بدأ الإنفاق الأسري يدخل دائرة الانكماش بفعل شح السيولة وتراجع مداخيل التونسيين بعد انقضاء الهدنة التي منحتها المصارف للموظفين بتأجيل سداد القروض لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر.
ويخشى التجار من تأثير حاد لتراجع عائدات الأسر على الإنفاق العائلي والحركة الاقتصادية في البلاد في فصل الصيف الذي يمثل ذروة الموسم التجاري في البلاد، ما قد يزيد من إنهاكهم بعد شهرين من الإغلاق بسبب الحجر الصحي الشامل الذي فرضته السلطات في البلاد في مارس أذار الماضي.
ويمثل الاستهلاك محركا اقتصاديا مهما في تونس، غير أنه بات مهددا بالانكماش بفعل تراجع دخول الأسر بنسب تتراوح بين 150 و400 دينار وفق دراسة أنجزها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية (مؤسسة حكومية).
وقدرت الدراسة أن دخل الأسر التونسية سيتقلص في المعدل بنسبة 2.9 بالمائة بالنسبة لفترة شهر من الأزمة وبنسبة 8.6 بالمائة لفترة ثلاثة أشهر.
وقال رئيس غرفة تجار الملابس، محسن بن ساسي، إن الحركة التجارية متباطئة في جل محافظات البلاد، والإقبال على السلع ضعيف جدا رغم التخفيضات وتسهيلات الدفع التي يقدمها التجار
وأكد بن ساسي لـ"العربي الجديد" أن الحركة التجارية مرتبطة بعدة عوامل ومنها توفر السيولة ووجود فرص العمل في القطاعين المنظم والهامشي، مشيرا إلى أن الأسر التي تعمل في القطاعات الهامشية أو الموازية فقدت جزءا كبيرا من دخولها، ما يسبب الانكماش التجاري.
وأضاف المتحدث أن الأسر بعد كورونا أعادت ترتيب أولوياتها وأصبحت تعطي الأولية المطلقة للمواد الأساسية ولا سيما منها الغذاء ودفع فواتير الكهرباء والماء والإيجارات وربما الديون التي تراكمت عليهم في فترة الانقطاع عن العمل.
ورجّح بن ساسي أن يتواصل الركود إلى فترة لا تقل عن ستة أشهر إلى حين استعادة الأسر لتوازناتها المالية وبداية تعافي النشاط الاقتصادي.
وقال الخبير الاقتصادي، محمد منصف الشريف، إن دخول الأسر في تقشف متوقع سيؤثر على النشاط الاقتصادي والاستهلاك عموما.
وأكد الشريف لـ" العربي الجديد" أن شح السيولة قد يتفاقم في الفترة المقبلة بعد عودة نحو مليون أسرة لتسديد أقساط الديون التي تم تأجيل دفعها في فترة الحجر الصحي، مؤكدا أن تمتع الأسر بذلك الإجراء مكنهم من فائض في السيولة تم توجيهه بدرجة أولى لاقتناء الغذاء، غير أن هذا الفائض بصدد التراجع مع تدفق سيل المصاريف والفواتير.