تونس: توافقات أخرجت مشروع القانون الانتخابي

27 مارس 2014
حراك سياسي نشط في تونس (فرانس برس)
+ الخط -

وسط جدلٍ واسع وتجاذبٍ سياسي، على امتداد 45 يوماً، عملت لجان المجلس التشريعي التونسي على إعداد مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء، الذي يعتبر من أهم القوانين المطلوبة لاستكمال المسار الانتخابي في تونس، وسيكون له بالغ الأثر على المشهد السياسي.

ويعتبر أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، أن ما يحصل اليوم هو، تقريباً، إعادة للقانون الانتخابي نفسه الذي وضع سنة 2011، فقد تم الاتفاق بين الأحزاب السياسية، التي نجحت في انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، الممثلة في المجلس التأسيسي، على إعادة طريقة الاقتراع نفسها، وكان ذلك في إطار الحوار الوطني في دار الضيافة بقرطاج.

45 يوماً من النقاش

أودعت رئيسة لجنة التشريع العام، كلثوم بدر الدين، أول من أمس الثلاثاء، لدى مكتب سكرتارية المجلس الوطني التأسيسي، الصيغة النهائية لمشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء. وقد تمت مناقشته والتصويت على فصوله يوم الجمعة الماضي، في ظل جدل وانقسام حول العديد من النقاط الخلافية، لعلّ أبرزها تضمين الفصل 15 المتعلّق بالتحصين السياسي للثورة.

ويتضمن مشروع القانون 170 فصلاً رُتّبت أبوابه اعتماداً على المعايير الدولية، بعدما أدخلت عليه لجنة التشريع العام تنقيحات اعتُمد فيها الترتيب الزمني للعملية الانتخابية، بدايةً من الباب الأول المتعلق بالتسجيل، ثم الترشّح فالحملة والفرز، وأخيراً الاقتراع.

وأوضحت بدر الدين أن اللجنة خصّصت، في مشروع القانون، باباً للأحكام الانتقالية والختامية، تضمّن أحكاماً حول اعتماد الدوائر الانتخابية ومجال تدخل دائرة المحاسبات.

النقاط الخلافية

وكانت النقاشات أفرزت مجموعة من النقاط الخلافية حول المشروع، أبرزها متعلق بطبيعة النظام الانتخابي، وتقييم الدوائر وتسجيل الناخبين وشروط الترشّح للانتخابات الرئاسية والتشريعية وتمثيل الشباب في القوائم الانتخابية.

يذكر أن من أبرز ملامح الصيغة النهائية لمشروع القانون الانتخابي، إقرار التسجيل الإرادي للناخبين واستثناء العسكريين والأمنيين من الترشح للانتخابات. كما أن الصيغة النهائية للمشروع تنصّ على منع كل مَن تقلّد مسؤولية في حكومات النظام السابق، باستثناء مَن لم ينتمِ لحزب التجمع الوطني المنحلّ، من الترشح، إلى جانب كلّ مَن تحمّل مسؤولية في صلب هياكل حزب التجمع. وتبقى هذه الأحكام سارية المفعول إلى حين تطبيق منظومة العدالة الانتقالية.

العزل السياسي

من أبرز العناوين الخلافية في مشروع القانوني الانتخابي، "العزل السياسي"، الذي لا يزال محلّ جدل ونقاش بين مؤيّديه ورافضيه، حيث تضمّن الفصل 15، المتعلق بالتحصين السياسي للثورة داخل مشروع القانون الانتخابي، نصّاً يمنع من الترشّح للانتخابات كل المسؤولين السابقين من وزراء حكومات الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وقيادات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.

ويواجه القانون انتقادات من طرف الذين عملوا مع نظام بن علي تحت ذريعة أن القانون الجديد يستهدف الخصوم السياسيين، متهمين حركة "النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" بتعمُّد تمرير الفصل 15 لضمان حظوظ أوفر للنجاح في الانتخابات، لكن زعيم حركة النضة راشد الغنوشي أكد إن النهضة غير معنية بقانون الإقصاء.

وتعليقاً على ذلك، هدّد رئيس حركة نداء تونس وأبرز وجوه المرحلة الماضية، الباجي قائد السبسي، في آخر ظهور إعلامي له، من أنه في حال عدم التراجع عن الفصل المذكور، فإن "الانتخابات في الميزان"، معتبراً أن الشعب التونسي هو المستهدف بهذا "العزل" لأنه يؤسس للوصاية على الشعب التونسي. ولوّح السبسي "بمقاومة" الفصل.

مراقبة دستورية القوانين

وأعلن عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي عن رفضهم لمناقشة مشروع القانون الانتخابي قبل تعيين الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين، باعتباره أمراً مخالفاً للدستور، وفق تقديرهم . واعتبر نواب آخرون أن ذلك سيعطل تنظيم الانتخابات، ومن الأجدى، حسب تقديرهم، مناقشة المشروعين بالتوازي، وخصوصاً أن مشروع قانون الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين يتضمن حوالى 30 فصلاً.

يذكر أن لجنة التشريع ستشرع في مناقشة قانون الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين في ظل الخلافات التي طفت على السطح حول إعطاء الأولوية لتعيين الهيئة على قانون الانتخابات.