أثارت تصريحات وزير المالية التونسي، سليم شاكر، بخصوص تقديرات الحكومة لنسبة النمو المرتقبة العام المقبل، جدلا كبيرا في الأوساط الاقتصادية والسياسية، حيث يعتبر العديد من خبراء الاقتصاد أن تقديرات وزير المالية مجانبة لحقيقة الوضع الاقتصادي في البلاد، فيما ترى الأحزاب المعارضة أن ما صرح به الوزير، كان لأغراض سياسية بحتة وتحسين واجهة حزبه (حركة نداء تونس) الذي يقود الائتلاف الحاكم.
وكان وزير المالية سليم شاكر قد أكد، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات"، الثلاثاء الماضي، أن قانون الموازنة المالية لسنة 2016 سيعتمد على ثلاث ركائز أولها تحقيق نسبة نمو تعادل 2.5% وضبط التقديرات بخصوص نفقات دعم المحروقات على أساس 60 دولارا لبرميل النفط مع تحديد معدل سعر صرف الدينار في حدود 1.97 دينار مقابل الدولار.
وتعول الحكومة وفق تصريحات وزير المالية على الإصلاحات التي ستقوم بها بداية من 2016 والتي ستطاول النظام الضريبي وتطوير طرق عمل الجمارك لدعم عائدات البلاد إلى جانب العمل على مكافحة التهريب والسوق الموازية.
ويعتقد الخبير الاقتصادي وعضو البرلمان محسن حسن، أن تحقيق نسبة نمو 2.5% ليست بالأمر المستحيل إذا ما حققت الحكومة جملة من الشروط الأساسية وأهمها تحسين المناخ العام للأعمال بالرفع من الإنتاجية وضمان السلم الاجتماعي إلى جانت الإسراع في الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
ويرى حسن، في مقابلة مع "العربي الجديد" أنه من الظلم الحكم بالفشل المسبق على الحكومة، مشيرا إلى أن نسبة النمو مرتبطة أيضا باستقرار الوضع الأمني الذي بدأ يعرف نوعا من الانفراج.
وقال الخبير الاقتصادي إن نسبة النمو التي أعلن عنها وزير المالية لن تكون متاحة إذا لم تتوفق منظمتا العمال والاعراف بتجاوز خلافاتهما وارساء هدنة اجتماعية توقف نزيف الإضرابات التي أضرت بنسق تدفق الاستثمارات الخارجية.
وتشهد العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة توترا أدى إلى تلويح العديد بالدخول في موجة من الإضرابات في القطاع الخاص بسبب تعطل المفاوضات حول الزيادة في رواتب العاملين بهذا القطاع.
في المقابل يرى الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن بلوغ نسبة نمو 2.5% العام القادم غير كافية لتحقيق المطالب الاجتماعية وامتصاص نسبة البطالة المرتفعة.
وتوفر كل نقطة نمو ما بين 15 و17 ألف فرصة عمل في حين تحتاج تونس إلى نسب نمو تفوق 6% لحل مشكلة البطالة لما يفوق 700 ألف عاطل عن العمل نصفهم تقريبا من خريجي الجامعات.
وكانت تونس تتوقع العام الحالي تحقيق نسبة نمو في حدود 3% وذلك وفق تقديرات حكومية وتوقعات صندوق النقد الدولي، غير أن هذا الرقم تلاشى بسبب الضربات الموجعة التي تلقاها القطاع السياحي والاقتصاد التونسي عموما إثر العمليتين الإرهابيتين اللتين طاولتا متحف باردو والمنتجع السياحي بسوسة لينتهي بها الأمر بتحقيق نسبة نمو في حدود 0.5% في أحسن الحالات.
اقرأ أيضاً: البنك الدولي يقدم قرضاً لتونس بنصف مليار دولار