تهديدات أوروبية تجبر السيسي على تجميد قانون الجمعيات الأهلية

21 فبراير 2017
سيبقى المشروع في عهدة البرلمان (الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر في وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، أن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أصدر تعليماته لرئيس مجلس النواب علي عبد العال، بإبقاء مشروع قانون تنظيم الجمعيات الأهلية بحوزة البرلمان، وعدم إرساله لرئاسة الجمهورية، لتحاشي إصداره في المستقبل القريب"، وذلك خشية تعرّض السيسي لضغوط دولية وانتقادات لاذعة بسبب خطورة المواد التي تحيل أمر إدارة المجتمع المدني إلى الأجهزة الأمنية. وعلى الرغم من أنه كان يجب على السيسي، بموجب الدستور، إصدار القانون بعد الموافقة عليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أنه أمر رئيس البرلمان بأن يؤخر إرساله، وذلك من دون طرح تعديل له، ثم طلب منه الاستمرار في تأجيل الإرسال إلى ما بعد زيارته المرتقبة إلى واشنطن، فضلاً عن استقباله المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في القاهرة خلال الشهرين المقبلين.

وذكرت المصادر أنه "بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية ساحقة على هذا القانون، وجّه عدد من السفارات الأجنبية إنذارات للحكومة ممثلة في وزارتي الخارجية والتضامن تحذر من مغبة إصداره، بما سينعكس بالسلب على أنشطة منظمات المجتمع المدني الأجنبية أو المدعومة من حكومات أوروبية، مما قد يؤثر على المساعدات الاجتماعية والثقافية من بعض هذه الدول إلى مصر". وأضافت أن "سفارات هولندا وألمانيا والسويد وبلجيكا وسويسرا نقلت إلى مصر قلق حكوماتها من قرب صدور القانون، بعد موجة المعارضة الواسعة التي قامت بها المنظمات الحقوقية المصرية وبعض الأحزاب السياسية".

وأوضحت المصادر أن "بعض السفارات هددت بوقف دعمها للمجتمع المدني المصري بمختلف صوره سواء في المجالات التنموية أو الحقوقية في حالة صدور القانون أو إعادة النظر فيه"، مشيرة إلى أنها "كانت تعترض على المشروع الذي أعدته وزارة التضامن ولم تكن تتخيل أن يكون المشروع المعدّ في البرلمان أكثر سوءاً".

وأشارت المصادر إلى أن "دعم الدول الأجنبية للمجتمع المدني لا يقتصر بطييعة الحال على الجمعيات أو المنظمات المصرية والأجنبية الناشطة في المجال السياسي والتي لا يريد نظام السيسي استمرارها، بل يشمل الدعم أيضا الجمعيات التابعة للحكومة وتلك المرخصة من قبلها والعاملة في مجالات التعليم والتدريب المهني والتوعية النسائية، وهي أنشطة ترغب الحكومة في استمرار الدعم الأجنبي لها لتغطيته عجزاً مالياً محلياً كبيراً".

واعترضت معظم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعارضة على مشروع القانون، ووصفته بأنه "أشد قمعاً من المشروع الذي أعدته وزارة التضامن"، إلى الحدّ الذي دفع بعض الحقوقيين ومديري الجمعيات للمطالبة بتمرير مشروع الحكومة بدلاً من المشروع الجديد الذي وافق عليه البرلمان ثم مجلس الدولة، ووصفه حقوقيون بأنه "يهدف لإحكام السيطرة على المجتمع المدني".



وأصدرت أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور، ومصر الحرية، والعيش والحرية، والتيار الشعبي، و22 منظمة، بياناً مشتركأ جاء فيه، أن "القانون المقرر إصداره قريباً سيكون سبباً في مذبحة مؤكدة للجمعيات الأهلية العاملة في مجال التنمية والخدمات الاجتماعية، إذ يتعيّن عليهم بموجب القانون، تسوية أوضاعهم وفقاً لنصوصه، التي تتضمن شروطاً فضفاضة للتسجيل، منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام، بل ويفترض أن تبت الحكومة فيما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة في التنمية من عدمه، وهو الشرط الذي يمثل عودة صريحة لقانون الجمعيات الأسبق رقم 32 لسنة 1964".

وينصّ المشروع على تشكيل جهاز للتحكم في المنظمات الأجنبية غير الحكومية على غرار مجلس الأمن القومي الذي يترأسه رئيس الجمهورية، ويتكون من ممثلي 3 جهات أمنية، بالإضافة لممثلي وزارات الخارجية، والعدل، والتعاون الدولي، والوزارة المختصة بالجمعيات، وممثل للبنك المركزي، وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال، وعن هيئة الرقابة الإدارية، ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية.

وبحسب القانون الجديد يختص هذا الجهاز بالبت في شؤون المنظمات الدولية غير الحكومية وتمويل وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأي جهة أجنبية. كما يتضمن المشروع عقوبات سالبة للحرية، مناقضاً بذلك توصيات الأمم المتحدة بشأن التعامل مع المجتمع المدني، وتصل العقوبات للسجن خمس سنوات، وغرامات مالية تصل لمليون جنيه، في حال أجرت الجمعية استطلاعات رأي أو بحوثا ميدانية، أو مارست العمل الأهلي دون التسجيل وفقاً للقانون، أو تعاونت بأي شكل مع أي منظمة دولية، بما في ذلك أجهزة الأمم المتحدة، دون الحصول على الموافقة اللازمة لذلك.

يذكر أن ملف التعامل مع المجتمع المدني كان يمثل نقطة خلاف دائمة بين إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونظام السيسي، ووجه وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، انتقادات متكررة للقاهرة بسبب تضييقها على عمل المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية، خصوصاً بالتزامن مع إعادة إحياء قضية التمويل الأجنبي للمنظمات، والتي تم على أثرها في عام إغلاق فروع عدد من المنظمات الأجنبية، الأميركية والألمانية تحديداً، في القاهرة.