توجس ألماني من "مخاطر العملية العسكرية" التركية بالشمال السوري

10 أكتوبر 2019
ألمانيا تدعو تركيا لإيقاف عمليتها العسكرية بشمال سورية (Getty)
+ الخط -
مع انطلاق العملية العسكرية التركية في شمال شرق سورية، أمس الأربعاء، حذرت ألمانيا أنقرة من المخاطر الهائلة والتوترات الجديدة التي قد تشهدها المنطقة وأوروبا. 

رد الفعل الألماني على الهجوم عبر عنه بيان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الذي أدان الهجوم بأقوى العبارات، قائلاً إن تركيا تريد عمداً زعزعة استقرار المنطقة والمجازفة بإعادة بناء تنظيم "داعش" الإرهابي.

وأشار إلى أن الوضع يهدد بكارثة إنسانية وحركة نزوح جديدة للاجئين، داعيا تركيا إلى إنهاء هجومها وتحقيق مصالحها الأمنية بالطرق السلمية.

وقالت السياسية في حزب الخضر كلاوديا روت إن دخول تركيا إلى شمال سورية سيكون مخالفا للقانون الدولي وسيعني المزيد من التدمير والتهجير، مضيفة أن تركيا تسعى لتوطين الملايين من اللاجئين وعلى المدى المتوسط في المناطق ذات الأغلبية الكردية.

وفي السياق، يتخوف محللون ألمان من أن تنسحب تداعيات الضربة العسكرية، وعلى مختلف المستويات، على ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، كأن يعمد حزب العمال الكردستاني المحظور في ألمانيا، إلى تعبئة مناصريه والضغط على الساسة الأوروبيين لحماية أكراد سورية.

كما أبدوا تخوفهم من أن تنظم احتجاجات ومظاهرات ضخمة من قبل أبناء الجاليات الكردية التي تعيش منذ عقود في العواصم والمدن الأوروبية للتنديد والتحذير من العواقب التي قد تترتب على نتائج الحملة العسكرية التركية، وهو ما تجلى خلال الأيام الماضية في عدد من المدن الألمانية، بينها هامبورغ وبرلين. 

ويشير المحللون إلى إمكانية أن تنتج عن تلك الاحتجاجات أعمال عنف ضد المواطنين الأتراك أو المساجد والجمعيات التركية في ألمانيا.

وفي هذا الإطار، أوضحت صحيفة "شبيغل أون لاين" أنه حتى لو نجحت تركيا في ساحة المعركة، فلن تخلق السلام والاستقرار في المنطقة، بل على العكس ستعم الفوضى، مشيرة إلى عواقب الحروب في يوغسلافيا السابقة وتأثيرها المدمر على الدول المحيطة والمجتمعات، وإلى  التوترات العرقية في غرب البلقان، مثل صربيا وكوسوفو.


وترى الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي سيتعرض لمزيد من الضغط، من منطلق أن التدخل التركي قد يساهم بشكل غير مباشر ببروز خلايا نائمة لتنظيم "داعش" الإرهابي، وقد تعمل على استعادة نشاطها مرة أخرى، ما يجعلها أكثر جاذبية للمتطرفين، مشيرة إلى أن ذلك سيهدد أمن أوروبا.

وذكرت أن الأتراك سيلجأون لحماية معاقلهم ومناطقهم من الأتراك، مشيرة إلى إعلان الجنرالات الأكراد أنهم سيسحبون أفراد الأمن من معسكرات الاعتقال لمحاربة القوات التركية.

وفي سياق آخر، ذكرت صحيفة "تاغس شبيغل" أن انضمام الأكراد إلى القوات النظامية السورية يبقى خياراً محتملاً هرباً من هجوم أنقرة، في ظل الحديث عن لعبة تهديد بإسقاطهم لجأ إليها الرئيس الأميركي، بعدما طالبهم بالخضوع للنظام السوري من أجل تجنب الهجوم، علما أن ترامب رفض، في تعليق عبر تويتر، مزاعم تخليه عنهم.

من جهة أخرى، يرى محللون ألمان أن تدخل تركيا في سورية سيعزز طلب الأخيرة من أوروبا بدعم مقترحها القاضي بتشكيل المنطقة الآمنة المخطط لها في شمال سورية، وهو المقترح الذي يلقى حتى الآن معارضة الاتحاد الأوروبي، والسبب أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بعد تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة، علما أن الكلفة ستكون هائلة على الاتحاد الاوروبي.

ويقدر المبلغ المقترح لإنشاء 140 قرية أكثر من 20 مليار يورو، وينبغي على أوروبا أن تقدم مساهمة كبرى من أجل تحقيقه، والأمر محرج أساساً نظراً للمصلحة الأوروبية المشتركة التي تربطها مع تركيا، فضلاً عن اعتمادها كثيراً على أنقرة في الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي في جامعة هاله يوهانس فارفيك لصحيفة "دي فيلت"، اليوم الخميس، إن تأزم الوضع في شمال شرق سورية سيؤدي إلى حركات هروب جديدة للاجئين إلى أوروبا، وهو ما حذر منه أيضا دومينيك بارتش، ممثل وكالة الأمم المتحدة للاجئين في ألمانيا، الذي قال "نخشى أن يؤدي القتال المتجدد إلى تحركات جديدة للاجئين".

ويشكل النزوح الجماعي مصدرا للقلق لأوروبا، وهو ما بينته أيضا منظمة ميديكو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، إذ لفتت في وقت سابق، إلى أنه وفي حال وقوع الهجوم التركي يتوقع حدوث تدفقات جماعية، مستشهدة بما حل في عفرين عام 2018، حيث فر أكثر من 200 ألف من الرجال والنساء والأطفال.

إلى ذلك، فإن مصير الآلاف من مقاتلي داعش وأقاربهم المحتجزين عند قوات حماية الشعب سيكون غير واضح، والذين يقدر عددهم بـ12000 شخص، بينهم أكثر من 100 ألمانيّ قد يفرون من البلاد، أو قد تعمد القوات التركية لإرسال الأسرى الأجانب، وعلى وجه السرعة، إلى بلدانهم الأصلية، ما يعتبر خطرا أمنيا. 
المساهمون