تونس تمنع التدخين بقانون جديد

21 يونيو 2018
مدخنون في مقهى ببن قردان (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
تعاني تونس من مشكلة تدخين تصل إلى حدود قياسية بين المواطنين، لكنّ البلاد تسعى إلى قانون جديد يتصدى لهذه المعضلة

"يموت سنوياً ما بين 10 آلاف و12 ألف تونسي جراء التدخين بصفة مباشرة، في حين يكون التدخين سبباً في 82 في المائة من وفيات أمراض القلب والشرايين والجلطة الدماغية والسكري والسرطان. كذلك، تلتهم هذه الأمراض ثلثي ميزانية وزارة الصحة العمومية التي تخصص 60 في المائة من ميزانيتها لمقاومة الأمراض السارية التي يعتبر التدخين سبباً في انتشارها ولتوفير الأدوية اللازمة لها، الأمر الذي فرض ضرورة مراجعة القانون القديم لمكافحة التدخين وإعادة صياغته وتجنيد العديد من الأجهزة (الهياكل) الرسمية لمكافحة الظاهرة" بحسب منسق برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة العمومية، الدكتور فيصل سماعلي في حديثه إلى "العربي الجديد".

تسعى تونس إلى تضييق الخناق على المدخنين للحدّ من أضراره من خلال سنّ مشروع قانون جديد يهدف إلى منع التدخين في جميع المساحات العامة والمقاهي المغلقة وفي الجامعات ومنع بيعه بالتفصيل أي بالسيجارة وكذلك منع البيع لمن هم أقل من 18 سنة للحدّ من ظاهرة تدخين الأطفال خصوصاً بين 12 و14 سنة، وأمام المعاهد والمؤسسات التربوية بالإضافة إلى منع الإعلانات غير المباشرة للتدخين.




يضيف السماعلي أنّ آخر الإحصائيات تشير إلى أنّ نسبة الذكور المدخنين في تونس تقدر بـ50 في المائة، فيما تبلغ نسبة الإناث 2.7 في المائة. وتؤكد دراسات أخرى أنّ نسبة التدخين في صفوف التلاميذ تصل إلى 20 في المائة، وهي نسب عالية جداً، كما أنّ تونس تأتي في المرتبة الأولى عربياً في تدخين الذكور. يؤكدّ السماعلي أنّ القانون القديم لاقى صعوبات عند تطبيقه كما أنّ توفير مساحات لغير المدخنين هو إجراء تخلت عنه المنظمة العالمية للصحة، وأغلب الدراسات والأبحاث بينت أنّ جدواه محدودة، مضيفاً أنّه التزاماً بتوصيات منظمة الصحة العالمية وفقاً للقانون الجديد سيجري المنع الكلي للتدخين في المساحات العامة وداخل المقاهي.



يشير إلى أنّ من المنتظر أن تنظم لقاءات هذا الشهر، والشهر المقبل مع الأطراف المعنية لمزيد من التشاور في النقاط الخلافية والنظر في كيفية تطبيقه على أرض الواقع، كما أنّ الوزارة قدمت النسخة الأولية من المشروع إلى رئاسة الحكومة، مضيفاً أنّه سترتفع الغرامة المالية ضدّ المدخنين من 25 ديناراً تونسياً إلى 50 (19 دولاراً أميركياً) وهذه الغرامات (الخطايا) ستشمل كذلك مالكي المحلات التي تسمح بالتدخين داخلها، وتكثيف المراقبة.

بادرت الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول تصلب الشرايين بوضع لافتات وسط شارع الحبيب بورقيبة للتحذير من مخاطر التدخين، للتوعية. يلفت رئيس الجمعية، رياض جمعة، إلى أنّ الحملة ستتواصل مع بداية السنة الدراسية وستشمل مختلف المدارس والمعاهد وستكون في كامل المحافظات التونسية إذ ستتولى الجمعية زيارة المدارس وتنظيم ندوات توعوية وحلقات نقاش مع التلاميذ ومواصلة تعليق اللافتات.




يؤكد جمعة لـ"العربي الجديد" أنّه بالإضافة إلى القوانين، فإنّه لا بد من التوعية والتطبيق، لأنّ القانون القديم كان ينص على غرامات، لكنّها بقيت غير مفعّلة، مشيراً إلى العديد من الظواهر السلبية المشجعة على التدخين كبيع السجائر على قارعة الطريق وأمام المعاهد وهي مسائل لم تعد مقبولة. يتابع أنّ الدور الأساس يقع على عاتق المواطن إذ من الضروري أن يبادر إلى الإقلاع عن التدخين بنفسه. وفي هذا الإطار، ربما تلجأ الجمعية إلى جعل اللافتات والصور أكثر تأثيراً كي تحدث صدمة نفسية لمتلقيها، كما تهدف إلى توعية الأطفال والحد من التدخين في صفوف الشباب "فلا يجب انتظار 20 سنة لكي يقلعوا فساعتها تكون الأضرار قد حصلت" مبيناً أنّه لا بدّ من خطة وطنية للردع وهذا العمل يجب أن يكون على المدى البعيد.



في المقابل، يقول رئيس الغرفة الوطنية للمقاهي، محمد حنفي، لـ"العربي الجديد" إنّ أصحاب المقاهي لم يُشركوا في إعداد مشروع القانون الحالي، مبيناً أنّ القانون القديم لم ينجح والتاريخ سيثبت نجاح القانون الجديد أو عدمه. يضيف أنّ منع التدخين داخل المقاهي سيفسح المجال للتدخين خارج المقاهي، وبالتالي سيجري استغلال الأرصفة أكثر ببادرة من المدخنين أنفسهم. يشير إلى أنّه بحسب المشروع الجديد، فإنّ المسؤولية يتحملها المدخن وصاحب المقهى لكن تجب مراعاة الخصوصية التونسية فالمواطن التونسي يدخن عندما يكون منزعجاً ومتوتراً، وفي ظل العديد من الأوضاع الصعبة التي يعيشها وفي العديد من الحالات لا يمكن منعه، وبالتالي سيكون من الصعب التطبيق.




يتابع أنّ الرقابة تركز دائماً على مقاهي وسط العاصمة والأحياء الراقية في حين أنّ تطبيق مثل هذا القانون في الأرياف سيكون صعباً، مشيراً إلى أنّ عدد المقاهي في تونس في ارتفاع مستمر ويصل إلى نحو 20 ألف مقهى كما يشغل القطاع 100 ألف عامل ويعتبر من بين أبرز القطاعات المشغلة لليد العاملة التي تعجز قطاعات حكومية عن استيعابها.
دلالات
المساهمون