تهديدات واشنطن تهبط بسعر الليرة التركية

10 مارس 2019
ضغوط داخلية وخارجية على الليرة (Getty)
+ الخط -
حافظت الليرة التركية، اليوم، على سعر صرفها أمام العملات الرئيسية، مسجلة نحو 5.44 ليرات مقابل الدولار، بعد تراجعات يصفها مختصون، بالمتوقعة، نظراً للتركيز على الاقتصاد، خلال الحملات الانتخابية للمجالس المحلية، التي ستشهدها تركيا 31 مارس/آذار الجاري بالإضافة إلى التهديدات الأميركية لأنقرة بسبب صفقة صواريخ "اس 400" الروسية.

وتراجع سعر صرف العملة التركية، بنحو 2% خلال الأسبوعين الأخيرين، وزادت وتيرة التراجع بعد قرار المصرف المركزي تثبيت سعر الفائدة عند نسبة 24%، الأربعاء الفائت، ليهبط سعر الليرة من 5.365 للدولار إلى 5.415 يوم الخميس، واستمر التراجع حتى أول من أمس، قبل أن تستقر أمس عند 5.44 ليرات للدولار.

وأشار أستاذ الاقتصاد فراس شعبو، إلى أسباب سياسية لتراجع العملة المحلية، منها عودة التجاذبات بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية والتي تتعلق بتصميم أنقرة على استيراد صواريخ "اس 400" من روسيا، وهو ما ترفضه واشنطن.

وفي حين يرى شعبو، وجود عوامل أخرى أقل تأثيراً مثل ما تروجه بعض الدول الخليجية، من شائعات ومبالغات حول تضخم وعجوزات وركود بالاقتصاد التركي وتوقعاتها بوصول الدولار إلى نحو 7 ليرات، توقع بأن تزول كل تلك العوامل سريعاً مطلع نيسان/ إبريل المقبل، بعد انتهاء الانتخابات المحلية المرتقبة، حيث من المرجح أن تعود الليرة للاستقرار والتحسن، مدعومة بمؤشرات الاقتصاد، سواء التصدير، أو السياحة وبدء دخول المشروعات العملاقة بتركيا، حيز الإنتاج، حسب شعبو.

وفيما يرى مراقبون أن الليرة التركية، تعاني من ضغوط جراء انكماش اقتصادي ومخاطر ارتفاع التضخم الذي يزيد عن 20%، فضلاً عن الفجوة في ميزان المدفوعات، يؤكد المتخصص في القطاع النقدي مسلم طالاس أن أداء الاقتصاد التركي بتحسن مستمر، بل والآمال كبيرة هذا العام، على زيادة الصادرات والسياحة، متوقعاً أن يستقر سعر الصرف عند 5 ليرات للدولار خلال هذا العام.

ويقول طالاس لـ"العربي الجديد": "ما شهدناه من تقلب بسعر الصرف، خلال الأيام الأخيرة، جاء بفعل السياسة ولا علاقة للأسباب الاقتصادية به، إذ من المتوقع أن تشهد الليرة تذبذبات خلال شهر الانتخابات، لأن منافسي حزب العدالة والتنمية الحاكم، يركزون أولاً على الاقتصاد ويحاولون الوصول للبلديات من بوابة الليرة ومعيشة المواطن".

كما أن لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الفائت، حول إلغاء المزايا التفضيلية للصادرات التركية، دلالات سياسية أثرت على نحو طفيف على السوق النقدية، نظراً للآثار المتوقعة على تدفق الصادرات إلى السوق الأميركية، بعد تطبيق القرار.

ويبيّن طالاس أن هناك متغيراً الأسبوع الماضي له علاقة بسرعة تداول النقود، ناتج عن قلق جراء تثبيت سعر الفائدة والقرار الأميركي، إذ راهن بعض المضاربين على تحريك أسعار الفائدة، فجاء التثبيت مخيباً، فلجأوا للبيع، ما زاد من عرض العملة التركية بالسوق بنسب ضئيلة.

واعتبر طالاس أن هذه المتغيرات آنية مرتبطة بأحداث متبدلة، وستعاود الليرة التركية التحسن والاستقرار، بفعل تحسن أداء الاقتصاد التركي وبدء عمليات الإصلاح الضريبي، التي شرعت بها تركيا أخيراً، بهدف نقل القطاع الحقيقي في تركيا، بمن فيه من مستثمرين محليين وأجانب، إلى موقع أكثر تميزا على صعيد المنافسة العالمية، بهدف تحويل إسطنبول إلى مركز مالي عالمي قوي.

وحول أثر عجز الميزان التجاري والديون المتعثرة على الليرة، يقول طالاس، أولاً هذا العامل ليس بجديد، بل الفجوة تتضاءل بعد وصول الصادرات العام الماضي لنحو 170 مليار دولار، كاشفاً أن هناك شركات عالمية كبرى، كشركة الخدمات المالية اليابانية "أوريكس جورب" وشركة "باين كابيتال" الأميركية للأسهم، بدأتا عملياً بمحادثات لدخول السوق التركية للاستثمار في القروض المتعثرة في البنوك التركية.

ويؤكد الخبير المالي التركي أن نسبة القروض المتعثرة "القروض التي تأخر سدادها 90 يوما على الأقل"، وجلها بالمصارف، لا تتجاوز 6% وهي مغرية للشراء من قبل العديد من الشركات والصناديق الأجنبية، والتي بدأت أخيراً، بتأسيس شركات بتركيا أو شراء الأسهم من شركات قائمة، لتتمكن، وفق القانون التركي، من شراء الديون المتعثرة من المصارف التركية.


المساهمون