عصفت سلسلة من الفضائح والأزمات بالحكومة البريطانية في الأيام العشرة الماضية، ووضعت استقرارها واستمرارها على المحك. فقد بدأت أصوات تتعالى بين السياسيين البريطانيين تنتقد ضعف موقف رئيسة الوزراء تيريزا ماي وتشكك في قدرتها على قيادة البلاد نحو خروج آمن من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ووصلت حكومة ماي إلى مرحلة حرجة بعد أن استقال وزيران منها خلال أسبوع، إضافة إلى سلسلة فضائح التحرش الجنسي التي طاولت عدداً كبيراً من نواب حزب المحافظين ووزرائه. كما أن الخلافات الداخلية ضمن الحكومة حول كيفية التعامل مع بريكست، وفشل الحكومة حتى الآن في تمرير قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في مجلس العموم، يقوّضان من الثقة بقدرة ماي على البقاء في "10 داونينغ ستريت" (مقر الحكومة).
وحذر عدد من النواب المحافظين من أن صورة الحكومة قد تدهورت أخيراً لدرجة قد تؤدي إلى فقدان الثقة الشعبية بقدرة ماي على إدارة البلاد. وقال النائب المحافظ والمرشح لقيادة الحزب، جوني ميرسر، في مقابلة مع صحيفة "تلغراف"، إن الحكومة "تفوح منها رائحة التدهور، والناخبين لا يرغبون برؤية ذلك". وأشار ميرسر إلى الخطأ الكامن في تسارع المحافظين للدفاع عن زملائهم، خصوصاً عندما يخطئون التصرف، كما هو الحال في فضائح التحرش الجنسي التي أدت إلى استقالة وزير الدفاع مايكل فالون، أو تمرد وزير الخارجية بوريس جونسون، أو سوء تصرف وزيرة التنمية الدولية السابقة بريتي باتيل. ورأى ميرسر أن ماي بحاجة إلى دماء جديدة في حكومتها، متهماً إياها بالفشل نتيجة اختيار وزرائها بناء على شهرتهم وانتمائهم لتيارات مختلفة في الحزب، عوضاً عن خبرتهم وقدرتهم على إدارة البلاد في مرحلة حرجة كالتي تمر بها بريطانيا حالياً.
ومما يزيد الطين بلة، أن رغبة ماي في الحفاظ على التوازن بين شقي حزبها، المؤيدين لبريكست مشدد يؤدي إلى انفصال تام عن الاتحاد الأوروبي، وبريكست مخفف يحافظ على العلاقات مع الاتحاد، إضافة إلى ضعف إرادتها، وفق ميرسر، أدت إلى وضعها في موقف ضعيف جداً. فاختيار ماي لغافين وليامسون وبيني موردون كبديلين لمايكل فالون وبريتي باتيل المستقيلين، على الرغم من عدم امتلاك أي منهما لخبرة وزارية مسبقة، وهو ما تتطلبه تحديات بريكست الحالية، يعود إلى موقفهما من الاتحاد الأوروبي، وذلك في محاولتها للحفاظ على التوازن بين أطراف حزبها في حكومتها.
كما ظهرت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي رسالة سرية إلى العلن، بعث بها جونسون، ووزير البيئة مايكل غوف، إلى رئيسة الوزراء، يطالبانها فيها باتّباع خطتهما بخصوص بريكست كلياً، وضرورة عدم تمديد الفترة الانتقالية التالية له بعد نهاية يونيو/حزيران 2021. كما حذر جونسون وغوف، المؤيدان لبريكست مشدد، رئيسة الوزراء من تصرفات وزير المالية فيليب هاموند، المحسوب على مؤيدي بريكست مخفف، والذي يريان أنه لا يمتلك "الطاقة الكافية" لتحقيق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
الوزيران، وانطلاقاً من علمهما بضعف موقف ماي، واعتقادهما بأنهما حاميا بريكست في الحكومة، يحاولان فرض شروطهما على ماي وإدارة كفة التفاوض. وهكذا، فإن رسالة مثل هذه لا تعكس إلا إدراكهما بعدم قدرة ماي على طردهما من الحكومة، وشعورهما بالخطر من رفض هاموند اتّباع نهجهما تجاه بريكست.
ويكشف هذا الوضع عن ارتهان ماي لمتطرفي بريكست في حكومتها، وهو ما كان وراء ترددها في طرد بريتي باتيل، والتي تعد من مؤيدي بريكست مشدد، بعد تصرفها خارج صلاحيتها وعقدها لقاءات عالية المستوى مع مسؤولين إسرائيليين من دون الرجوع إلى رئيسة الوزراء. وما كان طردها لها في نهاية المطاف إلا جراء الضغط الذي تعرضت له ماي من قبل الطرف الآخر من الحزب.
اقــرأ أيضاً
وما يزيد الأمر تعقيداً ارتفاع عدد النواب المحافظين المطالبين باستقالة ماي إلى 40 نائباً. ويحتاج النواب المتمردون إلى انضمام ثمانية آخرين من زملائهم إليهم للدفع بتصويت بنزع الثقة عن زعامة ماي للحزب، وفقاً لقوانين الحزب الداخلية. وكان 35 نائباً محافظاً قد طالبوا باستقالة ماي من رئاسة حزب المحافظين بعد خطابها الكارثي في مؤتمر المحافظين الصيف الماضي، ونجح هؤلاء في الحصول على خمسة أصوات إضافية بعد سلسلة الأزمات الأخيرة، وتدهور وضع مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، التي يحذر الطرفان الأوروبي والبريطاني من قرب انهيارها.
وتستغل الأحزاب المعارضة التصدّع الحاصل في صفوف الحزب الحاكم، إذ سيدعم تحالف منها وعلى رأسهم حزب العمال، تمرد نواب المحافظين في البرلمان البريطاني لإفشال مشروع قانون الحكومة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ويطالب هذا التحالف بمنح البرلمان حق التصويت على أي صفقة تعقدها الحكومة مع الاتحاد الأوروبي قبل تنفيذها، ومنح النواب القدرة على رفضها كلياً. إلا أن الجناح المتطرف في حزب المحافظين، وعلى رأسهم جونسون، يرفضون منح أي تنازلات للمتمردين، وهو ما يضع ماي في موقف لا تحسد عليه. وكانت ماي حذرت قبل أيام، النواب المؤيدين لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي من أنها "لن تسمح" بمحاولات العرقلة لإبطاء أو إيقاف خروج البلاد من الاتحاد. وكتبت ماي في صحيفة "دايلي تلغراف": "لن نسمح بأي محاولة لاستخدام أسلوب تعديل مشروع قانون لعرقلة إرادة الشعب البريطاني الديمقراطية، عبر محاولة إبطاء أو إيقاف انسحابنا من الاتحاد"، مضيفة "سنخرج من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/آذار 2019".
أما الاتحاد الأوروبي، الذي يتابع هذه التطورات في بريطانيا، ويمتلك صورة سلبية عن قدرة الحكومة الحالية على تنفيذ بريكست، فسيعقد زعماؤه قمتهم المقبلة في منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل لتقييم تقدّم المفاوضات الأولية من الطرفين. وتصريحات رئيس الوفد الأوروبي المفاوض، ميشال بارنييه، الذي أعطى فيها نظيره البريطاني مهلة أخيرة مدتها أسبوعان للتقدّم بعرض مفصل عن التزامات بريطانيا حول نقاط التفاوض الأولية بخصوص إيرلندا الشمالية وحقوق المواطنين وفاتورة الطلاق، تزيد من الضغوط التي تواجهها ماي، وتجعل من أي خطأ صغير مقبل كارثة سياسية بحق رئيسة الوزراء وحزبها المحافظ.
ووصلت حكومة ماي إلى مرحلة حرجة بعد أن استقال وزيران منها خلال أسبوع، إضافة إلى سلسلة فضائح التحرش الجنسي التي طاولت عدداً كبيراً من نواب حزب المحافظين ووزرائه. كما أن الخلافات الداخلية ضمن الحكومة حول كيفية التعامل مع بريكست، وفشل الحكومة حتى الآن في تمرير قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في مجلس العموم، يقوّضان من الثقة بقدرة ماي على البقاء في "10 داونينغ ستريت" (مقر الحكومة).
ومما يزيد الطين بلة، أن رغبة ماي في الحفاظ على التوازن بين شقي حزبها، المؤيدين لبريكست مشدد يؤدي إلى انفصال تام عن الاتحاد الأوروبي، وبريكست مخفف يحافظ على العلاقات مع الاتحاد، إضافة إلى ضعف إرادتها، وفق ميرسر، أدت إلى وضعها في موقف ضعيف جداً. فاختيار ماي لغافين وليامسون وبيني موردون كبديلين لمايكل فالون وبريتي باتيل المستقيلين، على الرغم من عدم امتلاك أي منهما لخبرة وزارية مسبقة، وهو ما تتطلبه تحديات بريكست الحالية، يعود إلى موقفهما من الاتحاد الأوروبي، وذلك في محاولتها للحفاظ على التوازن بين أطراف حزبها في حكومتها.
كما ظهرت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي رسالة سرية إلى العلن، بعث بها جونسون، ووزير البيئة مايكل غوف، إلى رئيسة الوزراء، يطالبانها فيها باتّباع خطتهما بخصوص بريكست كلياً، وضرورة عدم تمديد الفترة الانتقالية التالية له بعد نهاية يونيو/حزيران 2021. كما حذر جونسون وغوف، المؤيدان لبريكست مشدد، رئيسة الوزراء من تصرفات وزير المالية فيليب هاموند، المحسوب على مؤيدي بريكست مخفف، والذي يريان أنه لا يمتلك "الطاقة الكافية" لتحقيق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
الوزيران، وانطلاقاً من علمهما بضعف موقف ماي، واعتقادهما بأنهما حاميا بريكست في الحكومة، يحاولان فرض شروطهما على ماي وإدارة كفة التفاوض. وهكذا، فإن رسالة مثل هذه لا تعكس إلا إدراكهما بعدم قدرة ماي على طردهما من الحكومة، وشعورهما بالخطر من رفض هاموند اتّباع نهجهما تجاه بريكست.
ويكشف هذا الوضع عن ارتهان ماي لمتطرفي بريكست في حكومتها، وهو ما كان وراء ترددها في طرد بريتي باتيل، والتي تعد من مؤيدي بريكست مشدد، بعد تصرفها خارج صلاحيتها وعقدها لقاءات عالية المستوى مع مسؤولين إسرائيليين من دون الرجوع إلى رئيسة الوزراء. وما كان طردها لها في نهاية المطاف إلا جراء الضغط الذي تعرضت له ماي من قبل الطرف الآخر من الحزب.
وما يزيد الأمر تعقيداً ارتفاع عدد النواب المحافظين المطالبين باستقالة ماي إلى 40 نائباً. ويحتاج النواب المتمردون إلى انضمام ثمانية آخرين من زملائهم إليهم للدفع بتصويت بنزع الثقة عن زعامة ماي للحزب، وفقاً لقوانين الحزب الداخلية. وكان 35 نائباً محافظاً قد طالبوا باستقالة ماي من رئاسة حزب المحافظين بعد خطابها الكارثي في مؤتمر المحافظين الصيف الماضي، ونجح هؤلاء في الحصول على خمسة أصوات إضافية بعد سلسلة الأزمات الأخيرة، وتدهور وضع مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، التي يحذر الطرفان الأوروبي والبريطاني من قرب انهيارها.
أما الاتحاد الأوروبي، الذي يتابع هذه التطورات في بريطانيا، ويمتلك صورة سلبية عن قدرة الحكومة الحالية على تنفيذ بريكست، فسيعقد زعماؤه قمتهم المقبلة في منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل لتقييم تقدّم المفاوضات الأولية من الطرفين. وتصريحات رئيس الوفد الأوروبي المفاوض، ميشال بارنييه، الذي أعطى فيها نظيره البريطاني مهلة أخيرة مدتها أسبوعان للتقدّم بعرض مفصل عن التزامات بريطانيا حول نقاط التفاوض الأولية بخصوص إيرلندا الشمالية وحقوق المواطنين وفاتورة الطلاق، تزيد من الضغوط التي تواجهها ماي، وتجعل من أي خطأ صغير مقبل كارثة سياسية بحق رئيسة الوزراء وحزبها المحافظ.