وعلى الرغم من أن هذه المحافل قد تنبأت أن يواصل ماكرون تبني موقف سلفه، فرانسوا هولاند، الداعم لحل الدولتين، كالحل الأفضل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أنها في المقابل توقعت ألا يستثمر الرئيس الجديد جهوداً في محاولة دفع المزيد من مشاريع التسوية لحل الصراع.
وحسب هذه التوقعات، فإن ماكرون سيتجه لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع إسرائيل بشكل كبير، إذ أشار "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى أن الرئيس الفرنسي أبدى، في الماضي، أثناء إحدى زياراته لتل أبيب، "حماساً لتعزيز التعاون مع إسرائيل، سيما في مجال المشاريع القائمة على المبادرة في المجال التكنولوجي والابتكارات والأبحاث".
وفي ورقة تقدير موقف نشرها على موقع المركز اليوم، أعاد إلى الأذهان حقيقة أن ماكرون قد أبدى صراحة رفضه لأنشطة حركة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل "BDS".
في المقابل، فإن الدراسة، التي أعدها كل من المدير السابق للمركز، عوديد عيران، الذي شغل في الماضي منصب سفير إسرائيل في كل من الأردن والاتحاد الأوروبي، والباحثة عيدي كونتور، تشير إلى أن ماكرون أعرب، في المقابل، عن رفضه لوجود "المستوطنات اليهودية".
ويستدرك كل من عيران وكونتور إلى أن ساكن "الإليزيه" الجديد يمكن أن يسهم في تقليص التحديات التي تواجهها حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، بقيادة بنيامين نتنياهو، في الساحة الدولية.
ويتوقع الباحثان أنه بخلاف سلفه فرانسوا هولاند، فإن ماكرون لن يستثمر جهوداً كبيرة في طرح مبادرات لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ووفق توقعات عيران وكونتور، فإن تدني الخبرة السياسية لماكرون وتفضيله الأجندة الاقتصادية سيلعبان دوراً مهماً في دفع باريس لتجنب المسار الذي اختطه هولاند، والذي أحرج حكومة نتنياهو عندما عرض في شهر يونيو/ حزيران 2015 مبادرة سياسية لحل الصراع، واستضاف مؤتمراً دولياً في باريس لمناقشة سبل حل الصراع.
يذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت، في حينه، إلى أن نتنياهو اتفق مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أن يقدم الأخير مبادرة خاصة لحل الصراع من أجل إقناع المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بعدم التعاطي مع المبادرة الفرنسية.
وتوقعت الورقة أن يفضي تطور العلاقات الألمانية الفرنسية المتوقع في عهد ماكرون إلى تعزيز "مكانة القوى الأوروبية الملتزمة بالواجب الأخلاقي تجاه الشعب اليهودي، والمتحمسة لدعم إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها"، مستدركة أن "هذا لا يعني عدم توجيه انتقادات بين الحين والآخر للأنشطة الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية".
وحسب الدراسة، فإن إسرائيل ستتأثر، بشكل غير مباشر، بطابع ونمط السياسة الخارجية التي ستتبناها فرنسا في عهد ماكرون، سيما موقفه من التدخل الروسي في سورية.
من ناحيته، توقع "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الأكثر التصاقاً بدوائر صنع القرار في تل أبيب، أن تسهم التركيبة الشخصية لفريق ماكرون في إدارة السياسة الخارجية في تحسين العلاقات بين تل أبيب وباريس.
وفي ورقة تقدير موقف نشره أمس، ذكر "المركز"، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، أن أكثر المرشحين لتولي منصب وزير الخارجية في حكومة ماكرون هو جرارد أورو، الذي عمل في السابق سفيراً في إسرائيل، وعلى علاقة وثيقة بدوائر صنع القرار في تل أبيب.
وعلى الرغم من أن الورقة التي أعدها سفير إسرائيل الأسبق في باريس، فاردي إيتان، قد توقعت أن يواصل ماكرون دعم فكرة حل الدولتين، إلا أنها تفترض أنه سيصر، في المقابل، على عدم فرض أي حل لا يقبله طرفا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بخلاف التوجه الذي قاده وزير الخارجية الفرنسي السابق، لوران فابيوس.
وتتوقع الورقة أن يتعاظم في عهد ماكرون التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية بين إسرائيل وفرنسا في مجال مكافحة "الإرهاب الإسلامي".
ولفت إيتان الأنظار إلى أن علاقات ماكرون مع شخصيات يهودية فرنسية يمكن أن تسهم في دفعه لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الاقتصادي ورجل الأعمال اليهودي الفرنسي، جاك إيتلي، هو الذي سمح في حينه باستيعاب ماكرون في بنك "روتشيلد"، منوهاً إلى أن إيتلي مقرب جداً من قادة الحكم في إسرائيل.
وأوضح إيتان أن ماكرون يرى في إيتلي "أستاذه وموجهه في كل ما يتعلق بالشؤون المصرفية والاقتصادية". وفي السياق، نوهت صحيفة "معاريف" إلى أن ماكرون يرتبط بعلاقات شخصية قوية مع وزير المالية الإسرائيلي السابق يائير لبيد، الذي يتزعم حزب "ييش عتيد"، الذي يمثل يمين الوسط.