شهدت الأيام الماضية تفشي جشع مصنّعي وتجار مواد التعقيم والكمامات وغيرها من المستلزمات الوقائية والطبية في دول الاتحاد الأوربي بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا، إذ قام كثير منهم بتخزينها لبيعها بأسعار أعلى، واندفع بعضهم نحو سرقة ما تحتويه المستشفيات من مواد تعقيم، ما اضطر مشافي الدنمارك إلى وضع حراسات على مخازن المستلزمات، ومنها مواد التعقيم.
وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الجمعة الماضي، أن أوروبا أصبحت الآن مركز وباء كورونا، داعيا للاستفادة من تجارب الصين وكوريا الجنوبية واليابان في التصدي للوباء.
واشتكت إيطاليا من عدم توفير الاتحاد الأوروبي مواد الرعاية الطبية التي طلبتها عقب تفشي كورونا على أراضيها، إلا بعد تدخل رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، ما اضطر برلين إلى إرسال سبعة أطنان من المواد الطبية، في مقابل إرسال الصين الخميس الماضي نحو 33 طناً.
ويبدو أن سياسة "بلدنا أولا" باتت طاغية في دول الاتحاد الأوروبي، إذ اشتكت السويد أيضا من عدم تسليم ألمانيا شحنة مواد طبية اشترتها الحكومة السويدية.
وفي مدريد، قررت الحكومة الإسبانية اتخاذ إجراءات غير مسبوقة في نظام الرعاية الصحية، وفق سياسة صارمة بعنوان "أولوية وطنية"، في محاولة لوقف انتشار كورونا، وأمهلت مدريد شركات القطاع الصحي الخاصة 48 ساعة لإعلام الحكومة عما تحتويه مخازنها، وكميات إنتاجها من المواد الطبية، وخصوصا التي تستخدم في الوقاية، كالقفازات والكمامات الطبية ومواد التعقيم.
وأوردت صحيفة "إل باييس" الثلاثاء، أن وزير الصحة سلفادور إيلا، قال إنه "سيتم وضع اليد مؤقتا على مقدمي الخدمات الصحية في القطاع الخاص ليكونوا تحت تصرف نظام الرعاية الصحية الحكومي في الأقاليم الإسبانية المختلفة. الإنذار الممنوح لأصحاب نظام الرعاية الصحية الخاصة يقضي بتأمين الوسائل الضرورية كافة من النظام الخاص لخدمة النظام الحكومي في عموم إسبانيا".
وشدد الوزير على أن عقود طلاب الطب في السنة الرابعة، التي انتهت مؤخرا، سيجري تمديدها لمساعدة البلد في مواجهة الوباء بعد التزايد الملحوظ في أعداد الوفيات والمصابين في إسبانيا، إذ تجاوزت الأرقام تسعة آلاف مصاب وأكثر من 330 وفاة.
وأعلنت مدريد الأحد أن "أية شركة تحتكر أو تحتجز مواد طبية كالأقنعة والقفازات والنظارات وغيرها من المواد الوقائية الطبية والصيدلانية، ستتحول خلال 48 ساعة إلى يد القطاع العام، بالإضافة إلى تعريضها لغرامات مالية كبيرة.
ما يطبق في مدريد يطبق أيضا في لشبونة، حيث قررت السلطات البرتغالية منع الشركات الصحية من تصدير ما تنتجه من مواد تعقيم ووقاية، قبل أن تسد حاجة السوق المحلي ومشافي البلاد.
وفي فرنسا، تتجه السلطات لفرض قيود مشددة على تخزين المواد الطبية، أو استغلال نقصها في الأسواق لبيعها بأسعار أعلى. وقررت شركة "لوي فيتون" الشهيرة وقف إنتاج العطور وإنتاج مواد معقمة تقدمها مجانا للمستشفيات الفرنسية بعد انتشار تخزين الناس لمواد التعقيم التي اختفت من الأسواق.
واضطرت الحكومة الفرنسية للتدخل مؤخراً، لتضع سقفاً للأسعار للحد من تلاعب تجار التجزئة، كما فرضت على المعامل وشركات إنتاج الأدوات الطبية إنتاج المزيد من المعقمات وضخها في السوق.