توجه إيراني نحو خصخصة قطاع السيارات لاستغلال الانفتاح

05 مارس 2016
تحديات تواجه صناعة السيارات في إيران (فرانس برس)
+ الخط -

 

تسعى إيران إلى تطوير صناعة السيارات التي تعاني من تحديات عديدة في ظل سيطرة الحكومة على نصف استثماراتها، مستغلة حالة الانفتاح التي يعيشها الاقتصاد بعد رفع الحظر الغربي على خلفية الاتفاق النووي، وبدأت الحكومة في الاستعداد لمرحلة خصخصة هذه الصناعة بهدف زيادة جودة المنتج المحلي وتسويقه عالمياً.

وتحتل صناعة السيارات في إيران المرتبة الثانية في قطاع الصناعة، بعد قطاع النفط والغاز، وتمثل 10% من الناتج المحلي، كما يوجد في الداخل 13 شركة لصناعة السيارات، لكن شركتي إيران خودرو وسايبا، هما الأنشط، حيث تقدمان 94 % من الناتج الإجمالي في هذه الصناعة.

وبعد أن وقعت طهران عدداً من العقود المهمة، مع دول أجنبية ترتبط بتطوير قطاع السيارات الإيرانية، استضافت العاصمة طهران المؤتمر الثالث لصناعة السيارات، الثلاثاء الماضي، بحضور واسع لشركات محلية إيرانية، فضلا عن مشاركة 137 شركة أجنبية، من 23 دولة.

واللافت في المؤتمر كان تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني، والذي دعا لخصخصة هذا القطاع، معتبرا أن الحكومة ليست قادرة على دعمه بشكل دائم، مع الإشارة إلى أن الحكومة تسيطر على نصفه تقريبا، فإذا ما أرادت البلاد تطوير صناعة سياراتها فعليها أن تضع الأمر بيد الشركات الخاصة، القادرة على النهوض به بشكل كبير، حسب قوله.

الخبراء يرون أن هذه الأفكار إيجابية، وتستطيع رفع معدل صادرات إيران، وتزيد من عائداتها، كما أن تطوير هذه الصناعة، قادر على زيادة فرص العمل، لأعداد كبيرة من الشباب الذين يعانون البطالة في الداخل، لكن هذا الأمر مرهون بعدد من الأمور ومنها مواجهة التحديات والعقبات التي تواجه هذا القطاع.

وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية الإيرانية علي إمامي، لـ"العربي الجديد"، إن تحقق هذه الأهداف يحتاج لرفع مستوى شروط المنافسة، وهذا لا يتحقق دون الخصخصة الكاملة، ودون زيادة عدد الشركات المحلية، فهناك شركتان تسيطران على غالبية مساحة هذا القطاع، واستمرار الوضع على هذا الحال، لن يحقق من تلك الآمال شيئاً حسب قوله.

وأضاف إمامي، إن المطلوب من الحكومة في المرحلة المقبلة، هو توفير آليات رفع مستوى الاستثمار الأجنبي، وتطوير العقود بين الشركات المحلية والأجنبية، فضلاً عن فتح الباب أمام الحصول على قطع السيارات والتجهيزات اللازمة لتطوير هذه الصناعة محليا.

اقرأ أيضاً: الشركات العالمية متعطشة للعودة إلى إيران

واعتبر إمامي، أنه لا يمكن لإيران أن تنافس على مستوى عالمي، كون صناعة السيارات مقسمة بين شركات ضخمة وكبرى، كل منها يسيطر على سوق معينة، بالتالي، على البلاد العمل لتعزيز علاقاتها مع تلك الشركات، وتطوير عقودها معها، لتحسين صناعة الداخل من جهة، وللحصول على حصة في السوق العالمية في المستقبل من جهة ثانية.

أما المتخصص بالقطاع الاقتصادي والصناعي الإيراني شريف خسروي، فيرى في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الخطط التي تتحدث عنها الحكومة كان يجب البدء بتطبيقها قبل عشر سنوات من الآن، حيث إن دعم القطاع الخاص كان مطلوبا منذ زمن، إلا أنه اعتبر أن الظروف حينها لم تكن مواتية لتطوير العلاقات مع الشركات الأجنبية.

وأضاف خسروي أن كلام روحاني منطقي، فهذه الصناعة تستطيع أن تعود على اقتصاد البلاد بالكثير، بالتالي يجب تسريع العمل، وتقديم تسهيلات للشركات المحلية، مشيرا إلى أن إيران لا تمتلك حتى الآن تكنولوجيا صناعة السيارات بشكلها المثالي، وهو ما يجب أن تحصل عليه من تطوير علاقاتها مع الشركات الأجنبية.

ويرى خسروي أن تحول طهران لمنافس في الإقليم والعالم يحتاج لوقت أولا، كما يحتاج لجودة أعلى في صناعة السيارات ثانيا، فيجب معرفة احتياجات الزبائن بدقة، ورفع معايير السلامة في السيارات الإيرانية، وبهذه الحالة من الممكن تطوير هذا القطاع كثيراً، بل ورفع معدل صادراته للخارج حسب قوله.

وصدرت طهران سياراتها المحلية الصنع خلال السنوات الماضية لعدد من الدول، منها سورية، العراق، بلغاريا، تونس وروسيا، كما وقعت قبل فترة وجيزة عقدا جديدا مع شركة بيجو الفرنسية، بقيمة 400 مليون يورو، وهذا بعد أن قاطعت هذه الشركة إيران منذ عام 2012، بسبب العقوبات التي فرضت عليها بفعل البرنامج النووي.

ويعني إشراف القطاع الحكومي على هذه الصناعة، الإبقاء على الوضع الراهن، رغم أن الحكومة حاولت جاهدة تقليص واردات السيارات الأجنبية خلال السنوات الماضية، وفرضت رسوماً جمركية مرتفعة عليها، بغية دعم صناعة السيارات المحلية.

وقال وزير التجارة والصناعة والمعادن محمد رضا نعمت زاده، خلال المؤتمر الذي عقد حول هذا القطاع الثلاثاء الماضي، إن لدى الحكومة خطة واضحة لمساعدة شركات القطاع الخاص، لرفع مستوى الإنتاج إلى 3 ملايين سيارة في العام، فضلا عن 120 ألف ناقلة من النوع الثقيل كالشاحنات والجرارات، وزيادة الصادرات لتصل إلى ثلث الإنتاج المحلي.
 
وأضاف أن رفع مستوى التعاون مع الشركات الأجنبية، سيجعل صناعة السيارات الإيرانية بعد 10 سنوات من الآن في المرتبة الأولى في المنطقة و5 في آسيا، و11 في العالم.


 


اقرأ أيضاً:
5 تحديات أمام إيران بعد رفع العقوبات
11 قطاعاً تنتظر الانتعاش بعد رفع العقوبات عن إيران

المساهمون