سورية: تحركات روسيا وإيران في سورية للضغط على الولايات المتحدة؟

25 مايو 2017
قصف من النظام والمليشيات على درعا (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -


توسّعت التحركات الروسية والإيرانية في جنوب سورية، التي تُعتبر منطقة نفوذ أميركية، مع محاولة إيران تحقيق مكاسب لها عبر خرق منطقة النفوذ الأميركية وفتح معبر بري لها يمر من البادية إلى العراق فطهران، الأمر الذي يبدو أن الروس وجدوه ورقة جيدة للضغط على الأميركيين.
وعلى الرغم من الضربة العسكرية التي وجّهتها الطائرات الأميركية نهاية الأسبوع الماضي لرتل عسكري للنظام يضم مليشيات عراقية كانت تتقدّم باتجاه منطقة التنف، التي توجد فيها قاعدة أميركية - بريطانية لتدريب مقاتلي بعض الفصائل المسلحة، إلا أن المليشيات الإيرانية والعراقية و"حزب الله" اللبناني، إضافة إلى بعض المليشيات المحلية الموالية للنظام، استأنفت محاولات التقدّم في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة حالياً عقب طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منها، إن كان على جبهة ريف محافظة السويداء الشرقية المطلة على البادية السورية والقريبة من الحدود السورية - الأردنية، أو على جبهة أوتوستراد دمشق - بغداد والذي يمر من منطقة التنف، محققة تقدّماً على الأرض.

وقال عضو "تنسيقية تدمر" خالد الحمصي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن مجموعة من فصائل الجيش الحر أطلقت معركة جديدة تحت اسم "بركان البادية"، لاستعادة المناطق التي خسرتها المعارضة في البادية أخيراً، وطرد المليشيات وقوات النظام المتواجدة في البادية، موضحاً أن أكبر الفصائل المشاركة هي "جيش أحرار العشائر".
وأفاد الحمصي بأن "أعلاماً روسية تُرفع على المقرات التي تتواجد فيها المليشيات، التي أصبحت على بُعد نحو 20 كيلومتراً من جهة ريف السويداء عن منطقة التنف". وأوضح أن "الثقل الأكبر لتلك المليشيات يوجد على أوتوستراد دمشق - بغداد، في منطقة السبع بيار، وتقدّمت إلى استراحة الشحمي بعد حاجز ظاظا، وهي بالقرب من المنطقة التي استهدفت فيها الطائرات الأميركية رتل المليشيات قبل أيام"، معرباً عن اعتقاده بوجود تنسيق بين الفصائل على الجبهتين في البادية وشرق السويداء.
ولفت إلى أن "التقدّم الذي أحرزته المليشيات أخيراً، يثير مخاوف أكثر من 100 ألف مدني، يقيمون في مخيم الركبان على الحدود السورية - الأردنية، وهم من النازحين من مختلف المناطق السورية هرباً من القصف والدمار، ولن يكون أمامهم سوى الدخول إلى الأراضي الأردنية، التي يُمنعون من دخولها اليوم، وهم يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية". وأشار إلى أنه "لم يتبيّن حتى الآن رد فعل القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة، على الرغم من التقدّم الذي أحرزه النظام وحلفاؤه بدعم روسي".

من جهتها، نقلت "القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" الروسية، عن أحد قيادات القاعدة، بحسب ما نشرته على صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعية، قوله إن "وحدات برية صديقة تتبع لقوى الحرس الجمهوري السوري تقدّمت باتجاه مناطق تُعتبر خطاً أحمر للقوات الحليفة لواشنطن وتمكّنت من كسر الخطوط الحمراء التي وضعتها تلك القوات، موسكو تؤكد مجدداً دعمها المباشر للقوات الحكومية في تحركاتها البرية على الأراضي السورية ضد التنظيمات الإرهابية".

ولم تقتصر التحركات الروسية على البادية وشرق السويداء، بل توسّعت في جنوب سورية، إذ أفاد مصدر محلي في محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، بأنه "تم في الأيام القليلة الماضية نشر دوريات روسية على الحدود الأردنية السورية المتاخمة للمحافظة، كما تم رفع الأعلام الروسية على العديد من النقاط الحدودية، وكأنها تُعلن للطرف الآخر أن هذه المنطقة أصبحت منطقة روسية".


كما تحركت قوات النظام والمليشيات بدعم روسي على محور حي المنشية في درعا، وهي كذلك جزء من المنطقة الجنوبية، محاولة التقدّم باتجاه النقاط التي خسرتها أخيراً في حي المنشية بغطاء جوي وصاروخي مكثف. وقال الناشط الإعلامي محمود الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قوات النظام والمليشيات المساندة لها حاولت التقدّم باتجاه النقاط التي خسرتها أخيراً في حي المنشية الإثنين الماضي، بغطاء جوي وصاروخي مكثف، وتم استهداف أحياء درعا البلد بـ28 برميلاً متفجراً و25 غارة جوية و23 صاروخ فيل وصاروخي أرض-أرض فضلاً عن مئات القذائف الصاروخية"، مضيفاً أن "الفصائل المنضوية في غرفة عمليات البنيان المرصوص صدّت محاولة التقدّم وتمكّنت من تدمير دبابة وعربة Bmb وتفجير مستودع ذخائر وتدمير رشاش متوسط وقتل 11، بينهم 5 ضباط برتبة ملازم، وإصابة طائرة حربية من طراز سوخوي 24".
ولفت إلى أن العمليات العسكرية مستمرة في درعا، في خرق واضح لمناطق تخفيف التصعيد، وهذه المحاولة تعد الثانية خلال أسبوع، كما استُهدفت درعا البلد، يوم الثلاثاء، بـ4 صواريخ فيل، وليل الأحد الإثنين قصفت طائرة مروحية أحياء بلدة ابطع في ريف درعا الأوسط بـ4 براميل متفجرة، ما أدى لمقتل طفل وسقوط 8 جرحى.

وقال معارض من دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التصعيد الأميركي الروسي انفجر عقب فشل واضح في التوصل إلى تفاهم ما، عقب لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف"، مضيفاً: "بغض النظر عن التسريبات التي رشحت عن ذلك اللقاء، فإن كل المؤشرات تفيد بأن مصالح البلدين لم تلتقِ في الأزمة السورية، وبدا واضحاً للجميع أن الأميركيين لم يتبنوا مناطق تخفيف التصعيد، التي قال لافروف إنها جاءت لتلاقي ما كان يطرحه ترامب خلال حملته الانتخابية".

وأضاف: "تتالت المواقف التصعيدية الأميركية، من قصف مطار الشعيرات، والحديث عن وجود أسلحة كيميائية ومحرقة صيدنايا وقصف رتل عسكري قبل أيام لإحدى المليشيات الإيرانية، والحديث عن الدور السلبي الذي تقوم به إيران في المنطقة وخصوصاً سورية وتصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، ووجود حشود عسكرية على الأراضي الأردنية مقابل الحدود السورية".
واستبعد المصدر نفسه أن "تتخلى أميركا عن مناطق نفوذها وعن الفصائل التي عملت منذ زمن على تدريبها وإعدادها لمحاربة داعش، خصوصاً أنها تضع السيطرة على مدينة البوكمال كهدف واضح لها، وسبق أن قامت بأكثر من عملية عسكرية في هذا الإطار"، معتبراً أن "التصعيد الروسي الايراني على الأرض ما هو إلا محاولة لفتح مجال للتفاوض مع الأميركيين للحصول على مكان لهم ضمن التحالفات الدولية، وهذا واضح في آخر تصريح نُقل عن المندوب الروسي في الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف، الذي قال إنه لا يمكن القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في العراق من دون العمل بسوية مشتركة للقضاء على تواجده في سورية، وهو ما يستدعي تعاوناً دولياً لتحقيق ذلك".

كما استبعد المصدر حدوث صدام مباشر روسي أميركي، متوقعاً "حدوث ضربات عسكرية محدودة لتلك المليشيات وقوات النظام التي يدفع بها إلى التنف أو درعا، لدفعها للتراجع، وقد يكون ذلك عقب تبليغ الروس كما حدث سابقاً، وهذا الأمر يبدو يرضيهم ويشعرهم بالندية مع الأميركيين، بغض النظر عن القتلى والخسائر المادية التي تدفعها تلك المجموعات، التي في الغالب هي من المرتزقة".