تونس: مقتل 12 عاملة فلاحة في حادث سير بسيدي بوزيد

27 ابريل 2019
حادث سير مروع (فيسبوك)
+ الخط -
استفاق التونسيون، صباح اليوم السبت، على فاجعة جديدة بوفاة 12 عاملة وعامل فلاحة وإصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في حادث سير خطير في منطقة السبالة بمحافظة سيدي بوزيد.

وفي السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم قوات الحرس الوطني في تونس، العقيد حسام الدين الجبابلي لـ"العربي الجديد"، وفاة 13 شخصاً إثر حادث اصطدام مروع لشاحنة تقل عاملات في الفلاحة بشاحنة أخرى مخصصة لنقل الدجاج في منطقة السبالة بمحافظة سيدي بوزيد، اليوم السبت.

وتتمثل الحادثة في اصطدام شاحنتين تقل الأولى ما يناهز 30 عاملة في المجال الفلاحي كانت متجهة نحو المزارع والحقول في منطقة المغيلة، فيما اعترضتها شاحنة ثانية مخصصة لنقل الدواجن على طريق "السبالة" بمحافظة سيدي بوزيد.

وبحسب شهود عيان من بين المصابين، فقد وقع الحادث فجر اليوم عند الساعة 5:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، في وقت لم تصل الإسعافات إلا بعد ساعتين من الحادث.

بدوره، قال مدير الحماية المدنية بسيدي بوزيد، العقيد محمد الجوادي، إنه تم تسجيل وفاة 12 عاملة في المجال الفلاحي وإصابة 20 آخرين في حادث المرور بمعتمدية السبالة من محافظة سيدي بوزيد وسط البلاد.

وأشار في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن سيارات الإسعاف والحماية المدنية تولت نقل 11 ضحية قضت في عين المكان إلى المستشفى المحلي بالسبالة، فيما نقلت حالة أخرى إلى المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد وتوفيت هناك.

ووصف المسؤول الحادث بالمروع، مشيراً إلى أنه سخرت له 7 سيارات إسعاف طبية وسيارات الحماية المدنية لنقل الضحايا والمصابين لتلقي العلاج.

ويأتي هذا الحادث بعد يوم واحد من وقوع حادث مروري مماثل في محافظة القيروان وسط غرب البلاد، أصيبت خلاله 9 عاملات فلاحة تم نقلهن إلى المستشفى الجهوي بالمنطقة.

ودعا عضو منتدى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، رمضان بن عمر، الحكومة التونسية إلى تحمل مسؤوليتها كاملة، والبحث والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة من خلال تتبع مخالفي القانون الذين يواصلون نقل عاملات الفلاحة في وسائل نقل غير مخصصة للغرض.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة مطالبة بإلزام جميع الأطراف والمشغلين باحترام العلاقات الشغلية التي يكفلها الدستور، وضمان حق الشغل والأجر اللائق والحماية والتغطية الاجتماعية التي يفرضها القانون التونسي والمواثيق الدولية للشغل ولحقوق الإنسان.

ورجح الخبير أن عدد الوفيات في حوادث مماثلة بلغ ما يناهز 35 وفاة وقرابة 500 إصابة في صفوف نساء عاملات في القطاع الفلاحي، بسبب ظروف النقل غير الآمن خلال السنوات الأربع الأخيرة، أي بمعدل 8 إلى 9 وفيات سنويا جراء الحوادث.

ودعا إلى وضع خطة شاملة لوقف جميع مظاهر التشغيل الهش للنساء في القطاع الفلاحي، والالتفات أكثر إلى هذه الفئة المهمشة والهشة في الاقتصاد الوطني.

واهتزّ التونسيون للحادث المروع الذي حصل في محافظة سيدي بوزيد رمز الثورة التونسية ومهدها، إذ وصفوا الضحايا من النسوة الكادحات بالشهيدات وبأيقونات النضال من أجل الكرامة ولقمة العيش الشريف في محافظة ما زالت تعيش صعوبات في التنمية والتشغيل.

ووصف مراقبون الحادث بالموت الجماعي الذي عرى من جديد ظروف عمل المرأة التونسية في المجال الفلاحي ومدى الانتهاكات والاستغلال الاقتصادي، في غياب كامل للحماية الاجتماعية والتغطية والتأمين على الحياة، من خلال تكرر استعمال شاحنات الموت لنقل الفلاحات وعمال الحضائر (عمال بعقود مؤقتة) دون أدنى حماية أو رعاية.


وتتزامن الفاجعة مع توجيه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بالأمس، وزراءه نحو مختلف محافظات البلاد بهدف مناقشة مشاكل النقل ليصدموا بكارثة وطنية جيشت مشاعر التونسيين وعمقت آلامهم.

وطالب التونسيون في مواقع التواصل الاجتماعي، بمحاسبة الجناة وإعلان الحداد الوطني، فيما دعا آخرون إلى إقالة محافظ سيدي بوزيد ووزيري الفلاحة والنقل، وذهب البعض الآخر إلى مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان وتكوين لجنة تحقيق في الغرض.

من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد سفيان الزعق، لـ"العربي الجديد" أنه تم فتح بحث تحقيقي على مستوى فرقة حوادث المرور بالإقليم الوطني بمحافظة سيدي بوزيد حول "فاجعة السبالة".

وأشار الزعق إلى أن مختلف السلطات تنسق فيما بينها بتسخير جميع الإمكانيات اللازمة لنقل وعلاج والإحاطة بالمصابين وعائلات الضحايا.

ومن جانبه قال محافظ سيدي بوزيد، محمد صدقي بوعون، في تعليقه على فاجعة "السبالة" إنه سيتم الضرب بقوة على يد المخالفين والسماسرة الذين ينقلون عمال القطاع الفلاحي بطريقة غير قانونية.

وأضاف في تصريح صحافي، أن السلطات المعنية نبّهت في وقت سابق من هذه المخاطر وتصدت لهم، لكنهم اعتبروا ذلك "قطعا للأرزاق". 

وهاجمت النائبة عن حزب النهضة الحاكم، يمينة الزغلامي، وزيرة المرأة نزيهة العبيدي التي رفضت تمرير قانون لزجر نقل عاملات الفلاحة بشكل فوضوي وعشوائي. وقالت الزغلامي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن رئاسة الحكومة تتحمل رأسا هذه الفاجعة، مشيرة إلى أنها طالبت منذ سنتين بضرورة المصادقة على قانون لحماية النساء العاملات في القطاع الفلاحي وأن يكون هذا القانون زجريا لكن وزارة المرأة ارتأت حل المأساة باتفاقية فقط.

وأضافت الزغلاني بأن الحل واضح للقضاء على هذه الجريمة من خلال تمرير قانون ينص على عقوبات صارمة، وشراء حافلات لائقة توزع على المناطق بكل المحافظات ودعوة المجتمع المدني وأصحاب الخير للتبرع بدون تعقيدات إدارية وبيروقراطية.

من جانبها بينت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة، نزيهة العبيدي، أن مسؤولية حادث مرور عمال الفلاحة الذي جد اليوم بسيدي بوزيد، مسؤولية مشتركة يتحملها أيضا وبنسبة كبيرة سائق الشاحنة الذي نقل العمال بطريقة غير قانونية.

وأضافت في تصريح صحافي خلال إشرافها على الحوار الجهوي للنقل بالكاف، أن الحكومة تحملت مسؤوليتها وقامت بوضع خطة وطنية، إلا أن هناك من لا يحترم القانون.

وفي تعليقه على الحادثة، قال وزير الداخلية هشام الفوراتي، إنّ تكرار الحوادث التي تروح ضحيتها عاملات القطاع الفلاحي، يستدعي إيجاد حلول جذرية للحد منها، من خلال منح تراخيص استثنائية لتنظيم عمليات النقل العرضي للعاملات.

وأضاف الفوراتي أن التصدي للنقل العرضي أمر غير ممكن بالنظر للمسارات التي تسلكها هذه الشاحنات، والتي تكون عادة مسالك فلاحية، أي بعيدا عن أنظار دوريات الحرس الوطني، كما أن تحرير محاضر المخالفات المرورية ضد أصحاب هذه الشاحنات يسبب عديد الإشكالات مع العمال.

وشدد لدى حضوره في محافظة القيروان في إطار برنامج أسبوع النقل الذي أطلقه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، على أن هذا البرنامج سيتناول بالدرس كافة الإشكاليات التي تواجه قطاع النقل في تونس، بما في ذلك النقل العرضي لعاملات القطاع الفلاحي.

دلالات