12 نوفمبر 2024
تونس والحدث الجزائري
منذ بدأت التحركات الشعبية الواسعة في الجزائر ضد ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، لزمت الجهات الرسمية التونسية الصمت، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته القوى الحزبية المختلفة في البلاد، حيث لم تعلن القوى السياسية التونسية عن أي موقف، بشكل يُفصح عن رغبتها في عدم التدخل في الشأن الداخلي الجزائري، والرغبة في عدم التورّط في مواقف تحسب عليها، خصوصا أن السلطات الجزائرية حريصة على متابعة المشهد العام في تونس من قريب.
في ظل هذا الصمت الرسمي، وتغطية صحافية محتشمة من وسائل الإعلام التونسية، الرسمية والخاصة، منعت وزارة الداخلية في تونس محاولتين لتنظيم وقفات احتجاجية كان أبناء الجالية الجزائرية قرروا القيام بها يوم 1 مارس/ آذار الحالي أمام مقر سفارة بلادهم، والثانية في شارع الحبيب بورقيبة أمام المسرح البلدي، حيث اعتاد التونسيون على التظاهر والتعبير عن مواقفهم. وكان مبرّر الوزارة أن قرار المنع جاء على خلفية عدم حصولهم على ترخيص مسبق للتظاهر، فيما أكد المنظمون أنهم استوفوا الشروط القانونية، ولكنهم فوجئوا بقرار المنع في اليوم المحدّد. ويؤكد هذا الموقف الرسمي توجه السلطات التونسية الحريص على عدم إثارة التوتر مع السلطات الحاكمة في الدولة الجارة التي دأبت على القيام بأدوار مختلفة في الشأن التونسي بشكل غير معلن.
ظلت العلاقات الجزائرية التونسية ذات أهمية إستراتيجية، حيث حرص نظام الحكم في الجزائر على الحفاظ على علاقته بتونس، بغض النظر عن أي تغير سياسي يحصل في البلاد، وهو أيضا ما تحرص عليه النخبة السياسية في تونس بالمثل، وهذا ما يُلاحظ بصورة عامة، فالحكومة الجزائرية، وبعد ثورة تونس، وعلى الرغم من حالة التوجس التي صاحبت سقوط نظام بن علي، حاولت أن تدعم الحكومات المتوالية في تونس، بغض النظر عن الطرف الذي يمسك مقاليد السلطة، سواء الترويكا أو الحكومات المتعاقبة زمن رئاسة الباجي قائد السبسي، فعلاقة الجزائر بتونس ليست مع الحكم القائم، بقدر ما هي مع الدولة التونسية ككيان، حيث تواصل التنسيق الأمني بين البلدين في مواجهة جماعات العنف، وظلت الجزائر تدعم خيار التوافق الوطني التونسي.
ويختلف الموقف الرسمي بالتأكيد عما يدور على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث لا تخفى
مظاهر التأييد التي يبديها جزء مهم من الشارع التونسي مع مطالب المتظاهرين في الجزائر التي يعتبرها هؤلاء أمرا مشروعا، وأن استمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم يناقض الديمقراطية، من دون أن يتعارض هذا الموقف مع حرص الشارع التونسي على أن يتم التحول السياسي في الجزائر في كنف السلمية، بعيدا عن العنف والفوضى، لإدراك الجميع التأثير المحتمل لتطورات المشهد الجزائري على الوضع في تونس.
ما يثير الانتباه في الموضوع هو تدشين مجموعاتٍ من الشباب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "لا للعهدة الثانية"، تدعو إلى عدم انتخاب الباجي قائد السبسي. ومن الواضح أن الشعار الذي تم اعتماده مستوحىً من الحراك الشعبي الجزائري ضد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة.
يتبادل الحراك الثوري في المنطقة العربية التأثير، ومثلما كان لثورة تونس امتدادها في عدة دول عربية، فإن ما يجري في الجزائر اليوم شكل مناسبةً لإحياء الشعارات الثورية في تونس، خصوصا بعد حالة من التراجع الثوري، نتيجة فوز القوى التابعة للنظام السياسي السابق في انتخابات سنة 2014، ويمكن القول إن أي تحول سياسي في الجزائر ستكون له تبعاته وآثاره على الانتخابات المقبلة في تونس، نظرا إلى حالة التداخل الكبيرة بين الشعبين، التونسي والجزائري. وعلى الرغم من الصمت الرسمي والحزبي في تونس، فإن هذه المواقف المرتبطة بحسابات ومصالح مع السلطة القائمة في الجزائر لن تمنع إمكانية التأثير على المشهد الانتخابي التونسي من ناحيتين: أولاهما الرغبة في التغيير وإبعاد الجيل القديم من تصدر مواقع المسؤولية، والثانية الضغط على قوى النظام القديم، ووقف اندفاعها السريع نحو إعادة البلاد إلى مربع ما قبل الثورة، فالجماهير تتبادل التأثير والتعاطف، خصوصا في المنطقة العربية، حيث تتشابه المشكلات، وتتماثل الأزمات، وتستفيد الأنظمة من خبرات بعضها بعضا، خصوصا في تقنيات الخداع والقهر.
في ظل هذا الصمت الرسمي، وتغطية صحافية محتشمة من وسائل الإعلام التونسية، الرسمية والخاصة، منعت وزارة الداخلية في تونس محاولتين لتنظيم وقفات احتجاجية كان أبناء الجالية الجزائرية قرروا القيام بها يوم 1 مارس/ آذار الحالي أمام مقر سفارة بلادهم، والثانية في شارع الحبيب بورقيبة أمام المسرح البلدي، حيث اعتاد التونسيون على التظاهر والتعبير عن مواقفهم. وكان مبرّر الوزارة أن قرار المنع جاء على خلفية عدم حصولهم على ترخيص مسبق للتظاهر، فيما أكد المنظمون أنهم استوفوا الشروط القانونية، ولكنهم فوجئوا بقرار المنع في اليوم المحدّد. ويؤكد هذا الموقف الرسمي توجه السلطات التونسية الحريص على عدم إثارة التوتر مع السلطات الحاكمة في الدولة الجارة التي دأبت على القيام بأدوار مختلفة في الشأن التونسي بشكل غير معلن.
ظلت العلاقات الجزائرية التونسية ذات أهمية إستراتيجية، حيث حرص نظام الحكم في الجزائر على الحفاظ على علاقته بتونس، بغض النظر عن أي تغير سياسي يحصل في البلاد، وهو أيضا ما تحرص عليه النخبة السياسية في تونس بالمثل، وهذا ما يُلاحظ بصورة عامة، فالحكومة الجزائرية، وبعد ثورة تونس، وعلى الرغم من حالة التوجس التي صاحبت سقوط نظام بن علي، حاولت أن تدعم الحكومات المتوالية في تونس، بغض النظر عن الطرف الذي يمسك مقاليد السلطة، سواء الترويكا أو الحكومات المتعاقبة زمن رئاسة الباجي قائد السبسي، فعلاقة الجزائر بتونس ليست مع الحكم القائم، بقدر ما هي مع الدولة التونسية ككيان، حيث تواصل التنسيق الأمني بين البلدين في مواجهة جماعات العنف، وظلت الجزائر تدعم خيار التوافق الوطني التونسي.
ويختلف الموقف الرسمي بالتأكيد عما يدور على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث لا تخفى
ما يثير الانتباه في الموضوع هو تدشين مجموعاتٍ من الشباب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "لا للعهدة الثانية"، تدعو إلى عدم انتخاب الباجي قائد السبسي. ومن الواضح أن الشعار الذي تم اعتماده مستوحىً من الحراك الشعبي الجزائري ضد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة.
يتبادل الحراك الثوري في المنطقة العربية التأثير، ومثلما كان لثورة تونس امتدادها في عدة دول عربية، فإن ما يجري في الجزائر اليوم شكل مناسبةً لإحياء الشعارات الثورية في تونس، خصوصا بعد حالة من التراجع الثوري، نتيجة فوز القوى التابعة للنظام السياسي السابق في انتخابات سنة 2014، ويمكن القول إن أي تحول سياسي في الجزائر ستكون له تبعاته وآثاره على الانتخابات المقبلة في تونس، نظرا إلى حالة التداخل الكبيرة بين الشعبين، التونسي والجزائري. وعلى الرغم من الصمت الرسمي والحزبي في تونس، فإن هذه المواقف المرتبطة بحسابات ومصالح مع السلطة القائمة في الجزائر لن تمنع إمكانية التأثير على المشهد الانتخابي التونسي من ناحيتين: أولاهما الرغبة في التغيير وإبعاد الجيل القديم من تصدر مواقع المسؤولية، والثانية الضغط على قوى النظام القديم، ووقف اندفاعها السريع نحو إعادة البلاد إلى مربع ما قبل الثورة، فالجماهير تتبادل التأثير والتعاطف، خصوصا في المنطقة العربية، حيث تتشابه المشكلات، وتتماثل الأزمات، وتستفيد الأنظمة من خبرات بعضها بعضا، خصوصا في تقنيات الخداع والقهر.