وسط سلسلة جبال مطماطة في الجنوب التونسي، تقع قرية دخيلة توجان التي يزيد عمرها عن 800 عام.
قرية يتماهى معمار منازلها مع ألوان جبالها ويتداخل فيها، وسكانها عرب لا ينطقون سوى العربية، بالرغم من أن أغلب تسميات المواقع والأماكن التابعة للقرية هي أسماء أمازيغية.
أهم ما يميز القرية أن أهلها أحسنوا استخدام محيطهم البيئي. ويقول مصطفى الحسناوي أصيل القرية ومهتم بتأريخها: "نستغل حجارة الجبال في بناء المنازل، كما نستخدم الأشجار في صناعة أدوات الفلاحة، ونشتهر بمنتجات الزيوت والعسل وهما من نتاج الطبيعة وبدون تدخل بشري مباشر، وفي القرية أقدم المعاصر التقليدية في المنطقة".
ويعتبر إنتاج المرقوم أو صناعة الصوف من أهم الصناعات التقليدية التي تنتجها دخيلة توجان، وهي مهنة تتوارثها السيدات في القرية بحرفية وفنّ.
ويقول كمال حسناوي من سكان القرية: "استطاعت سيدات القرية منذ قرون طويلة استغلال الصوف في صناعة كل الاحتياجات من ملابس ومفروشات تستخدم في الحياة اليومية".
ويشير إلى أن الرسومات التي تعتمدها النساء لتزيين المرقوم بما يسمى "الوشمة" أو الرموز موجودة في مخيلتها وراسخة في ذاكرتها وتعلمها لبناتها، لافتا إلى أن المرقوم سميّ كذلك لأنه يعتمد على الأرقام والحساب في نقش الصوف وتزيينه بمختلف الألوان، في حين أن صنّاع المرقوم لا يستخدمون الورقة والقلم وإنما يعتمدون على مخزون الذاكرة.
وتتوارث السيدات في القرية تعلّم صناعات الصوف من الغزل والرسومات التي تزيّن منتجات. رفع أهالي قرية دخيلة توجان مطلبا لتسجيل قريتهم ضمن التراث العالمي، خصوصا لما تعانيه القرية من تهميش وحاجتها إلى اهتمام الدولة، واستغلال مواردها الطبيعية وتسويق منتجات سكانها، باعتبار أن أساليب العيش القديمة لم تعد كافية حتى يتوفر الرخاء لأهلها.