أثار انتقاد الرئيس التونسي قيس سعيد للمشهد السياسي ونقاشات البرلمانيين جدلا كبيرا تحت قبة مجلس النواب، إذ اتهمه نواب من كتل مختلفة بـ"التحريض على البرلمان والمس به بخطابات الترذيل والتحقير"، كما هددوه بسحب الثقة.
وجاء غضب النواب إثر انتقاد الرئيس التونسي أمس الاثنين، خلال تدشينه مستشفى عسكريا ميدانيا في محافظة قبلي، المشهد السياسي في تونس، متعهدا بـ"القضاء على البؤس السياسي والاجتماعي".
وقال سعيد: "للأسف، هذه النقاشات التي تدور حول النظام الداخلي لو كان النائب مسؤولا أمام ناخبيه، وكان بإمكان الناخب أن يسحب الثقة منه، لما احتاجوا أصلا لمثل هذا الخرق الجسيم.. الخرق الذي يجسّد مرضا دستوريا ومرضا سياسيا، ربّما أكثر من هذه الجائحة التي انتشرت في كلّ أنحاء العالم"، في إشارة منه إلى نقاشات دائرة في البرلمان حول تغيير القانون الداخلي لمجلس الشعب لمنع ما يسمى "السياحة البرلمانية".
وندد رئيس كتلة "قلب تونس" في البرلمان أسامة الخليفي، اليوم الثلاثاء، في كلمته بجلسة للبرلمان، ما اعتبره "خطابا بائسا وتحريضا عدوانيا من رئيس جمهورية يهدد مجلس نواب الشعب".
وحمّل الخليفي، خلال الجلسة العامة المخصصة للنظر في عدد من القوانين، المسؤولية لرئيس الجمهورية بشأن السلامة الجسدية للنواب، مشددا على أن "هذا التحريض على النواب والبرلمان تحريض عدواني وبائس يجب التنديد به".
بدوره، انتقد رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف بشدة الرئيس التونسي، مهددا بتوجيه لائحة لوم ردا على خطاب أمس في محافظة قبلي، جنوبي البلاد.
Facebook Post |
وقال مخلوف: "رئيس الجمهورية كلامك بالأمس خطير جدا.. صحيح أنت درست قانون إداري ودستوري، وهذا اختصاصك، لكن لن تخدعنا بكلمتين عن الشرعية والمشروعية"، مضيفا: "أنت أقسمت على احترام الدستور والدفاع عن الدولة الديمقراطية ومؤسساتها، وكلامك في قبلي لا يليق.. لقد دعوت للتمرد على المؤسسات المنتخبة"، على حد توصيفه.
وهدد مخلوف سعيد قائلا: "إن أفعالك خلال الأشهر الستة الأخيرة لا تبشر بخير.. وإذا ما واصلت على هذا النحو سنطبق أفكارك ضدك ونسحب منك الثقة.. وهذا إنذار أخير".
وتساءل النائب عن "حزب النهضة" ناجي الجمل قائلا: "لماذا يصرّ السيد رئيس الجمهورية في كل مناسبة على استهداف مجلس نواب الشعب، وعلى تذكيرنا برؤيته في ضرورة تغيير النظام السياسي والانتخابي، ولم يشرح لنا كيف يروم تحقيق ذلك ومتى؟ إذا كان ضمن الدستور، لماذا لم يقدم أي مبادرة تشريعية في ذلك؟! وإذا كان بطريقة أخرى فمن حق الشعب أن يعرفها؟".
وفي السياق نفسه، قال النائب سالم الأبيض، عن "الكتلة الديقراطية"، إن "التهديدات الإرهابيّة أصبحت تطاول الكثير من الفاعلين السياسيين في تونس على خلفيّة تصريحاتهم"، مشيرا إلى "وجود رابط بين التصريحات والنقاشات السياسية بالبرلمان والتهديدات التي تطاول النواب".
وشدد الأبيض على أنّ "النقاش تحت قبّة البرلمان ليس معزولا عن بقيّة الفاعلين السياسيين، ورئاسة الجمهوريّة جزء من السلطة التنفيذيّة، ومن حقها التفاعل مع مجريات النقاش السياسي كما يتفاعل النواب مع الدور الذي يقوم به رئيس الدولة في هذه البلاد"، لافتا إلى أنّ "إدانة رئيس الجمهورية بهذه الطريقة الفجة لا ترتقي الى المسؤولية السياسيّة أو الأخلاقيّة".