ترامب بتقديمها للفلسطينيين، كخطوة سابقة للإعلان عن المبادرة.

ونوه إلى أن "بوادر حسن النية" التي التزم نتنياهو أمام الأميركيين بتقديمها للفلسطينيين ولم يعد قادراً على الوفاء بها بسبب رفض شركائه في الائتلاف الحاكم، تشمل تجميد البناء بشكل "جزئي وصامت" في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وتحويل مساحة من الأراضي في الضفة الغربية من تصنيف "ج"، وهي المناطق التي تملك فيها إسرائيل كل الصلاحيات الأمنية والمدنية إلى تصنيف "ب"، الذي تملك فيه السلطة الفلسطينية الصلاحيات المدنية، وهو ما يمكن الفلسطينيين البناء في هذه المناطق دون الحاجة إلى الحصول على تصاريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي.


وأوضح المعلق الإسرائيلي أن نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، التزما أمام الأميركيين بتوسيع حدود مدينة "قلقيلية" الواقعة شمال غرب الضفة الغربية، ومنحها مساحات كبيرة من الأرض لكي يتم تدشين مشاريع إسكان تضمن توفير 20 ألف وحدة سكنية جديدة؛ إلى جانب التزامهما بـ "تبييض" آلاف الوحدات السكانية التي بناها الفلسطينيون في منطقة "ج" بدون الحصول على ترخيص، مما يزيل خطر هدمها.


واستدرك أن معارضة قادة المستوطنين اليهود لبوادر حسن النية تجاه الفلسطينيين أجبرت أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن على رفض قائمة "بوادر حسن النية" جملة وتفصيلاً، مما يعني أن التعهد الذي قدمه نتنياهو وليبرمان للأميركيين غير قابل للتنفيذ.

وأوضح أن نتنياهو كان يتمنى لو نجح في اقناع زملائه بمنح المقترحات فرصة، على اعتبار أن الشروع في عملية تسوية في الوقت الحالي يقلص من المخاطر التي تتهدد مستقبله السياسي في ظل التحقيقات التي تجرى معه وعائلته، بشأن قضايا الفساد المختلفة.