توتير إسرائيلي لإجهاض اتفاق السويداء ومحيطها

15 يونيو 2015
واصلت الصحف الحديث عن "مأزق الدروز في السويداء"(فرانس برس)
+ الخط -
تواصل إسرائيل مساعيها الدعائية لتشويه موقف القيادة الموحدة للدروز في محافظة السويداء، تارةً بادعاء تلقيها توجهات من قيادات درزية في الداخل الفلسطيني المحتل نقلت مطالب من السويداء بتدخل إسرائيلي لمساعدة الدروز في مواجهة "جبهة النصرة"، وتارةً بمحاولات الإيحاء باهتمامها بأمرهم والسعي لتوفير الحماية لهم، إن لم يكن عن طريقها فعبر الولايات المتحدة من خلال طرح مطلب تقديم المساعد لدروز سورية.

وكثفت الصحف الإسرائيلية بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة اهتمامها بأوضاع محافظة السويداء عبر الترويج والتهويل من أن الدروز في المحافظة وفي جبل العرب يتعرضون لخطر داهم على غرار ما كتب موقع "يديعوت أحرونوت". وتحاول إسرائيل، عبر صحفها، الإيحاء أن قادة الدروز في سورية طلبوا مساعدات إسرائيلية لهم. لكن ما انفردت فيه "العربي الجديد"، أمس الأول، من تبيان عروض إسرائيلية رفضها دروز سورية اضطرها إلى الإقرار بأن التوجهات جاءت من القيادات الدرزية في الداخل الفلسطيني، والتي نفت بدورها أن يكون مثل هذا الطلب قدم لإسرائيل رسمياً.
من جهتها، أقرّت مصادر في الطائفة الدرزية أن بعض أبناء الطائفة المنخرطين في الأحزاب الصهيونية ومن يروجون لحلف الدم بين الدروز في الداخل وبين إسرائيل، حاولوا عرض مثل هذه المطالب، لكن الموقف العام للقيادات السياسية والدينية الدرزية في الداخل الفلسطيني، رفض توريط دروز سورية، وتحدثت في اتصالاتها عن تأمين مخرج طوارئ ومساعدات إنسانية عبر الجولان، على غرار ما تم الاتفاق عليه من تأمين معبر بري آمن عبر الحدود مع الأردن.

اقرأ أيضا: محاولة تحريضية إسرائيلية فاشلة في السويداء


وفيما واصلت الصحف الإسرائيلية الحديث عن "مأزق الدروز في السويداء"، نقل المحلل العسكري لـ"هآرتس"، أمس الأحد، أنّ إسرائيل اقترحت على رئيس أركان الجيش الأميركي، الجنرال مارتن ديمبسي، أن تقدم الولايات المتحدة المساعدات العسكرية للدروز في سورية.
ويبدو هذا الطرح محاولة إسرائيلية واضحة ومكشوفة تهدف إلى توريط دروز سورية، الذين أعلنوا رفض إقامة شريط حدودي آمن لإسرائيل من حوران شرقاً وحتى رأس الناقورة غرباً، وزرع أسباب الفتنة والتشكيك في موقفهم مع تقدم الاتصالات بين قادة السويداء وبين فصائل المعارضة السورية الرامية لإخراج محافظة السويداء من دائرة القتال.
وتأمل إسرائيل أن تتمكن من إبقاء حالة التوتر الشديد في السويداء، بما يساعد في عرقلة طريق المعارضة السورية، ويخلق حالة عداء دموية بينها وبين الموحدين الدروز في جبل العرب تفضي إلى اشتعال معارك دامية بين الطرفين، مما يساعد ماكينة الدعاية الإسرائيلية بالقول إن أحسن وضع للأقليات الدينية والعرقية في الشرق الأوسط، هو ذلك الذي تتمتع به مختلف الأقليات الدينية داخل إسرائيل.
في هذا السياق، أظهر تقرير "هآرتس" بشأن المساعدات الأميركية المطلوبة من إسرائيل لصالح الدروز، أنها جاءت من قبل مختلف القيادات السياسية والأمنية في إسرائيل، بدءاً برئيس أركان الجيش الجنرال جادي أيزنكوت مروراً برئيس الحكومة نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعالون، وانتهاء برئيس الدولة راؤبين ريفلين الذي لا يمنحه القانون الإسرائيلي أي صلاحية للخوض في القضايا السياسية أو الأمنية.
ويمكن تفسير ذلك بأنه محاولة من قيادات إسرائيلية لتوجيه رسالة إلى الدروز في الداخل الفلسطيني المحتل بأنّ عدم قدرة إسرائيل على تقديم المساعدات العسكرية للدروز في السويداء، بفعل مخاطر ذلك وتداعياته على حدود إسرائيل، لم يمنعها من طلب مثل هذه المساعدة من طرف ثالث هو الولايات المتحدة. ويهدف الاحتلال من وراء ذلك إلى تحقيق مكاسب في صفوف دروز الداخل الفلسطيني وتعزيز مكانة المنخرطين في الأحزاب الصهيونية والمروجين للقومية الدرزية والتحالف مع إسرائيل.
كما يمكن بهذا الإعلان تصوير إسرائيل بأنها تسعى لرعاية وحماية دروز سورية، ولو عبر طرف ثالث، الأمر الذي من شأنه في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها سورية عموماً والسويداء على نحو خاص، أن يعكر جو المفاوضات الجارية لتحييد السويداء، وخصوصاً أن عضو الكنيست الليكودي، أيوب القرا أعلن في حديث مع "هآرتس"، أنه سيلتقي نتنياهو ويبحث معه قضايا تتعلق بالوضع في السويداء، ولكن عبر التأكيد أن الحديث يدور عن مساعدات من الدروز في الداخل وليس من حكومة إسرائيل.
ويأتي هذا الخطاب من القرا كما علمت "العربي الجديد" من مصادر مختلفة، على أثر الضغوط التي مارستها قيادات سياسية ودينية درزية في الداخل رفضت الانخراط في لعبة الدعاية الإسرائيلية الرامية لفرض وصاية إسرائيلية على الدروز في سورية.
وأكد ناشط من دروز فلسطين في الداخل المحتل لـ"العربي الجديد" أن هناك حذراً شديداً في أوساط دروز الداخل من مساعي إسرائيل لتسجيل وجني مكاسب إعلامية وسياسية من ملف السويداء عبر الترويج لاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية، وأن تحاول إسرائيل أن تضع لها موطئ قدم في ملف الموحدين الدروز في سورية انطلاقاً من عقيدتها الاستراتيجية بتفتيت الوطن العربي والمجتمعات العربية إلى طوائف وملل والضرب على وتر الأقليات. 

اقرأ أيضاً: الموحّدون لن يكونوا "لحديّي" سورية
المساهمون