تنشيط الاقتصاد التونسي في 2016 يصطدم بمخاطر الإرهاب

28 ديسمبر 2015
الهجمات الإرهابية كلّفت تونس خسائر باهظة (فرانس برس)
+ الخط -



توقعت دوائر الاقتصاد العالمي أن يتوج الانتقال الديمقراطي الناجح عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس، بنتائج اقتصادية طيبة خلال العام 2015، إلا أن الرياح جرت بعكس ما تشتهي السفن، لينتهي العام بنسبة نمو تقارب الصفر.

وكانت الحكومة تطمح عند مناقشة موازنة العام الجاري، في ديسمبر/ كانون الأول 2014، أن تحقق نسبة نمو في حدود 3% وأن تتمكن من استرجاع ثقة المستثمرين إلى جانب تنفيذ برنامج لاستقبال نحو 5 ملايين سائح على الأقل، إلا أن الهجمات الإرهابية على متحف باردو في العاصمة يوم 18 من شهر مارس/ آذار الماضي ضربت كل البرامج الاقتصادية، لتستكمل تونس مسلسل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها منذ ثورة يناير 2011.

وقدّر وزير المالية سليم شاكر، في تصريحات سابقة، خسائر تونس من الهجوم الإرهابي بأكثر من 700 مليون دينار تونسي (نحو 370 مليون دولار)، غير أن خبراء ماليين قدروا الخسائر بأكثر من ذلك بكثير وأنها تتجاوز 950 مليون دينار (أي 550 مليون دولار)، باعتبار أن التداعيات السلبية للعملية كانت بمثابة "تسونامي" الذي اجتاح أغلب القطاعات الاقتصادية والمؤسسات الصناعية المنتجة.

ولم تكد تونس تستوعب تداعيات عملية متحف باردو، لتتلقى في منتصف يونيو/ حزيران الماضي ضربة أكثر وجعا من سابقتها بمقتل 38 سائحا على أثر استهداف المنتجع السياحي في محافظة سوسة الساحلية، ما أدى إلى ما يشبه الشلل في القطاع السياحي.

وتوفر السياحة التونسية 20% من دخل البلاد من العملات الأجنبية، أي 1.5 مليار دولار سنويا، كما توفر 500 ألف فرصة عمل مباشرة، وأكثر من مليوني فرصة عمل غير مباشرة في قطاعات ترتبط بالسياحة، كالصناعات التقليدية ونقل السياح.

وتجاوزت خسائر تونس هذا العام القطاع السياحي لتستنزف العديد من القطاعات الحيوية، حيث إن الإرهاب كان له انعكاسات خطيرة على المستوى الاقتصادي بشكل عام لتضرب أغلب مؤسسات الإنتاج وقدرة تونس على جلب الاستثمار الخارجي.

وتظل الإشكاليات الاقتصادية في تونس مطروحة بشدة ما دامت آلة خلق الثروة معطلة، وفق الخبير الاقتصادي معز الجودي، لـ"العربي الجديد"، الذي يعتبر أن تواصل المطالب الاجتماعية المُبالغ فيها والتي لا تراعي التوازنات المالية للبلاد ساهم بشكل كبير في تدهور الوضع الاقتصادي إلى جانب عامل آخر وهو عدم وضوح الرؤية في ما يتعلق بمناخ الاستثمار.

اقرأ أيضاً: تونس تطالب ببرنامج إنقاذ دولي بقيمة 25 مليار دولار

وخسرت تونس، بسبب تعطلّ الإنتاج الوطني في مصانع الفوسفات ومشتقاته، نحو 4 مليارات دينار تونسي (أكثر من ملياري دولار) خلال السنوات الأربع الأخيرة نتيجة الاحتجاجات الاجتماعية المتكررة بمنطقة الحوض المنجمي المنتج لهذه المادة.

ولم يكن القطاع الزراعي خلال 2015 أوفر حظا من بقية القطاعات الاقتصادية في تونس، حيث تسبب انحباس الأمطار في الفترة بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران في خسارة قرابة 40% من المحصول الزراعي من الحبوب.

وسجلت واردات تونس من الحبوب منذ بداية العام إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ارتفاعا بنسبة 32% لتبلغ مليوناً و61 ألف طن، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسب إحصائيات لوزارة الزراعة.

وتبدو حظوظ الاقتصاد التونسي في التعافي العام القادم ضئيلة، حيث أكد محافظ المصرف المركزي الشاذلي العياري، أن عوامل الانكماش الاقتصادي لا تزال مستمرة، مشيراً إلى أن الإقلاع لن يتحقق قبل سنة 2017.

وفي هذا السياق، يؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي عز الدين سعيدان، لـ"العربي الجديد"، أن السنة الجديدة ستكون صعبة على الاقتصاد التونسي، مشيراً إلى أن تونس ستكون خلال سنة 2017 مطالبة بتسديد أكثر من 4 مليارات دولار من الديون الأجنبية في وقت يمر فيه الاقتصاد بوضع انكماش.

ورغم التعاطف الدولي مع تونس، إلا أنه لم يرتق الى مستوى المساعدة المالية، ما جعل الحكومة تشعر بالإحباط، وهو ما اضطرها إلى الاقتراض من السوق العالمية، رغم الانتقادات الحادة التي واجهتها من خبراء وأحزاب معارضة بسبب إسرافها في "التداين" الخارجي.
وتهدف تونس إلى سد العجز في الميزانية الذي يتوقع أن يتقلّص العام المقبل إلى 3.9% مقابل 4.4% هذا العام.

وبدأت تونس الشهر الحالي في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على برنامج تمويل قد يصل إلى ملياري دولار. وكان الصندوق قد أقرض تونس في العام 2013 حوالي 1.6 مليار دولار ضمن اتفاق التزمت تونس بموجبه بإجراء سلسلة إصلاحات اقتصادية.


اقرأ أيضاً:
تونس تطارد الحسابات المصرفية المشبوهة
البنك الدولي يُقرض تونس 5 مليارات دولار
البنك الدولي: مواجهة التطرف تبدأ من الاقتصاد

المساهمون