تونس: رجال الأعمال يعدون بالتصدي لأزمة البطالة

06 فبراير 2016
تونسي يحاول إحراق نفسه في احتجاجات على البطالة (الأناضول)
+ الخط -
وعدت منظمة رجال الأعمال في تونس بالتدخل لتذليل الصعوبات أمام الشباب الراغبين في خلق مشروعات خاصة، وذلك فيما يتعلق بتوفير التمويل الذاتي وخطط التنفيذ.
ورغم وجود مصرفين مختصين في تمويل المشاريع الشبابية (مصرف للمشاريع الصغرى والحرفية ومصرف للمؤسسات المتوسطة) إلا أن نسبة المشاريع الجديدة لا تزال دون المأمول، وفق المراقبين للشأن الاقتصادي، نظرا لصعوبة الإجراءات الإدارية والمالية لهذه المصارف.
وتعهدت رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوي، بعقد جلسة عمل مع عدد من هؤلاء الشباب وخاصة المنتمين منهم إلى الجهات الداخلية للبحث معهم عن حلول للمشاكل التي يواجهونها.
واعتبرت بوشماوي، في بيان صحافي أول من أمس، أن الإقبال على المبادرات الخاصة يعكس مدى إيمان الشباب التونسي بأهمية خلق مشاريعهم المستقلة، مشيرة إلى أن هذه القناعة تمثل أحد الحلول الأساسية للمشاكل التي يواجهها الاقتصاد.
ويواجه العديد من الشبان العاطلين في تونس صعوبات كبيرة في إنشاء وإنجاح مشاريعهم الصغرى بسبب صعوبة توفير الضمانات المالية، والتمويل الذاتي الذي تطلبه المؤسسات المقرضة.
وتقدر نسبة فشل واندثار المشاريع الصغرى وفق بيانات وزارة التشغيل أكثر من 80% خلال السّنتين المواليتين لإنشائها، وهو ما يمثّل إهدارا للمال العام المموّل لهذه المشاريع، وخسارة لمواطن الشّغل وفق الوزارة.
وتسعى الحكومة للحد من نسب إخفاق المستثمرين الجدد في إدارة مشاريعهم عبر تمكين المنتفعين بالتمويلات من دورات تدريبية قبل إحداث المشاريع ومرافقتهم بعد الإنجاز، زيادة على تمكينهم من منحة مرافقة لمدة سنة إثر انطلاق المشروع.
وتتوقع وزارة التشغيل أن تؤدي مجمل هذه الإجراءات إلى التّقليص من نسبة الفشل تدريجيا لتصل إلى 10%.
ويتهم مراقبون للشأن الاقتصادي، منظمة الأعمال بعدم مساندة أصحاب المشاريع الصغرى، معتبرين أن المنظمة ظلت حكرا على أصحاب رؤوس الأموال الكبرى، وهو ما ولّد تصنيفا سلبيا بين طبقتين من أصحاب الأعمال.
ودعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد في مناسبات متعددة القطاع الخاص إلى تحمّل مسؤولياته في معالجة ملف التشغيل، لافتا إلى أن موافقة الحكومة على منح كبار المستثمرين لتراخيص لمجموعات اقتصادية سيكون مشروطا بتوفير أكثر من 50 ألف موطن شعل، مشيرا إلى أن القطاع العمومي استوفى كل امكانياته في التوظيف وهو ما بات يمثل ثقلا كبيرا على موازنة الدولة.

وينتقد الخبير الاقتصادي رضا شكندالي صعوبة إجراءات إنشاء المشاريع الخاصة، ولاسيما من قبل الشبان ممن يفتقرون للخبرة والإمكانيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
ويرى الشكندالي وفق تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن كل ما أعلنت عنه الحكومة من إجراءات من حذف شروط توفير التمويل الذاتي وغيرها تبقى مبتورة في ظل التراتيب الإدارية المعقدة، مؤكدا أن الباعث الشاب مهما كانت جودة الأفكار التي يحملها يتيه في خضم الكم الرهيب من الوثائق المطلوبة لبعث المشروع وهو ما ولد عزوفا لدى أغلبهم ودفعهم إلى البحث عن الحلول السهلة والانضمام إلى طابور المنتظرين لانتدابات الوظيفة العمومية.
واعتبر الخبير الاقتصادي، أن مبادرة منظمة رجال الأعمال الوقوف إلى جانب الباعثين الشبان جيدة غير أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي وفق قوله، ويجب المرور إلى مرحلة التطبيق من أجل دفع الاقتصاد وبناء نسيج متماسك من المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
ونبه الشكندالي إلى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه هذا الصنف من المؤسسات في دفع الاقتصاد التونسي وخلق الثروة، مشيرا إلى أن الحكومة مدعوة إلى أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار في إعداد المخطط التنموي الجديد.
وانطلقت التجربة التونسية في التشجيع على بعث المشاريع الصغرى عبر الاهتمام بقطاع الصناعات التقليدية، وعرفت التجربة نقلة نوعية عقب إنشاء البنك التونسي للتضامن سنة 1997 وعقب تركيز منظومة القروض الصّغرى سنة 1999 وهو ما مكن من تمويل آلاف المشاريع وفي جل القطاعات ومن مختلف المستويات.
غير أن تمويل هذه المشاريع بقي محدودا من طرف المؤسسات المالية العمومية والخاصة التي تعتمد في عملية التمويل على عدة شروط وضوابط صارمة.
ويشتكي المستثمرون الشبان عموما ضعف التمويلات التي تمنحها المصارف، معتبرين أن تسقيف القروض في بعض الأحيان يحول دون إتمام المشاريع التي تتطلب إمكانيات كبيرة لإنجاحها زيادة على رصيد مالي يسمح بتجاوز عقبات الأشهر الأولى التي يكون فيها صغار المستثمرين بصدد اكتشاف السوق.
وقد تم منذ سنة 2011 إقرار عدة خطوط تمويل جديدة في إطار اتفاقيات مع بعض البلدان الصديقة، ولكن لم يتم إلى الآن هيكلة التجربة بالشكل الذي يسمح بتجاوز التحديات الهيكلية السالفة الذكر.
وبدأت الحكومة التونسية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنشاء مشروع "بنك الجهات" الذي يخصص لتمويل مشاريع الشباب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ضمن مساع للتخفيف من حدة البطالة التي كانت سببا رئيسا في اندلاع ثورة الياسمين قبل خمس سنوات.

اقرأ أيضا: 17.5 % من الطبقة المتوسطة بتونس ينحدرون لدوائر الفقر
المساهمون