تونس: لا حماسة سياسية لمقترحات سعيّد بتعديل نظام الحكم

20 أكتوبر 2019
طرح سعيّد أفكاراً عدة طموحة(ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -


يشدّد رئيس الجمهورية التونسية المنتخب قيس سعيّد على أن تونس بحاجة إلى رؤية مغايرة وبديلة للحكم والتنمية، تعيد الاعتبار إلى المواطن والجهويات كفاعلين أساسيين للمشاركة في إدارة الشأن العام، مؤكداً أن الإصلاحات الحقيقية التي من شأنها أن تغيّر الواقع تحتاج إلى آليات ووسائل جديدة، وهو ما سيحرص مشروعه على تحقيقه من أجل إرساء مجتمع القانون، لا فقط دولة القانون. ويكشف سعيّد أن برنامجه الانتخابي يتضمن إعادة بناء النظام السياسي والإداري من المحلي إلى المركزي، وتحويل طريقة الاقتراع من نظام القوائم إلى نظام الأفراد، باعتبارها الطريقة الأمثل للتعبير عن الإرادة الحقيقية للناخبين، وإخضاع وكالة النائب في أيّ مجلس منتخب لإمكانية الطعن في نيابته، حتى يكون المنتخَب مسؤولاً باستمرار أمام ناخبيه.

تعليقاً على كلام رئيس الجمهورية، أكد القيادي في الحزب الجمهوري عصام الشابي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ سعيّد حظي بثقة التونسيين ويعبّر عن إرادة الشعب، بعد فوزه بأغلبية الأصوات، محققاً نتيجة عريضة، وسبق له أن أعلن أنه سيدافع عن تطبيق الدستور واحترامه. وذكر أنّه بقطع النظر عن تفاصيل برنامجه الانتخابي، إلا أن هناك أولويات يجب التركيز عليها، وهي التحديات التي ستفرضها المرحلة المقبلة من إصلاحات ومطالب عاجلة بعيداً عن تعديل الدستور الذي يتطلب وقتاً، وسيدخل تونس في تجاذبات هي في غنىً عنها. وأشار إلى أن فكرة إعادة بناء النظام السياسي والتوجه من المحلي إلى المركزي لا يمكن تجسيدها على أرض الواقع، وفي محاولة تغيير النظام السياسي تغيير للدستور.

وأوضح الشابي أن العالم يتغير، واليوم هناك آليات أكثر تطوراً للحكم، وهو ما يتجسد في تجارب البلدان المتقدمة، بالتالي فإن العودة إلى الحكم المحلي بقطع النظر عن سلبياته وإيجابياته، مقترح غير عملي ولا يمكن أن يُطبّق في تونس، لأن المطلوب هو الشروع في الإصلاحات العاجلة وإنقاذ البلاد.

من جهته، اعتبر القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري، أن النهضة تساند قيس سعيّد في مهماته الجديدة، وفي جملة من الأهداف التي دعا إليها، ومنها دعم المسار الديمقراطي ومقاومة الفساد وحماية الحريات، خصوصاً أنه تعهّد بالدفاع عن مطالب الثورة ومواصلة المسار الثوري ودعم الشباب، وهي مطالب تتبناها حركة النهضة. ولفت إلى أن هذه النقاط مشتركة، أما الفكرة من الحكم المحلي إلى المركزي، فلم يقدمها سعيّد ضمن برنامج مفصل وواضح لتحكم من خلاله النهضة على الفكرة أو المقترح، لافتاً إلى أن المسألة غير مطروحة حالياً ولا يمكن العمل إلا بالمقترحات الرسمية المبلورة ضمن برنامج واضح المعالم والأبعاد، وحينها يمكن نقاش الأفكار وتقييمها. وأشار البحيري إلى أنّ تونس ليست بحاجة إلى مثل هذا التغيير، ولكنها قد تكون فكرة من اقتراحات عدة، ولكنهم سيتعاملون مع الأفكار العملية التي تكون قابلة للتجسيد، والتي تساعد على النهوض بتونس وتحقيق أهداف الثورة، إذ لا معنى حالياً لحكم محلي وإعادة بناء النظام السياسي.



وأكدّ القيادي في التيار الديمقراطي غازي الشواشي، أنّ قيس سعيّد انتخبه الشعب التونسي، ويستعد لأداء اليمين الدستورية ليُنصّب رسمياً، في انتظار كلمته التي سيلقيها أمام الشعب التونسي، مبيناً أن على الرئيس المنتخب تحديد أولوياته، ولا أحد يرى، سواء من السياسيين أو التونسيين، أن الأولوية تكمن في تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي، ولا أحد سيهتم إن كان سيجري الانتخاب من المحلي إلى القواعد، أقلّه في المرحلة الحالية.

وأوضح أن إعداد الدستور تطلب 3 سنوات من النقاشات والجدل، وشهداء ضحوا بحياتهم وعمليات إرهابية واغتيالات سياسية وركود اقتصادي، وتونس كانت على مشارف الهاوية، وصُدِّق على الدستور بغالبية 200 نائب من أصل 216 نائباً. والجميع اعترف بأنه دستور البلاد، مضيفاً أن تجسيد هذا المقترح يتطلب تعديل الدستور الذي أجمع عليه طيف واسع من السياسيين، وتتطلّب مراجعته محكمة دستورية واستقرار اقتصادي وسياسي للمناقشة، وتوفير أرضية للجدل حول التوجه، في الوقت الذي تعيش فيه تونس أزمة اقتصادية واجتماعية.

واعتبر الشواشي أن هذه الرؤيا غير قابلة للتطبيق ولا يمكن التصديق عليها أو حتى تمريرها، مشيراً إلى أنهم كنواب في التيار الديمقراطي سيرفضون أي مبادرة لتعديل الدستور، لا لأن الدستور مثالي ولا يقبل المراجعة، بل لأنه لا يُعَدّ أولوية، ولأن الأوضاع الحالية تحتم مواجهة التحديات المطروحة أولاً، معتبراً أن الأفكار التي يملكها الرئيس الجديد، بقطع النظر عن إيجابياتها أو سلبياتها، تناقش في أوانها، إذ ليس من أولويات تونس تغيير النظام السياسي الحالي.

وأفاد القيادي في الجبهة الشعبية عمار عمروسية، في تصريح لـ"العربي الجديد" بأنّ هذا المقترح موغل في الطوباوية والشعبوية، ولا يمكن أبداً تغيير النظام السياسي والانطلاق من المحلي إلى المركزي، وجعل الحكم بيد الأفراد. ورأى أن هناك فرقاً بين برامج المرشحين للرئاسيات الذين يعتمدون في التسويق لبرامجهم على الشعبوية وعلى وعود لا يمكن تحقيقها. وقال عمروسية إنّه لا يمكن الحكم على الوعود، لأنه سرعان ما يجري تناسيها، ولكنه يخشى ألا يجد الشعب مصاباً بخيبة أمل بعد أن يكتشف الفرق بين ما يردده الطامحون في الوصول إلى السلطة، وما يحصل في الواقع.