تونس: مواطنون ونواب يطالبون بإعدام قاتل الطفل ياسين

19 مايو 2016
الحادثة أججت الرأي العام (Getty)
+ الخط -

صدمت حادثة مأساوية الرأي العام في تونس، والذي تابع على مدار يومين قصة اختطاف الطفل ياسين (4 سنوات)، أول من أمس، من أمام حضانة أطفال، حتى العثور على جثته، مجددا، الحديث حول ضرورة تطبيق عقوبة الإعدام.

وذكّرت الفاجعة الأليمة بقصة سفاح نابل، أشهر وأخطر مجرم عرفته الذاكرة التونسية، والذي اشتهر باختطاف الأطفال القُصر، واغتصابهم ثم قتلهم، وكذلك قصة الطفل ربيع، الذي اختطف في عام 2012، وقتل على يد عماته وزوج إحداهن من أجل استخراج كنز.

وطالب سياسيون ونشطاء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بإعدام قاتل الطفل ياسين في ساحة عامة، محملين القضاء مسؤولية تسليط أشد العقوبات على القاتل، واصفين ما حصل بالمأساة والفاجعة الأليمة.

وفي تفاصيل القصة، كان الطفل ياسين برفقة شقيقته لندة (11 عاما)، بعدما اصطحبته كعادتها إلى حضانة الأطفال بمنطقة السمران بباردو، ليقترب منهما شاب على متن دراجة نارية، محاولا استدراج الفتاة، وأمام رفضها مرافقته، عمد إلى خطف شقيقها ياسين، ومن ثم قتله في غابة.

النائبة عن حركة "النهضة"، يمينة الزغلامي، حمّلت نفسها ورئيس الحكومة، الحبيب الصيد، ووزراءه مسؤولية حماية الطفولة، خصوصاً أطفال الأحياء الشعبية من مثل هذه الاعتداءات.

وقالت الزغلامي، لـ"العربي الجديد"، إن غالبية الشعارات التي رُفعت بين أهالي وجيران الطفل ياسين، طالبت بتطبيق عقوبة الإعدام على القاتل، مؤكدة أنها مع تنفيذ هذه العقوبة في مثل هذه الجرائم.

وأكدت أنه لا وجود لمواضيع محظورة، بل يجب النقاش مجدداً حول نوعية هذه القضايا البشعة، مشيرة إلى أنها لن تتدخل في أحكام السلطة القضائية، ولكنها مطالبة كغيرها من النواب بتشريع الفصول والقوانين التي تتيح تطبيق عقوبة الإعدام.



وأوضحت الزغلامي أن الجريمة لا تقل بشاعة عن الجرائم الإرهابية، مبينة أنه تم إقرار الإعدام في حق الإرهابيين، وذلك بعد عدة نقاشات وجلسات داخل مجلس نواب الشعب، وكذلك الشأن في مسألة الاتجار بالبشر، وأنه حان الوقت لتطبيق هذه العقوبة على مغتصبي وقاتلي الأطفال.

وعزت تفشّي هذا النوع من الجرائم إلى التدني الأخلاقي، وغياب القيم والحوار الأُسري وانتشار المخدرات، معتبرة أنه لا بد من مراجعة جذرية لعديد القوانين.

ولفتت النائبة إلى أنها زارت اليوم عائلة الطفل ياسين، وأن والدته كانت في حالة حرجة، أما والده فقد حمّلهم، كنواب، مسؤولية سن التشريعات اللازمة، مطالبا بإعدام القاتل.


في السياق، قال المختص في علم الاجتماع، شهاب اليحياوي، لـ"العربي الجديد" إنّ ما استفز الرأي العام في تونس، وشكل صدمة للكثيرين، أن الحادثة كانت مجانية، ففي أغلب الحالات التي تكون فيها أسباب الاختطاف والقتل واضحة، كحصول مشاكل في الإرث، أو الثأر أو الانتقام، فإن وقع الصدمة يصبح أقل وتكون الدوافع واضحة لدى الرأي العام، أما عندما تكون الحادثة مجانية وبدون سبب، فإن الشعور بالصدمة يكون أقوى.

وأوضح اليحياوي، أن الشعور بتراجع الثقة في القضاء، وعدم نجاعة المؤسسة السجنية في معاقبة الجناة، وغياب الدور التعديلي للعقاب، أسباب دفعت عددا كبيرا من التونسيين إلى المطالبة بتنفيذ عقوبة الإعدام.

ولفت إلى أنّ مثل هذه القضايا لم تكن تحظى بتغطية من قبل وسائل الإعلام المحلية قبل الثورة، لكن أمام حرية التعبير والاهتمام بنقل أدق التفاصيل، فإن التونسيين أصبحوا يتفاعلون مع مثل هذه القضايا، ويطالبون بأشدّ العقوبات لمرتكبيها، معتبرين أنه يجب التخلص من هؤلاء الأشخاص الذين يشكلون خطراً على المجتمع.

واعتبر المختص في علم الاجتماع، أن الطفل ياسين، لا ذنب له سوى أنه كان ضحية مريض نفسي، أو متهم لم يكن في حالته الطبيعية، ربما نتيجة الإدمان أو الانقطاع عن تناول المخدرات، مستطرداً أنه مهما كانت الدوافع فإنّه لا مبرر لما فعله.

المتهم الذي اختطف الطفل ياسين وقتله، مشهور باسم "شلانكا"، ويعمل رقيباً في الجيش الوطني، كما أنه حاول يوم الحادثة اختطاف أطفال آخرين وفشل في مهمته.



من جهته، قال مسؤول من جمعية ضباط قدماء الجيش الوطني، الضابط أنور دبيش، لـ"العربي الجديد"، إنه يؤيد تنفيذ عقوبة الإعدام، فالتسامح لا يكون مع من يقتل شيخاً أو طفلاً بدون أي ذنب ويحطم حياة أسرة بجريمة مجانية.

وأوضح أن القضاء العسكري سبق وأصدر حُكميْن بالإعدام على جنديين منذ حوالي 20 عاما، ارتكبا جرائم قتل، أحدهما في حق والد زوجته، وآخر في حق أفراد عائلته، ولكن الأحكام لم تنفذ. وأضاف أن الجرائم التي تُحال إلى القضاء العسكري تكون عادة مشددة.

في حين أوضح أحد الآباء، أنه تلقى اتصالا من زوجته أعلمته بأن ابنه تعرّض لمحاولة اختطاف، مضيفا أنه انتقل إلى عين المكان وعرف أن الشاب حاول استدراج ابنه وطفل آخر، وأنه طلب منهما مرافقته إلى ملهى قريب في المنطقة، واعدا إياهما بتقديم الحلوى والألعاب.

وأضاف أن ابنه وصديقه لاذا بالفرار، فحاول استدراج طفل آخر، لولا تدخل والدته التي كانت بالقرب منه. مؤكدا أن القاتل تمكن من اختطاف الطفل "ياسين"، وعمد إلى إغلاق فمه لمنعه من الصراخ، ثم لاذ بالفرار على متن دراجته النارية.

وأكدت عائلة المتهم، أن ابنهم يعاني من اضطرابات عقلية، وأنه بدا مضطرب السلوك في الفترة الأخيرة. كما أنه عمد، في وقت سابق، إلى تعنيف والدته في مناسبات عديدة، ودخل السجن بتهمة معاقرة الخمر.