وبحسب مقال "الغارديان"، فإن الحكومة البريطانية رصدت اعتمادات مالية لحملات إعلامية تهدف إلى الترويج لإصلاحات حكومة يوسف الشاهد، مشيرة إلى أن الوثائق التي حصلت عليها تثبت أن أولى مراحل الحملة تمت عن طريق مكتبها بتونس العاصمة.
غير أنها لفتت إلى أن ما أتته الحكومة البريطانية أثار انتقادات وحفيظة النواب البريطانيين، بسبب غياب الشفافية وروح المسؤولية التي حفّت بإسناد أموال لشركة إشهار.
في هذا الصدد، أكد المحلل السياسي، محمد بوعود في تصريح، لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة التونسية مجبرة على توضيح ما ذكرته "الغارديان"، وعليها أن تتحمّل مسؤوليتها كاملة وتصارح الرأي العام بحيثيات ما حصل وحقيقة هذه التمويلات، مشدداً على أن ما حصل يعتبر مؤشراً خطيراً جداً.
وقال إنّه بحسب ما ورد في الصحيفة فإن الحكومة البريطانية منحت أموالاً لحملة توعوية للشباب حول السلم، ولكن الحكومة التونسية التي تعاقدت مع الشركة المذكورة للعمل على برنامج سمي آنذاك "لنتقدم معاً"، الذي تزامن مع الاحتجاجات الشعبية في يناير/ كانون الأول الماضي، قد أخلت بالاتفاق مع البريطانيين واستعملت أموالاً لتبييض صورتها.
وأضاف أنه "تم استعمال صحافيين وإعلاميين ليظهروا الحكومة بصورة المنقذ، في وقت كانت فيه البلاد تشهد احتجاجات شعبية على قانون المالية 2018، وعلى الزيادة في الضرائب والأسعار، ما يعني انقلاباً واضحاً على مطالب شعبية مشروعة طالما تشدقت بريطانيا بأنها تدافع عنها وتحميها".
وتابع المحلل السياسي أن هذه "العملية تذكرنا بموقف الحكومة الفرنسية، وبما قام به البرلمان الفرنسي إبان الثورة التونسية في 2011، عندما عرضا على الرئيس المخلوع زين العابدين على بن المال والسلاح لإخماد الانتفاضة الشعبية".
بدوره، قال النائب عن "الجبهة الشعبية"، الجيلاني الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المزعج بالموضوع أنه تحول على ما يبدو إلى تقليد، إذ سبق لوزير التنمية ياسين إبراهيم القيام بعملية مشابهة لتسويق المخطط التنموي 2016 /2020، وتحت ضغط الرأي العام في تونس، قدم على إثرها إيضاحات حول حقيقة التعاقد مع شركة أجنبية، وتبيّن أن العملية مشبوهة".
ورأى الهمامي أن الهدف "هو محاولة التأثير على الرأي العام من خلال شركات عالمية لتسويق مضامين ضد مصلحة الشعب التونسي وضد استقلال القرار الوطني إلى جانب تمويل العملية من قبل حكومة أجنبية، وهو ما يعني التدخل السافر في الشأن الداخلي".
وأشار إلى أن "الجبهة الشعبية" ستدرس الموضوع وستنسق مع بقية الأطراف في مجلس نواب الشعب للنظر في إمكانية عقد جلسة عامة لكشف حقيقة ما حصل.
من جهته، قال الأمين العام لحركة "الشعب"، زهير المغزاوي، إنّه في "انتظار تأكيد الموضوع أو نفيه من قبل الحكومة"، غير أن قال: "لا أستبعد حصول مثل هذه التجاوزات، خاصة أن الصراع السياسي على أشده، وفي الصراعات تستخدم وسائل عديدة، من بينها الاستعانة بالسفارات الأجنبية وبالتالي ليس من المستبعد أن يقوم رئيس الحكومة وفريقه بمثل هذه الخطوة للمحافظة على السلطة ومواجهة حزبه ومن يريد منه أن يغادر قصر الحكومة".
وأوضح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاستعانة بهذه الشركات هدفها التسويق لمشاريع وهمية وإخماد الرأي العام والاحتجاجات التي اندلعت"، مشيراً إلى أنه "في حال أثبت ذلك يجب فتح تحقيق ومحاسبة المسؤول".