توجسّ المعارضة السورية من التزام روسيا بهدنة السبت

22 فبراير 2016
المعارضة تشكك بنوايا موسكو من وراء الهدنة (فرانس برس)
+ الخط -

بعد ساعات قليلة من ولادة اتفاق أميركي روسي لوقف إطلاق النار في سورية يدخل حيز التطبيق، السبت المقبل، ولا يشمل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعِش)، و"جبهة النصرة"، بدأت تظهر مخاوف مبكرة للمعارضة السورية من التزام روسيا بالهدنة، خصوصاً أن موسكو باتت خصماً وحكماً في المعادلة السورية، على ضوء الاتفاق الجديد.


وعقدت الهيئة العليا للمفاوضات، مساء اليوم الإثنين، اجتماعاً طارئاً في مدينة الرياض لمناقشة إمكانية التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة يمكن من خلالها حمل القوى الحليفة للنظام على وقف الأعمال العدائية، التي تشن ضد الشعب السوري.

وبعد أن عرض منسق الهيئة، رياض حجاب، نتائج مباحثاته مع فصائل المعارضة في كافة الجبهات، تم الاتفاق على التجاوب مع الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق هدنة يتم إبرامها وفق وساطة دولية وأن يتم بموجبها تقديم ضمانات أممية بحمل روسيا وإيران والميلشيات التابعة لها على وقف القتال، وأن تعلن بصورة متزامنة من قبل مختلف الأطراف في آن واحد، بحيث تتوقف بموجبها عمليات القصف المدفعي والجوي ضد المدنيين.

وأكدت الهيئة أن الالتزام بالهدنة سيكون مرهوناً بتحقيق التعهدات الأممية والتزامات مجموعة العمل الدولية لدعم سورية، فيما يتعلق بتنفيذ المواد 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن 2254، والتي تنص على: فك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، وتمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات لجميع من هم في حاجة إليها، والإفراج عن جميع المعتقلين، ووقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وأن تتقيد جميع الأطراف فوراً بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان عودة المهجرين.

وقلل حجاب من توقعاته بإمكانية التزام النظام والقوى الحليفة له بوقف الأعمال العدائية، لإدراكهم أن بقاء بشار الأسد، مرهون باستمرار حملة القمع والقتل والتهجير القسري، ولذلك فهم يبذلون قصارى جهدهم لإفشال العملية السياسية والتهرب من استحقاقاتها الحتمية.

وفي إجابة عن سؤال وجه له حول مسودة التفاهم الأميركي-الروسي قال حجاب: "موقفنا واضح... نحن نقوم بدورنا وفق اتفاق المجموعة الدولية لدعم سورية في ميونخ، ونتحرك في حدود التخويل الممنوح لنا من مكونات الهيئة، نحن بصدد التباحث معهم والتشاور مع الأصدقاء وسنرد بعد ذلك بصورة رسمية".

وأضاف "ملتزمون من طرفنا بإنجاح الجهود الدولية المخلصة لحقن دماء السوريين، ودفع جميع الأطراف إلى مائدة الحوار، لكننا قادرون، في الوقت ذاته، على مخاطبة النظام باللغة التي يفهمها".

اقرأ أيضاً: لجنة أممية: النظام السوري و"داعش" يرتكبان جرائم حرب

وينص الاتفاق على أن "وقف الأعمال العدائية" لن يشمل تنظيم "الدولة الإسلامية"، و"جبهة النصرة"، أو أية "منظمات إرهابية" يحددها مجلس الأمن الدولي، وأن "أي طرف مشارك في العمليات العسكرية وشبه العسكرية في سورية عدا "داعش" و"جبهة النصرة" والمنظمات الإرهابية التي يحددها مجلس الأمن، عليه أن يلتزم ويعلن قبوله شروط وقف الأعمال العدائية في موعد لا يتجاوز الساعة 12:00 بتوقيت دمشق يوم 26 شباط الحالي".

وعلى الرغم من أن روسيا تشارك النظام السوري في تنفيذ العمليات العسكرية ضد المعارضة السورية إلا أن الاتفاق يعتبر أميركا وروسيا "شريكين في فريق عمل وقف إطلاق النار وبالتنسيق مع الأعضاء الآخرين في فرقة عمل فريق دعم سورية الدولي حسب الاقتضاء، فإنهما جاهزتان لوضع آليات فعالة لتعزيز ورصد الامتثال لوقف إطلاق النار من جانب كل من "القوات الحكومية في الجمهورية العربية السورية" وغيرها من القوى الداعمة لها، وجماعات المعارضة المسلحة".

ويبرز التفوق الروسي في إصدار الاتفاق من خلال الفقرة التي تشير إلى أن "العمليات العسكرية بما فيها القصف الجوي ستتواصل ضد "تنظيم الدولة" و"جبهة النصرة" بعد عمل مشترك روسي – أميركي بالإضافة إلى "أطراف أخرى" (لم يذكرها الاتفاق) يفضي إلى تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم، و"النصرة"، والمنظمات الإرهابية التي سيحددها مجلس الأمن"، ما يعني أن روسيا تستطيع الاستمرار بقصف مناطق المعارضة السورية بحجة أنها مناطق تابعة لـ "جبهة النصرة".

كما أن الاتفاق لم يشر صراحة إلى تنفيذ إجراءات بناء الثقة التي لطالما دعت إليها المعارضة السورية، وخصوصاً لجهة إطلاق النظام السوري سراح مئات الآلاف من المعتقلين في السجون، واكتفى بالقول إن "جميع الأطراف تؤكد التزامها بالعمل من أجل الإفراج المبكر عن المعتقلين وخاصة النساء والأطفال"، في حين اعتبر مسألة السماح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المناطق المحاصرة مسؤولية مشتركة بين النظام والمعارضة رغم حصار الأولى نحو ثلاث عشرة مدينة وبلدة سورية.


اقرأ أيضاً: الائتلاف السوري: النظام يتقمص دور الضحية للشراكة بمكافحة الإرهاب

إلى ذلك، بدت المعارضة السورية غير مسرورة لصدور القرار، وقال "رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر" العميد أحمد بري لـ "العربي الجديد" إن "الاتفاق كان من طرف واحد، ولم نشاور عليه"، في إشارة إلى نجاح روسيا في إصدار هذا الاتفاق، في حين قال هيثم المالح، عضو الوفد المفاوض إلى جنيف ورئيس اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني إنه تم "إرسال مسودة للفصائل جميعاً، عدا جبهة النصرة وداعش"، للتوقيع والموافقة قبل الساعة 12 ظهراً يوم الجمعة".

وحول استغلال روسيا الاتفاق لقصف أهداف المعارضة بحجة ضرب "النصرة" قال المالح لـ "العربي الجديد" إنه " سيتم قريباً طرح مشروع لمجلس الأمن حول تصنيف المنظمات الإرهابية".

بدوره، اعتبر عضو الائتلاف الوطني المعارضة، عقاب يحيى، أن "هناك شيئاً من تحول باتجاه ترسيخ هدنة، ولو لأسابيع علها تكون مقدمة لمفاوضات سياسية"، لكنه أبدى قلقاً من التزام موسكو بالاتفاق، قائلاً "بانتظار التجسيد، خاصة بإيقاف القصف الروسي، هي إشكالية، يقولون إن التوافق الروسي الأميركي شامل، ويجب أن يتخطى التدخل الروسي الحربي إلى فرض العملية السياسية".

وحول إشكالية "جبهة النصرة" وسيطرتها على مناطق مع المعارضة أوضح يحيى خلال تصريحات لـ "العربي الجديد" أن "هناك نوعاً من الغموض حول موقف الفصائل من جبهة النصرة، بعضهم يسكت وهناك من يعترض، وأن الوقف يجب أن يشملها باعتبارها جزءاً من غرفة عمليات مشتركة في بعض المناطق، وتعلم أن ما يشبه الإجماع الدولي على تصنيفها كمنظمة إرهابية".

وأضاف يحيى "نحن ننتظر التجسيد حين توقف روسيا عملياتها العدوانية منطلقاً لتكريس الهدنة وبدء عملية مفاوضات جدية تكون بنود جنيف 1 مرجعتيها الأساس خاصة لجهة تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية بصلاحيات كاملة، وبدء عملية الانتقال للنظام الديمقراطي، بالآليات المعروفة وبزمن محدد".

وحول بناء الثقة التي طالبت بها المعارضة السورية، قبل استئناف المفاوضات ولم ترد بشكل واضح في القرار لفت يحيى إلى أن "القرار يقتصر على الهدنة لذلك يتحدث كل طرف عن شروطه، الهيئة العليا تريد ربط المفاوضات بإنجاز شيء في البندين 12 و13 وإلا لن تكون هناك مفاوضات".

اقرأ أيضاً: بيان روسي- أميركي: وقف العمليات القتالية بسورية يبدأ السبت

المساهمون