في إعلان ترويجي ضد الإرهاب، سلّطت إحدى كاميرات النظام في تونس، في شارع يسكنه الأغنياء، على نظافة الشارع، فخامة المنازل، الحدائق، والمقاهي. إلا أن الكاميرا لم تلتقط أحزمة الفقر التي ظلّت خارج حسابات التنمية، وموازنات الدولة، رغم أن أحياء كثيرة في تونس تغلي من الفقر والحقد والتهميش.
يقول الخبير ناصف العمدوني "إن ظاهرة التمييز الاقتصاديّ والاجتماعيّ بين أحياء الطبقة الميسورة والأخرى الفقيرة من سمات المجتمع التونسي، فالمدن التونسيّة تحوّلت إلى ما يشبه رقعة الشطرنج، حيث تنتشر فيها مربّعات سكنيّة متباينة في تركيبتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة". ليستطرد مشدّداً على أنّ "التقسيم لا يتم عبر حواجز أو جدران إسمنتيّة، ولكن يمكن تمييزه بسهولة من خلال البنى التحتيّة، مستوى عيش السكّان، مدى توفّر الخدمات الأساسيّة وطبيعة الأنشطة الاقتصاديّة في كلّ مربّع سكنيّ".
ويوضّح ناصف "أنّ عمليّة التمييز تتمّ بإرادة سياسيّة تعمل على إبقاء الفوارق الكبرى على الصعيد الاقتصادي والاجتماعيّ بين حيّ وآخر، فمن غير المسموح أن يفسد أهالي الأحياء الفقيرة نمط حياة أحياء الأثرياء، أو أن ينقلوا إليهم أسلوب حياتهم، ومعاناتهم، كما تختلف الأولويّات بين كلّ فئة، إضافة إلى المقدرة الشرائيّة والاستهلاكيّة والمستوى التعليميّ والدرجة الوظيفيّة".
ويضيف ناصف: "شهدت تونس تحولات اقتصادية واجتماعية خلال السنوات الأربع الماضية في ظل أزمة حادة مزقت منظومة النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وهزت المكانة الاجتماعية لعديد الفئات من المجتمع وفي مقدمتها الشرائح السفلى من الطبقة الوسطى التي لم تتحمل تداعيات التحولات وعجزت عن مجابهة انفلات الأسعار وارتفاع نسبة التضخّم، ما أدى إلى تدهور حاد في مقدرتها الشرائية، ومن ثم انزلقت لتلتحق برقعة الفقر، وهو ما أدّى إلى اتساع رقعة الأحياء الفقيرة لتشمل الأحياء الشعبيّة والتجمعات السكنيّة للطبقة الوسطى".
الاندماج والتنمية
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي إلى أنّ الأرقام والدراسات الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعيّة تثبت عمق الفوارق الاقتصاديّة بين أحياء الأغنياء والفقراء. ففي حين تتمركز 70% من الأنشطة الاقتصاديّة والتجاريّة في وسط العاصمة التونسيّة وقرب الأحياء الراقية، تُحرم الأحياء الفقيرة من الاستثمارات العموميّة والخاصّة.
ويضيف: "هذا التفاوت أدّى إلى ارتفاع نسبة البطالة التي ناهزت 50% في أحياء شعبية كبيرة على غرار حي "التضامن" و"دوار هيشر" و"السيجومي" وغيرها، وهو ما يمثّل ثلاثة أضعاف المعدّل الوطني، إضافة على انتشار الفقر بنسبة 30% والانقطاع المبكّر عن الدراسة وانتشار الجريمة والدعارة واستهلاك المخدّرات وغيرها من الآفات الاجتماعيّة"، ويتابع: "هنا وجب التساؤل عن دور الدولة في تحقيق العدالة على صعيد توزيع الاستثمارات وفرص التشغيل وتطوير البنى التحتيّة الضروريّة للاستثمار".
لقد تناولت دراسة صادرة عن وزارة التنمية الجهويّة سنة 2014 حجم التفاوت في تقسيم المخصّصات البلديّة التي لا تمثّل سوى 4% من حجم الإنفاق العمومي، إذ تستأثر 7% من بلديّات البلاد الواقعة في مناطق الضاحية الشمالية الراقية في العاصمة التونسيّة على 51% من الموازنات العامة، في حين يتم تقسيم الباقي على 93% من البلديات المنتشرة في البلاد، والتي يناهز عددها 246 بلديّة. بل ويتمّ تسخير أحدث الآليات والتجهيزات البلدية المخصّصة للنظافة أو تهذيب الأحياء لصالح الأحياء الراقية، في حين ما تزال عملية جمع القمامة في الأحياء الفقيرة تتمّ يدويّا أو بتجميعها داخل الحيّ وحرقها وخنق الحيّ بسحابة من الدخان السّام، في استخفاف تام من سلطة الإشراف بحياة السكان.
اقرأ أيضاً:الاستغلال في تونس يصل حد التفرقة الجهوية
يقول الخبير ناصف العمدوني "إن ظاهرة التمييز الاقتصاديّ والاجتماعيّ بين أحياء الطبقة الميسورة والأخرى الفقيرة من سمات المجتمع التونسي، فالمدن التونسيّة تحوّلت إلى ما يشبه رقعة الشطرنج، حيث تنتشر فيها مربّعات سكنيّة متباينة في تركيبتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة". ليستطرد مشدّداً على أنّ "التقسيم لا يتم عبر حواجز أو جدران إسمنتيّة، ولكن يمكن تمييزه بسهولة من خلال البنى التحتيّة، مستوى عيش السكّان، مدى توفّر الخدمات الأساسيّة وطبيعة الأنشطة الاقتصاديّة في كلّ مربّع سكنيّ".
ويوضّح ناصف "أنّ عمليّة التمييز تتمّ بإرادة سياسيّة تعمل على إبقاء الفوارق الكبرى على الصعيد الاقتصادي والاجتماعيّ بين حيّ وآخر، فمن غير المسموح أن يفسد أهالي الأحياء الفقيرة نمط حياة أحياء الأثرياء، أو أن ينقلوا إليهم أسلوب حياتهم، ومعاناتهم، كما تختلف الأولويّات بين كلّ فئة، إضافة إلى المقدرة الشرائيّة والاستهلاكيّة والمستوى التعليميّ والدرجة الوظيفيّة".
ويضيف ناصف: "شهدت تونس تحولات اقتصادية واجتماعية خلال السنوات الأربع الماضية في ظل أزمة حادة مزقت منظومة النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وهزت المكانة الاجتماعية لعديد الفئات من المجتمع وفي مقدمتها الشرائح السفلى من الطبقة الوسطى التي لم تتحمل تداعيات التحولات وعجزت عن مجابهة انفلات الأسعار وارتفاع نسبة التضخّم، ما أدى إلى تدهور حاد في مقدرتها الشرائية، ومن ثم انزلقت لتلتحق برقعة الفقر، وهو ما أدّى إلى اتساع رقعة الأحياء الفقيرة لتشمل الأحياء الشعبيّة والتجمعات السكنيّة للطبقة الوسطى".
الاندماج والتنمية
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي إلى أنّ الأرقام والدراسات الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعيّة تثبت عمق الفوارق الاقتصاديّة بين أحياء الأغنياء والفقراء. ففي حين تتمركز 70% من الأنشطة الاقتصاديّة والتجاريّة في وسط العاصمة التونسيّة وقرب الأحياء الراقية، تُحرم الأحياء الفقيرة من الاستثمارات العموميّة والخاصّة.
ويضيف: "هذا التفاوت أدّى إلى ارتفاع نسبة البطالة التي ناهزت 50% في أحياء شعبية كبيرة على غرار حي "التضامن" و"دوار هيشر" و"السيجومي" وغيرها، وهو ما يمثّل ثلاثة أضعاف المعدّل الوطني، إضافة على انتشار الفقر بنسبة 30% والانقطاع المبكّر عن الدراسة وانتشار الجريمة والدعارة واستهلاك المخدّرات وغيرها من الآفات الاجتماعيّة"، ويتابع: "هنا وجب التساؤل عن دور الدولة في تحقيق العدالة على صعيد توزيع الاستثمارات وفرص التشغيل وتطوير البنى التحتيّة الضروريّة للاستثمار".
لقد تناولت دراسة صادرة عن وزارة التنمية الجهويّة سنة 2014 حجم التفاوت في تقسيم المخصّصات البلديّة التي لا تمثّل سوى 4% من حجم الإنفاق العمومي، إذ تستأثر 7% من بلديّات البلاد الواقعة في مناطق الضاحية الشمالية الراقية في العاصمة التونسيّة على 51% من الموازنات العامة، في حين يتم تقسيم الباقي على 93% من البلديات المنتشرة في البلاد، والتي يناهز عددها 246 بلديّة. بل ويتمّ تسخير أحدث الآليات والتجهيزات البلدية المخصّصة للنظافة أو تهذيب الأحياء لصالح الأحياء الراقية، في حين ما تزال عملية جمع القمامة في الأحياء الفقيرة تتمّ يدويّا أو بتجميعها داخل الحيّ وحرقها وخنق الحيّ بسحابة من الدخان السّام، في استخفاف تام من سلطة الإشراف بحياة السكان.
اقرأ أيضاً:الاستغلال في تونس يصل حد التفرقة الجهوية