توتنهام مع بوكيتينو.. أحلام مشروعة وكرة على رمال متحركة

04 أكتوبر 2016
توتنهام رقم صعب هذا الموسم (العربي الجديد/غيتي)
+ الخط -

توتنهام أوقف مسيرة مانشستر سيتي تحت قيادة بيب غوارديولا، ليقع متصدر الترتيب في المحظور، ويخسر أول ثلاث نقاط في البطولة الإنكليزية، ليتم ترتيب الأوراق من جديد، مع منافسة شرسة تتسع للجميع، من ليفربول إلى توتنهام مرورا بآرسنال واليونايتد، وحتى تشيلسي القادم من بعيد رفقة البقية، في موسم لن يحسم إلا في النهايات.

ديربي قديم
تحصل المواجهات بين بوكيتينو وغوارديولا على اهتمام مضاعف، منذ أيام ديربي كاتالونيا بين إسبانيول وبرشلونة، وبعد المواجهة الأخيرة في إنكلترا. فاز الأرجنتيني في مباراتين، بينما كانت الغلبة لمنافسه في خمس. ويعتبر هذا اللقاء خاصا جدا قياسا بالمباريات السابقة بين هذا الثنائي.

تعلم ماوريسيو من مارسيلو في الأولد بويز ومنتخب الأرجنتين، واستفاد من لعبة التحولات والتمريرات السريعة من الخلف إلى الأمام. يقول مدرب توتنهام عن أستاذه، "إنه أفضل معلم عبر مسيرتي، لقد نقل لي اللعبة من منظور آخر، وأصبحت أكثر دراية بكافة التفاصيل الخططية، لذلك أدين له بجزء أساسي من نجاحي في عالم التدريب".

بينما يعشق بيب لعبة الضغط التي اشتهر بها مارسيلو، ويذهب إليه عندما تحين الفرصة لكي يتحدثا سويا في أمور الكرة. وإذا كان قائد السيتي يعتبر كرويف والده الروحي، وفان غال أستاذ التكتيك، فإن بييلسا بالنسبة لبيب هو العبقري الحقيقي في عالم المستديرة.

لعبة الضغط
تحسن أداء سيتي مع مدربه الجديد، وأصبح الفريق أفضل على مستوى تدوير الكرات واستراتيجية التحولات، مع التحرك بين الخطوط والتمركز الجيد بالكرة ومن دونها، لكن لا تزال هناك بعض المشاكل أثناء البناء من الخلف، ووضح هذا الأمر بشدة خلال الشوط الثاني من ديربي مانشستر، حينما فقد السيتي كرات عديدة، نتيجة إغلاق زوايا التمرير أمام حارسه برافو.

لا يملك بيب أظهرة تجيد التمرير الماكر، بالإضافة إلى حاجة ستونز لوقت أطول حتى يدخل في نظام مدربه، بينما يجيد فرناندينيو الأدوار الهجومية كلاعب ارتكاز مساند، يصعد إلى الأمام ويجتهد في الفراغات. ونتيجة لكل ذلك، فإن الصعود بالكرة إلى منطقة الوسط فكرة ليست بالسهلة، خصوصا مع جلوس غوندوغان على دكة البدلاء في مباراة توتنهام.

فهم براندن اللعبة وهاجم السيتي في مباراة الشامبيونز، ونجح سيلتك في الوصول إلى مرماهم في أكثر من مناسبة، نتيجة الضغط القوي والمتواصل على دفاعات الفريق الآخر في مدينة مانشستر، وأعاد بوكيتينو نفس الطريقة لكن مع قدرات أشمل وخيارات أنسب، لذلك فاز توتنهام بالضربة الأولى، من خلال حرمان منافسه من اللعب الهادئ السلس في نصف ملعبه، من هنا انتهى كل شيء قبل حتى أن يبدأ الشوط الثاني.

كرة الرمل
تمتاز تدريبات فرق ماريسيو بوكيتينو بعادات غريبة، بعضها يبدأ من السير على أحجار ورمال ساخنة، من أجل ضغط أكبر وركض أقوى، واحتلال المستطيل بالطول والعرض. فعلها الرجل مع ساوثهامبتون ثم أعادها رفقة السبيرز، لذلك فريقه يمتاز بالسرعة في التحولات، والقدرة على الضغط العالي من آخر الملعب لأوله، بالإضافة إلى السرعة في إنهاء الهجمات.

لا تقدر على وصف توتنهام بالفريق الدفاعي، لكنه ليس هجوميا بطريقة بحتة. لا استحواذ راديكالي مع البعد عن ركن الأتوبيس أمام المرمى، لكن في النهاية تحول هذا الفريق الشاب إلى نسخة قاتلة، تصيب كل من يقترب منها إما بالتعادل أو الهزيمة. ومن اللعب بطريقة 3-4-2-1 في الموسم الماضي، إلى التحول الصريح بالنسخة المباشرة لخطة 4-1-4-1 مع التعاقدات الجديدة.

استفاد ماوريسيو من الوافد سيسوكو، ونجح في الحصول على جناح مباشر وسريع على اليمين، بينما يمتاز الطرف الآخر بالمهارة والخفة، لاميلا يسارا يقوم بهذا الدور. الأمر غير مرتبط بكفاءة الأجنحة، بل في تنوع وديناميكية الوسط، بوجود لاعب ارتكاز دفاعي صريح هو وانياما، رفقة إريكسين وآلي في الأمام، 4-1-4-1 هجوميا و 4-3-3 ثم 4-5-1 في الدفاع.

المكر الكروي
يلعب توتنهام بخمسة خطوط داخل الملعب في كافة مبارياته، ثنائي دفاعي أمامه لاعب ارتكاز بين طرفي الأظهرة، ثم ثلاثي بالوسط خلف ديلي آلي ومن بعده المهاجم سون، لذلك يملأ الفريق المساحات في وبين الخطوط، عن طريق وجود وانياما أمام منطقة الدفاع، بينما يتحرك إريكسين كثيرا بين الخلف والأمام، للقيام بدور اللاعب رقم 6 ثم التحول إلى المركز 10 كصانع لعب صريح.

ديلي آلي هو مهندس هذا العمل التكتيكي، لأنه أشبه بالزئبقي الذي لا يكل ولا يمل من ناحية التحرك، هو لاعب يشبه أوزيل، مع الفارق، في الذكاء الخارق أثناء شغل الفراغ، لذلك تجده دائما في الموقع الصحيح أمام المرمى، رغم أنه ليس مهاجما أو صانع لعب، بل أشبه بالنموذج الفوضوي الذي يتنقل بحرية داخل المنطقة المنشودة من طرف المدير الفني.

آلي مناسب لسون، والآسيوي خلق لكي يلعب رفقة الإنكليزي، فمهاجم توتنهام ليس برأس الحربة التقليدي، أو حتى التسعة على الطريقة الإنكليزية مثل كين، بل هو لاعب متحرك فقط، يرهق المدافعين ويزاحمهم، التهديف من واجباته لكن هناك وظائف أخرى، كتبادل المراكز مع القادمين من الخلف، وبالتالي يعتبر سون ورقة رابحة لزملائه، باتساع رقعة التمرير وخلق زوايا عديدة، وصناعة الأهداف كما حدث في لقطة الهدف الثاني لديلي في شباك برافو.

نحو المستقبل
في إحصائية تم عملها بالموسم الماضي، حصل توتنهام على أصغر معدل أعمار من بين كل فرق البريميرليغ، بمعدل وصل إلى 24.6 سنة تقريبا، ولم يتغير هذا المؤشر مؤخرا، بل واصل بوكيتينو على نفس الطريق، بالتعاقد مع أسماء صغيرة، وتجديد عقود كل نجوم الفريق على حد سواء، ليجمع بين الاستقرار والشباب في خطوة واحدة هذا العام.

يمتاز الفريق اللندني بالتخطيط الإيجابي، والتعامل مع اللعبة وكأنها مشروع رياضي مكتمل الأركان، لذلك يسير بخطوات ثابتة نحو القمة، ورغم أن الحديث عن الفوز بالدوري في هذا التوقيت يدخل في إطار الجنون، إلا أن توتنهام تحت قيادة ماوريسيو تحول إلى منافس حقيقي منذ الموسم الماضي، وربما جاءت فرصة الفوز على مان سيتي لتؤكد ذلك بشكل أوضح.

"أريد جعل توتنهام واحدا من أكبر الأندية في العالم، لقد قمنا بعمل رائع خلال الفترة الماضية، ونسعى للمواصلة في القادم، خصوصا مع وجود أكثر من لاعب دولي في صفوفنا، وأصبحنا نمثل المنتخب الإنكليزي بأفضل عدد ممكن من الأسماء"، بكل تأكيد ترسم تصريحات ماوريسيو بوكيتينو الكثير من أحلام توتنهام، والتي كانت وستبقى مشروعة في القادم!

المساهمون