يخوض عمال الحضائر التونسيون (عاملون بوظائف مؤقتة أو عقود محددة المدة) العاملون بمؤسسات عمومية عدة وفي البستنة والفلاحة والبلديات بأجور متدنية، إضراباً مفتوحاً، لعدم تفعيل الاتفاق الخاص بتسوية وضعياتهم المهنية، رغم مضي ثماني سنوات على الثورة والوعود المنتظرة دون تحريك ملفهم.
ويأتي هذا التصعيد بعد الوقفة الاحتجاجية التي نفذها أمس الاثنين عمال الحضائر في قصر الحكومة بالقصبة، من دون تحقيق أية نتائج تذكر، وظلت الأزمة تراوح مكانها.
وأكّدت نبيلة المنياوي من محافظة سليانة، إحدى المعنيات بملف الحضائر، أن اعتصامهم مفتوح وسيظلون مرابطين بالقصبة، لأن الحكومة تجاهلتهم وأقصتهم من ميزانية 2019. وأوضحت لـ"العربي الجديد" أن عمال الحضائر فوّضوا 4 أعضاء من مجمع التنسيقيات الجهوية الخاصة بهم للتفاوض مع الوفد الحكومي الذي قدّم لهم مقترحين، إما الحصول على مبلغ لا يتعدى 13 ألف دينار (نحو 4 آلاف دولار) ومغادرة العمل، أو العمل بحسب طريقة المناولة، أي العمل بحسب عقود عمل هشة لدى المؤسسات الخاصة.
وقالت نبيلة إن مطلبهم الأساسي هو تفعيل اتفاقية 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 والإيفاء بالالتزامات السابقة التي تتضمّن جدولة واضحة لعمال الحضائر، خصوصاً أن الاتفاق نصّ على تسوية الملف خلال شهر مارس/ آذار الماضي، ووضع جدولاً واضحاً لتسوية الأوضاع على مراحل. كذلك أشارت إلى أنّ العدد الحقيقي لعمال الحضائر ليس 89 ألفاً كما يروج بعضهم، بل هو في حدود 56 ألفاً، من بينهم 27 ألف عامل في الفلاحة، و4 آلاف من حملة الشهادات الجامعية.
وبيّنت نبيلة، وهي أم لطفلين، أنها متخرجة من الجامعة ودرست الحقوق، لكنها تعمل حالياً قيّمة في معهد منذ ثماني سنوات، وتتقاضى 350 ديناراً، أي نحو 150 دولاراً، في حين هناك بين الموظفين من لا يحمل شهادة ويتقاضى ضعفي راتبها. ولفتت إلى أن عمال الحضائر يعملون توقيتاً كاملاً، ويتحملون عبئاً كبيراً من العمل، إلا أن أبسط حقوقهم غائبة. وأشارت إلى أنّ زوجها متخرج من الجامعة وعاطل عن العمل.
أما الشاب رستم الرياحي، فقد أوضح لـ"العربي الجديد" أنهم يشعرون بخيبة أمل كبيرة، "فالحكومة تريد العودة بهم إلى المربع الأول، وبعد 8 سنوات من الثورة والانتظار والآمال يقترحون علينا العمل بالمناولة"، مبيناً أنهم يعملون بأغلب إدارات المؤسسات الحكومية ويتحملون أعباء كبيرة. وقال: "اخترنا طيلة تلك الأعوام عدم المطالبة بالترسيم مراعاة لوضع البلاد رغم تقاضي مبالغ زهيدة، ولكن مع ذلك هناك إصرار على تسويف مطالبنا".
وأكد رستم أنهم طيلة 7 سنوات كانوا يتقاضون مبلغاً زهيداً، رغم أن أغلبهم من أصحاب الوضعيات الاجتماعية الصعبة ورغم غلاء المعيشة، مبيناً أن "عمري 40 عاماً ولم أتزوج، فأي أسرة يمكن أن أكونها براتب بسيط لا يفي القوت وفي مثل هذا الوضع الهش".
وأوضح فتحي محمدي من القصرين أنه يعمل في مؤسسة تربوية وأن والده متوفٍّ، وفي كفالته والدته المسنة، ومع ذلك راتبه الزهيد لا يلبي أبسط الضروريات، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "مقترح المناولة مهين وغير مقبول".
ولفت إلى معاناتهم من مشقّة الوصول إلى العاصمة لرفع الصوت وإعلان مطالبهم، موضحاً أن من بينهم من قدم من الشمال وآخرين من الجنوب، متحملين التعب والترقب وكلفة النقل، إلا أنهم أصيبوا بمزيد من الإحباط واليأس فلا أحد يشعر بآلامهم.