تلتقي أحزاب الائتلاف الحاكم في تونس، حول عدة نقاط في تصوراتها ورؤاها حول الطاقم الوزاري، الذي سيشكله رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد، في مدة لا تتعدى شهراً على أقصى تقدير. وإن كانت لا تختلف على أن تكون حكومته مصغرة بأقطاب، فقد سُجّل تباين في الرؤى فيما يتعلق بالتمثيل والوزن داخل الحكومة الجديدة.
وأعدت الأحزاب السياسية الأربعة، المشاركة في الائتلاف الحاكم، منذ طرح مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، المتعلقة بحكومة الوحدة الوطنية، تصوراتها، وكانت قد عرضتها عليه، إبان المشاورات. وتنوي عرضها أيضاً على رئيس الحكومة المكلف، لدرسها وإقناعه بتطبيقها.
وفي هذا السياق، يرى حزب "نداء تونس" أن الحكومة المقبلة من الأفضل أن تكون محدودة الوزارات ذات أقطاب تهتم بالملفات الرئيسية.
ويوضح القيادي في الحزب، حسن العمري في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "عقب اللقاءات والاجتماعات التشاورية داخل الحزب، فإن نتائج المناقشات تصب في اتجاه تقديم مقترح للشاهد، بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة أقطاب".
ويشير إلى أنه "في أحاديث سابقة جمعتني برئيس الحكومة المكلف استخلصت أن هذا الأخير لا يعترض على هذه الهيكلة، بل يرى ضرورة دمج عدد من الوزارات في قطب واحد، ضماناً لوحدة المرجع والمركز، الذي يشرف على ملفات مترابطة، فيما يكلف "كتّاب دولة" (معاونو الوزير) بملفات خاصة".
ووفقاً للعمري، فإن "النداء لن يطلب عدداً من الوزارات المعينة، وقد شكّل لجنة تتكون من أعضاء في الهيئة السياسية للحزب والكتلة البرلمانية، وممثلين عن الجهات، هدفها التفاوض باسمه في ما يتعلق بالتركيبة وإبداء رأيها في الأسماء المطروحة لتولي حقائب وزارية عن النداء".
ويشدد القيادي في النداء، على أن حزبه، "يأمل ألا تسبب مسألة الحقائب أزمة للشاهد أو لأحزاب الائتلاف"، معتبرا أن "استقبال رئيس الحكومة المكلف لممثلي المعارضة الموقعة على ميثاق قرطاج، يأتي في إطار سعيه لاحتواء رفضها وتطويق الأزمة معها، خاصة أن رفضها أحيط بهالة إعلامية، من شأنها إرباك الحكومة المقبلة، والتشويش على سير المحادثات بشأنها".
كما يتوقع العمري، وفق ما توفر لحزب النداء من معطيات أن "لا تتجاوز مدة التشاور حول الهيكلة والتركيبة معاً، الأسبوعين، حتى تطلب الحكومة جلسة لمنح الثقة من البرلمان، وتنطلق في عملها".
أما حزب "النهضة" التونسية، فإن مشاركته في حكومة الوحدة، مشروطة بسير المفاوضات حول هيكلتها وأهم الملفات التي ستعمل عليها.
وفي هذا السياق، تقول الناطقة الرسمية باسم مجلس شورى الحركة، سناء المرسني لـ"العربي الجديد"، إن "دخول النهضة في حكومة الشاهد ليس أمرا بديهياً، لا سيما وأن الحركة تدارست مسألة حصول النداء على الرئاسات الثلاث (الحكومة والبرلمان والجمهورية)، محذرة من خطر التغول وعودة الدكتاتورية بحصول حزب واحد على مراكز السلطة في البلاد، وهي تتطلع إلى أن يتم تدارك ذلك في التركيبة الحكومية".
وتعتبر أن "دعم الحزب لتكليف الشاهد بتشكيل الحكومة، لا يعني القبول بالتصورات والتركيبة التي سيقرها"، مشيرة إلى أن "الأهم هو نجاعة العمل الحكومي، والإصلاحات الجريئة التي يجب أن تقوم بها الحكومة في الفترة المقبلة، وبناء على ذلك ستحدد النهضة مشاركتها أو عدمها".
وتؤكد المرسني أن "الأمر لا يتعلق بالمحاصصة الحزبية، التي لا عيب فيها إذا ما كانت مبنية على نتائج صندوق الاقتراع، وإنما يتعلق باحترام الحجم الانتخابي للأحزاب المشاركة".
وتضيف "النهضة ترى أن الحكومة يجب أن تكون سياسية لا حكومة تكنوقراط، ودعت إلى أن تمثل أكبر قدر من الأحزاب إلا تلك التي أقصت نفسها بنفسها".
أما "حزب الاتحاد الوطني الحر"، فتؤكد الناطقة الرسمية باسمه، سميرة الشواشي، لـ"العربي الجديد" أن "موقفه قد أعلن سابقاً على لسان رئيسه سليم الرياحي، وهو غير متمسك بالمشاركة في الحكومة الجديدة، شرط أن تتخذ من مكافحة الفساد وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن، شعارا لعملها".
وتلفت إلى أن "الرياحي أبلغ قائد السبسي بتصورات الحزب لحكومة الوحدة، وتفضيله بأن تكون ذات أقطاب ووزارات محدودة. والحزب لا يزال متمسكا بهذا المقترح".
إلى ذلك، يطالب حزب "آفاق" أن يكون تمثيله بحكومة الشاهد "تمثيلا فاعلا
لا صوريا، وفي وزارات قادرة على البذل وتطوير البلاد"، وفق ما يشير الوزير والقيادي في الحزب، نعمان الفهري لـ"العربي الجديد".
ويؤكد الفهري أنّ "الحزب يرى أن الشكل الأنسب لحكومة الوحدة، بأن تكون بأقطاب، وتدمج العديد من الوزارات في قطب واحد، وتحت إشراف وزير فقط، ضمانا لإلمامه بكل تفاصيل الملفات، وقدرته على معالجتها معاً دون تشتيت المجهود بين الوزارات".