يُحكى عن نظام جديد لغرامات المرور، تتراوح قيمتها ما بين 14 دولاراً أميركياً وثلاثة آلاف دولار، لمكافحة 367 مخالفة. ويأمل متابعون أن يساهم الأمر في الحدّ من حوادث السير في لبنان
يعيش السائقون اللبنانيون في الأيام الأخيرة، هاجس "الكاميرات الجديدة" التي تحدّث مسؤولون في "غرفة التحكم المروري" التابعة لقوى الأمن الداخلي عن نصبها في مختلف المناطق بهدف ضبط مخالفات السرعة وتجاوز الإشارات المرورية. وهو الخبر الذي أرفقته الغرفة بإعلان صادم عبر حسابها على موقع "تويتر" إذ غرّدت معلنة عن "ضبط 17 مخالفة في 140 ثانية أثناء تجربة نظام ضبط المخالفات على الإشارات الضوئية الذي تعمل هيئة إدارة السير التابعة لوزارة الداخلية على تفعيله".
أرعب هذا الإعلان السائقين الذين يقودون السيارات الخاصة والعمومية وحتى سائقي الحافلات الصغيرة المشهورين بمخالفتهم للقوانين. الجميع في الشارع اللبناني بات يبحث عن خطوط المشاة بلونها الأبيض للتوقف قبلها، تفادياً لمخالفة ترصدها "الكاميرا المتطوّرة مع رادارها" التي سوف تنتشر في كل المناطق وسوف تعمل "في كل الظروف المناخية والجوية". وقد ضخّمت الروايات المتناقلة على لسان السائقين من حجم المشروع ومن قدرات الكاميرات التي باتت حديث الشارع. ولكثرة ما تنتشر كاميرات المراقبة الأمنية في شوارع بيروت، بات كلّ عمود يحمل الكاميرات مشروع "رادار سير جديد" نُصب، بحسب السائقين.
وبخلاف المتوقع، ليس في جعبة هيئة إدارة السير اللبنانية تفاصيل وافية عن هذا المشروع/ الهاجس الذي ضبط حركة السيارات وأطلق العنان لنكات وتعليقات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول رئيسة الهيئة هدى سلوم لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمر اقتصر على تركيب إحدى الشركات الأجنبية كاميرا واحدة فقط لتجربة نظام ضبط المخالفات الجديد"، من دون تحديد موعد لانتهاء هذه التجربة أو حتى الإعلان عن تركيب كاميرات إضافية. وتؤكد سلوم أنّ "اجتماعات تُعقد مع قوى الأمن الداخلي لبحث كيفية تطبيق النظام الجديد وكيفية التعاون والتنسيق". ولدى سؤالها عن ماهية المشروع الجديد وخطواته، تجيب أنّ "كل المواضيع ما زالت قيد المتابعة، ولا صورة كاملة وواضحة عن المشروع بعد".
اقــرأ أيضاً
وتشير سلوم إلى أنّ "الهدف ليس تغريم السائق، إنّما دعوته إلى احترام القانون والمشاة". ينتهي حديث رئيسة هيئة إدارة السير عند هذا الحد، لا نجد إضافات كافية لدى ضابط من ضباط قوى الأمن الداخلي، سألناه عن الوضع. والضابط الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، يكتفي بالتأكيد لـ"العربي الجديد" أنّ دور قطاعات السير في قوى الأمن الدخلي لا يبدأ في أيّ خطة قبل أن "ترتّب كلّ الإجراءات الإدارية والقانونية واللوجستية، ليتولى عناصرنا بعدها عملية الإشراف على حسن التزام المواطنين فقط ولفت انتباههم إلى الإجراءات الجديدة". وهو ما ظهر جلياً من خلال شرح عناصر السير في مختلف أرجاء العاصمة بيروت، أهمية خطوط المشاة البيض وضرورة الالتزام بها للسواقين، على الرغم من عدم سريان تطبيق أيّ خطة جديدة فعلياً. وفي بعض الشوارع، راح بعض السائقين يبحثون مع عناصر الشرطة عن الخطوط التي محتها عجلات السيارات، فيما راحوا يشكون من عدم صيانة الطرقات. وعند سؤاله عن جدية المشروع، يضحك الضابط رافضاً التعليق.
مع استمرار حالة التراخي الرسمي في تطبيق قانون السير اللبناني الجديد الذي أعلن عن اعتماده في منتصف شهر أبريل/ نيسان من عام 2015، يخشى خبراء فشل أيّ محاولة لضبط المخالفات الخاصة بالإشارات الضوئية، نتيجة "عدم جدية المتابعة من قبل الإدارات المعنية". يقول أمين سر جمعية "يازا" للسلامة المرورية كامل إبراهيم، إنّ "النظام الجديد موضوع الحديث، هو نظام ممتاز جداً ويصب في مصلحة حماية السلامة المرورية. لكنّ العبرة تبقى في حسن إدارته من قبل الجهات الرسمية المعنية". ويُذكّر إبراهيم بتجربة 10 كاميرات نصبت في عام 2009 وبلغت تكلفتها مليون دولار أميركي، من قبل بلدية بيروت على التقاطعات الكبيرة و"الخطرة". قيل يومها إنّها سوف تضبط حركة المرور وتكون لها استخدامات أمنية كذلك. وعلى الرغم من مضيّ ثماني سنوات على تركيب هذه المنظومة المكلفة والمتطورة في شوارع بيروت، إلا أنّها لم تُفعّل يوماً ولم تُربط إلكترونياً بهيئة إدارة السير أو بغرفة التحكم المروري، وذلك وفقاً لإبراهيم "بحجة عدم وجود فريق لإدارتها وصيانتها. وهو الأمر الذي أسقط الغاية الرئيسة من تركيبها". وقد شكّل الأمر فضيحة كُشف عنها في الأشهر القليلة الأخيرة من ولاية المجلس البلدي السابق للعاصمة اللبنانية.
في هذا السياق، يحذّر إبراهيم من تحوّل ثقافة عدم متابعة تطبيق القوانين إلى "صفة متلازمة لموضوع السلامة المرورية في لبنان، لأنّنا لم نشهد حتى اللحظة أيّ خطوة عملية من الوزارات المعنية لتطبيق بنود قانون السير الجديد مثلاً". ويعرض مثالاً عن "تصغير حجم رخص القيادة وتحويلها إلى النظام الإلكتروني (بيومتري). وقد أدّى ذلك إلى تعديل شكل البطاقة فقط من دون إضافة أيّ جديد مرتبط ببنود القانون، كإضافة نظام النقاط إلى البطاقة أو ربطها إلكترونيا بأجهزة الدولة لتكوين سجل السائق".
ويرى إبراهيم أنّ "حالة التوافق السياسي والعهد الرئاسي الجديد الذي أعاد الانتظام إلى مؤسسات الدولة، لا بدّ من ينعكسا على عمل الوزارات والإدارات المعنية بإدارة السير". وإلى ذلك الحين، سوف يواصل السائقون بحثهم عن الخطوط البيضاء، حتى تنتهي الفقاعة الإعلامية ويعود الوضع إلى طبيعته غير الطبيعية في شوارع بيروت.
اقــرأ أيضاً
يعيش السائقون اللبنانيون في الأيام الأخيرة، هاجس "الكاميرات الجديدة" التي تحدّث مسؤولون في "غرفة التحكم المروري" التابعة لقوى الأمن الداخلي عن نصبها في مختلف المناطق بهدف ضبط مخالفات السرعة وتجاوز الإشارات المرورية. وهو الخبر الذي أرفقته الغرفة بإعلان صادم عبر حسابها على موقع "تويتر" إذ غرّدت معلنة عن "ضبط 17 مخالفة في 140 ثانية أثناء تجربة نظام ضبط المخالفات على الإشارات الضوئية الذي تعمل هيئة إدارة السير التابعة لوزارة الداخلية على تفعيله".
أرعب هذا الإعلان السائقين الذين يقودون السيارات الخاصة والعمومية وحتى سائقي الحافلات الصغيرة المشهورين بمخالفتهم للقوانين. الجميع في الشارع اللبناني بات يبحث عن خطوط المشاة بلونها الأبيض للتوقف قبلها، تفادياً لمخالفة ترصدها "الكاميرا المتطوّرة مع رادارها" التي سوف تنتشر في كل المناطق وسوف تعمل "في كل الظروف المناخية والجوية". وقد ضخّمت الروايات المتناقلة على لسان السائقين من حجم المشروع ومن قدرات الكاميرات التي باتت حديث الشارع. ولكثرة ما تنتشر كاميرات المراقبة الأمنية في شوارع بيروت، بات كلّ عمود يحمل الكاميرات مشروع "رادار سير جديد" نُصب، بحسب السائقين.
وبخلاف المتوقع، ليس في جعبة هيئة إدارة السير اللبنانية تفاصيل وافية عن هذا المشروع/ الهاجس الذي ضبط حركة السيارات وأطلق العنان لنكات وتعليقات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول رئيسة الهيئة هدى سلوم لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمر اقتصر على تركيب إحدى الشركات الأجنبية كاميرا واحدة فقط لتجربة نظام ضبط المخالفات الجديد"، من دون تحديد موعد لانتهاء هذه التجربة أو حتى الإعلان عن تركيب كاميرات إضافية. وتؤكد سلوم أنّ "اجتماعات تُعقد مع قوى الأمن الداخلي لبحث كيفية تطبيق النظام الجديد وكيفية التعاون والتنسيق". ولدى سؤالها عن ماهية المشروع الجديد وخطواته، تجيب أنّ "كل المواضيع ما زالت قيد المتابعة، ولا صورة كاملة وواضحة عن المشروع بعد".
وتشير سلوم إلى أنّ "الهدف ليس تغريم السائق، إنّما دعوته إلى احترام القانون والمشاة". ينتهي حديث رئيسة هيئة إدارة السير عند هذا الحد، لا نجد إضافات كافية لدى ضابط من ضباط قوى الأمن الداخلي، سألناه عن الوضع. والضابط الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، يكتفي بالتأكيد لـ"العربي الجديد" أنّ دور قطاعات السير في قوى الأمن الدخلي لا يبدأ في أيّ خطة قبل أن "ترتّب كلّ الإجراءات الإدارية والقانونية واللوجستية، ليتولى عناصرنا بعدها عملية الإشراف على حسن التزام المواطنين فقط ولفت انتباههم إلى الإجراءات الجديدة". وهو ما ظهر جلياً من خلال شرح عناصر السير في مختلف أرجاء العاصمة بيروت، أهمية خطوط المشاة البيض وضرورة الالتزام بها للسواقين، على الرغم من عدم سريان تطبيق أيّ خطة جديدة فعلياً. وفي بعض الشوارع، راح بعض السائقين يبحثون مع عناصر الشرطة عن الخطوط التي محتها عجلات السيارات، فيما راحوا يشكون من عدم صيانة الطرقات. وعند سؤاله عن جدية المشروع، يضحك الضابط رافضاً التعليق.
مع استمرار حالة التراخي الرسمي في تطبيق قانون السير اللبناني الجديد الذي أعلن عن اعتماده في منتصف شهر أبريل/ نيسان من عام 2015، يخشى خبراء فشل أيّ محاولة لضبط المخالفات الخاصة بالإشارات الضوئية، نتيجة "عدم جدية المتابعة من قبل الإدارات المعنية". يقول أمين سر جمعية "يازا" للسلامة المرورية كامل إبراهيم، إنّ "النظام الجديد موضوع الحديث، هو نظام ممتاز جداً ويصب في مصلحة حماية السلامة المرورية. لكنّ العبرة تبقى في حسن إدارته من قبل الجهات الرسمية المعنية". ويُذكّر إبراهيم بتجربة 10 كاميرات نصبت في عام 2009 وبلغت تكلفتها مليون دولار أميركي، من قبل بلدية بيروت على التقاطعات الكبيرة و"الخطرة". قيل يومها إنّها سوف تضبط حركة المرور وتكون لها استخدامات أمنية كذلك. وعلى الرغم من مضيّ ثماني سنوات على تركيب هذه المنظومة المكلفة والمتطورة في شوارع بيروت، إلا أنّها لم تُفعّل يوماً ولم تُربط إلكترونياً بهيئة إدارة السير أو بغرفة التحكم المروري، وذلك وفقاً لإبراهيم "بحجة عدم وجود فريق لإدارتها وصيانتها. وهو الأمر الذي أسقط الغاية الرئيسة من تركيبها". وقد شكّل الأمر فضيحة كُشف عنها في الأشهر القليلة الأخيرة من ولاية المجلس البلدي السابق للعاصمة اللبنانية.
في هذا السياق، يحذّر إبراهيم من تحوّل ثقافة عدم متابعة تطبيق القوانين إلى "صفة متلازمة لموضوع السلامة المرورية في لبنان، لأنّنا لم نشهد حتى اللحظة أيّ خطوة عملية من الوزارات المعنية لتطبيق بنود قانون السير الجديد مثلاً". ويعرض مثالاً عن "تصغير حجم رخص القيادة وتحويلها إلى النظام الإلكتروني (بيومتري). وقد أدّى ذلك إلى تعديل شكل البطاقة فقط من دون إضافة أيّ جديد مرتبط ببنود القانون، كإضافة نظام النقاط إلى البطاقة أو ربطها إلكترونيا بأجهزة الدولة لتكوين سجل السائق".
ويرى إبراهيم أنّ "حالة التوافق السياسي والعهد الرئاسي الجديد الذي أعاد الانتظام إلى مؤسسات الدولة، لا بدّ من ينعكسا على عمل الوزارات والإدارات المعنية بإدارة السير". وإلى ذلك الحين، سوف يواصل السائقون بحثهم عن الخطوط البيضاء، حتى تنتهي الفقاعة الإعلامية ويعود الوضع إلى طبيعته غير الطبيعية في شوارع بيروت.