يمرّ حزب "نداء تونس" في الفترة الأخيرة بزوابع سياسية شديدة، ممّا دفع زعيمه، الباجي قايد السبسي، إلى الاعلان أمام مناصريه في اجتماع حاشد أن أطرافاً تحاول إرباك الحزب وتستهدفه شخصياً، معلناً عن مخطط أكيد لاغتياله وفق معلومات من رئاسة الجمهورية. وأشار إلى أن مندسين يعرفهم داخل الحزب، وفي بعض المؤسسات يعملون على إفشال عمل الحزب.
وبعد مسلسل الاستقالات التي شهدتها الحركة عند الإعلان عن قوائمها للانتخابات التشريعية في الدوائر أوالجدل الذي رافقها بين بعض رموز الحزب وخصوصاً بعد استقالة الكاتبة، ألفة يوسف، تفجّرت قنبلتان سياسيتان من داخل الحزب نفسه بعد إعلان اثنين من مؤسسيه عن عدم أهلية السبسي للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
فقد كتب عمر صحابو، أحد أصدقاء السبسي المقربين رسالة شخصية طويلة بالفرنسية، بداية هذا الشهر، يعتبر فيها ترشح السبسي للرئاسة "غير مستجيب للمرحلة السياسية والتاريخية الراهنة... وخطراً على الجمهورية".
واعتبر أن "نداء تونس" أصبح فضاءً لما سمّاه المصالح المالية والعائلية، واصفاً زعيمه بأنه محاط بحلقة ضيقة من الانتهازيين، مثلما كان الأمر مع حبيب بورقيبة، وزين العابدين بن علي.
وتوقف صحابو في رسالته طويلاً عند سن السبسي (89 عاماً)، معتبراً أنها سن لا تسمح بإدارة البلاد، وخصوصاً مع الصلاحيات الكثيرة التي أتاحها الدستور الجديد لرئيس الجمهورية الجديد.
وطالب السبسي بمصارحة التونسيين عن حقيقة وضعه الصحي، مؤكداً أنه لا يسمح له برئاسة البلاد مدة خمس سنوات.
وصحابو، إعلامي تونسي بارز كان من أشد المعارضين لبن علي وساهم في تأسيس "نداء تونس" الذي قال عنه في رسالته إنه أقصى المؤسسين الحقيقيين المؤمنين برسالة الحزب لمصلحة بعض وجوه النظام السابق.
أما الرسالة الثانية كانت في شكل برنامج تلفزيوني بثّته قناة الحوار التي يملكها الإعلامي، الطاهر بن حسين، أحد أصدقاء السبسي أيضاً وعضو في الحزب. بن حسين قال في رسالته المباشرة إلى السبسي: إن هناك سببين يدفعانه الى معارضة ترشحه لرئاسة الجمهورية، الأول أخلاقي، ويتعلق بما سمّاه تورط السبسي مع بورقيبة وبن علي في القمع، وهو ما يجعله غير مؤهل للحفاظ على الحريات والدفاع عن الديمقراطية.
أما السبب الثاني فيتعلق بمباركة السبسي القرار الطبي الذي أزاح بورقيبة من الحكم لعدم أهليته الصحية، فكيف لا يطبق المبدأ نفسه على نفسه، وهو أكبر منه سنّاً.
بدت الرسالتان في رأي أنصار الحزب غير بريئتين نظراً للتوقيت الدقيق الذي نُشرتا فيه، ولذلك اعتبرت بعض الصحف القريبة من "نداء تونس" أن رسالة صحابو على وجه الخصوص جاءت لتخدم أجندات أحزاب أخرى، وقالت بعض هذه الصحف إنها تخدم مباشرة غريم "نداء تونس" أي حركة النهضة.
ورفض صحابو بشدة اعتبار أن أحد أسباب نقده السبسي، هو إمكانية تحالفه مع النهضة بعد الانتخابات.
ويدافع أنصار "نداء تونس" بشدة عن سلامة الصحة الجسدية والعقلية لزعيمهم، معتبرين أنه مؤهل مثل غيره للاضطلاع بهذه المهمة، وأن القانون الانتخابي لا يفرض على أي مترشح أن يقدم إثباتاً عن أهليته الصحية.
كما يرون في هذه الرسائل محاولة للحطّ من حظوظ السبسي الوافرة للفوز بسباق قرطاج. والأخير كان قد لمّح بنفسه في كلمته بمناسبة ترشحه للرئاسة إلى هذه الإشارات، مؤكداً أنه في حالة جيدة، وأن محاولات الاغتيالات لا تخيفه.