تنافس أميركي روسي على أكراد سورية

14 أكتوبر 2015
أثناء دفن مقاتلين أكراد في تل حميس بالحسكة (getty)
+ الخط -
منذ الإعلان عن التدخل العسكري المباشر في سورية، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، لم تتردد روسيا، بحسب ما تؤكد مصادر كردية لـ"العربي الجديد"، في بذل الجهود لضم أكراد سورية إلى صفّها، وقطع الطريق أمام الولايات المتحدة الأميركية، التي تتحرك بالفعل لتقوية علاقاتها معهم. التحرك الأميركي ترجم بالتسريبات التي وصلت إلى سياسيين أكراد قبل أكثر من أسبوع، بينهم مصدر كان قد أكد لـ"العربي الجديد" أنّ "شحنة من الذخائر الأميركية ستقدمها واشنطن إلى المقاتلين الأكراد في سورية، والتابعين لحزب "الاتحاد الديمقراطي" (PYD)، في وقت قريب، ويبلغ وزنها نحو 100 طن". وهو ما يبدو أنه قد بدأ بالفعل يوم الإثنين الماضي، بعد الإعلان عن إنشاء تحالف "قوات سورية الديمقراطية"، الذي يضم مقاتلين أكراد وآخرين من العشائر العربية، والإعلان عن استعدادات أميركية لتزويده بالسلاح فضلاً عن وضع الهجوم على معقل تنظيم "داعش" في الرقة كهدف أساسي للتحالف.


اقرأ أيضاً: "روج أفا"... أكراد ممنوعون من محاربة نظام الأسد

ووفقاً للمصدر نفسه فإن "هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الولايات المتحدة أسلحة وذخائر إلى المقاتلين الأكراد في سورية، لكن هذه المرة بصورة مباشرة، بحيث تم تقديمها في المرات السابقة عبر إقليم كردستان العراق".

ويرى السياسي الكردي السوري في حديثه إلى "العربي الجديد"، أن "واشنطن تريد التقرب أكثر من أكراد سورية، لذلك تقوم بتقديم السلاح والغطاء الجوي لعملياتهم العسكرية ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). كما تسعى إلى تقوية العلاقات معهم والاستفادة منهم كقوة مسلحة فعالة على الأرض في ضرب داعش وطرده من المناطق التي يسيطر عليها".

ويوضح المصدر نفسه أنه "بعد دخول روسيا إلى الساحة السورية بشكل مباشر أخيراً، وجدت واشنطن نفسها في حاجة إلى تحييد الأكراد أو إبقائهم بعيداً عن الاستغلال الروسي الذي يسعى إلى ضرب معارضي نظام بشار الأسد بواسطة القوى الكردية".

وتأتي تطورات يوم الإثنين الماضي وتحديداً لجهة الاستعدادات للهجوم على الرقة، بعدما كانت  صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد ذكرت، في تقرير لها نُشر في 5 أكتوبر/تشرين الأول الحالي أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" بدأ يستعد لفتح جبهة رئيسية في شمال شرق سورية، تهدف إلى الضغط على الرقة، معقل "داعش"، وأن هذه الجبهة سيتم إشعالها بواسطة المقاتلين الأكراد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أقرّ  خطوتين هامتين للبدء في الهجوم خلال الأسابيع المقبلة، إحداهما إعطاء أوامر إلى وزارة الدفاع، وللمرة الأولى، بتقديم الذخيرة والأسلحة إلى قوات المعارضة السورية على الأرض، من الأكراد والعرب.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن هذه التدابير تهدف إلى تمكين 3 آلاف إلى 5 آلاف من المقاتلين العرب، الذين سينضم إليهم أكثر من 20 ألف مقاتل كردي، لشنّ هجمات بدعم جوي من طيران التحالف من الضغط على الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم "داعش" في سورية.

وكان نائب ممثل الرئيس الأميركي في التحالف الدولي ضد الإرهاب، بيرت ماكغورك، قد اجتمع مع رئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، صالح مسلم، بحضور رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، وذلك في مدينة أربيل، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بهدف التنسيق بين الأطراف الثلاثة في الحرب ضد "داعش".

لكن بعد مضي وقت قصير، بدأ الروس بالتحرك نحو الأطراف الكردية في سورية والعراق، بهدف ضمهم إلى الحلف الجديد الذي تقوده روسيا ويضم إيران والعراق وسورية.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشار، صراحة، إلى أن الأكراد في سورية، إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، هم القوة الرئيسة التي تقاتل المسلحين. وخرج بعده وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي، ليقول إن بلاده قدمت الدعم المسلح لقوات "البيشمركة" في كردستان العراق بعلم من بغداد. وعلى الرغم من أن البشمركة نفت حديث لافروف، أكدت أن روسيا لم تقدم أية مساعدات بالأسلحة سوى بعض الأغذية التي قدمتها للنازحين قبل أشهر.

وفي دلالة على انفتاح روسي على الأكراد في سورية، قال مستشار حزب "الاتحاد الديمقراطي"، سيهانوك ديبو، في تصريح صحافي، قبل فترة إن روسيا دعت الحزب الذي يدير منفرداً المناطق الكردية في شمال سورية من خلال نظام "الكانتونات"، إلى افتتاح ممثلية له في موسكو، وستقوم الحكومة الروسية بالاعتراف بها بشكل رسمي.

وتأتي هذه الخطوة في إطار المحاولات الروسية لقطع الطريق أمام الولايات المتحدة في الانفتاح على الأكراد في سورية، إذ سبق أن وفر طيران التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، غطاء جوياً لهم لمقاتلة تنظيم "داعش"، خصوصاً أثناء السيطرة على مدينة عين العرب، وإبلاغها أنقرة بعدم التعرض للقوات الكردية في سورية أثناء شن غارات ضدّ مقاتلي ومواقع حزب "العمال الكردستاني" المناهض لتركيا، ابتداء من 24 أغسطس/آب الماضي.

ويرتبط حزب "الاتحاد الديمقراطي" المهيمن على العملية السياسية والقوة العسكرية في المناطق الكردية بسورية، وبسبب الروابط الوثيقة القائمة بينه وبين "العمال الكردستاني" المناوئ لتركيا، بكل من طهران ودمشق. وعلى الرغم من ذلك سعى الحزب إلى التقرب من واشنطن أيضاً، مدعوماً من "العمال الكردستاني" الذي تصنفه الأخيرة ضمن الجماعات الإرهابية. وسعى "الاتحاد الديمقراطي" إلى إقناع واشنطن برفع اسم الحزب من قائمتها للجماعات الإرهابية.

لكن بعد تشكيل الحلف الروسي الإيراني العراقي السوري، تراجعت جهود التقارب بين واشنطن وأكراد سورية، بل حتى بين الأخيرين وإقليم كردستان.

وفي السياق، يوضح السياسي الكردي السوري نفسه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن  حزب الاتحاد الديمقراطي السوري لديه علاقات بالفعل مع موسكو، وذلك يعود لسنوات من الارتباطات بين روسيا وإيران وحزب "العمال الكردستاني". ويلفت إلى أنه "يمكن القول إن الحزب السوري في المحور الروسي الإيراني، وهذا قرار مركزي، لكن وكنوع من التكتيك يتواصل وينسق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة".

ووفقاً للمصدر السياسي نفسه، فإن "الوجود الروسي في سورية قد لا يحقق أهدافه، لذلك يريد الأكراد التواصل مع الولايات المتحدة أيضاً، ثم إن حزب الاتحاد الديمقراطي السوري ليس هو القوة الكردية الوحيدة في سورية، لأن هناك 12 حزباً كردياً آخر هم أعضاء المجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية المتحالف مع تركيا والغرب. في المقابل، فإن حزب "PYD" عضو في هيئة التنسيق الوطني، ومقرها في دمشق ولها علاقات وطيدة مع روسيا وإيران والنظام السوري".

يشار إلى أن هناك قوة كردية أخرى لم تدخل بعد في معادلة الصراع السوري، وهي تشكيلات مسلحة تضم نحو 7000 مقاتل من أبناء اللاجئين السوريين في إقليم كردستان العراق، تلقوا تدريبات وأسلحة ويستعدون للانضمام للحرب ضد "داعش" في سورية قريباً، وهذه القوة يمكن تصنيفها ضمن المحور الغربي.

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يهاجر أكراد سورية