تشهد أغلب الشوارع التونسية حركة غير معهودة قبل حلول عيد الأضحى بسويعات قليلة، إذ تسعى بعض العائلات التي انتظرت انخفاض أسعار الأضاحي في اليوم الأخير لشراء أضحية بسعر مقبول.
وتتجمع العائلات التي تصحب أطفالها معها لشراء الأضاحي، الذين يراقبون محاولات أهاليهم الظفر بكبش العيد. فعيون الصغار تجول تارة على الخرفان وأخرى على آبائهم، لإقناعهم بضرورة الشراء، لأن الوقت يكاد ينفد.
في إحدى نقاط بيع الأضاحي، بدا بعض الباعة غير راضين، لأنهم لم يتمكنوا من بيع كل الخرفان، معتبرين أن تأخير صرف الرواتب ورغبة بعض التونسيين في شراء الأضاحي بأبخس الأثمان هما وراء العزوف عن الشراء.
وأكد أحد الباعة، ويدعى نور الدين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه رغم تراجع الأسعار في اليوم الأخير، إلا أن بعضهم كان يتأمل ولا يشتري، مؤكداً أنّه يتنازل أحياناً ويقدم للحريف السعر الذي اقترحه، ولكن الأخير يذهب في حال سبيله من دون أن يشتري، ما يكشف غياب الرغبة في الشراء.
وأشار إلى أن الأسعار لا يمكن أن تنخفض عن مستوى 280 ديناراً، أي نحو 100 دولار، في حين أن بعضهم يبيع بأسعار أقل، نظراً لأن كلفة العلف والرعاية باهظة.
وبيّن المتحدث أن كثيرا من التونسيين يجهلون التعامل مع الأضاحي، فبعضهم لا يعرف كيف يتفحص الخروف، مؤكدا أن أحد الشارين ضغط بقوة على ساق خروف فكسرها، ثم تركه وغادر من دون أن يشتري.
وكانت المواطنة فاطمة في عقدها الرابع برفقة طفلتها ذات الخمس سنوات، تتأمل الخرفان وتقلّب بعضها، وقالت إنها ليست لديها أية فكرة عن الأسعار، مبينة أنّها خصصت ميزانية ما بين 500 و600 دينار لاقتناء الأضحية.
وقال بائع يُدعى عبد الستار الزبيدي، إن الإقبال محدود وضعيف مقارنة بالأعوام الماضية، مضيفا أن الأسعار شهدت استقرارا واضحا في الأيام الأخيرة. وأكد أن التونسي يحبذ الخرفان المتوسطة والتي لا تكون أسعارها مرتفعة.
أما الحاجة منى (70 عاماً)، فقد أوضحت أنّ أكثر العائلات تحبذ الشراء في آخر لحظة، لأنها لا تملك فضاءً يمكن أن تضع الخروف فيه، كما تأمل في انخفاض الأسعار، خاصة أن عديد الباعة يضطرون إلى التخلص من قطيعهم بحكم عودتهم إلى الديار.
ولاحظت أن العرض متوفر والخرفان موجودة من كافة المحافظات التونسية، أي خروف القيروان والشمال الغربي، وهي الأصناف التي يحبذها التونسي، لأنها ترعى في الجبال وفي الطبيعة، ولكن ما يغيب هو المال.
أما مروان (45 عاماً) الذي جال على عدد من نقاط البيع، لم يجد عرضا يتناسب مع ميزانيته الضعيفة، فهو موظف ولا يمكنه تخصيص مبلغ كبير لاقتناء خروف العيد، لأن أغلب الميزانية مخصصة للعودة المدرسية التي هي على الأبواب. ولفت إلى أنه يعرف أسراً عزفت عن الشراء بسبب العودة للمدارس، وهناك من اكتفى باقتناء كميات قليلة من اللحوم، لأن كلفتها تبقى أقل من اقتناء خروف.
وأكد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، أن أسعار الخرفان ليست في متناول المستهلك، مفسرا ضعف الإقبال بتواتر المواسم الاستهلاكية كشهر رمضان وعيد الفطر، ثم عيد الأضحى، ثم العودة المدرسية القادمة.
وأوضح سعد الله، في تصريح إذاعي، أنه أمام ارتفاع حجم المصاريف فإن المستهلك التونسي وجد نفسه أمام خياري عيد الأضحى والعودة المدرسية، ويبدو أنه اختار الثاني.