تمديد العقوبات الأميركية على السودان يبدد آمال تقارب البلدين

04 نوفمبر 2016
أشار الحزب الحاكم إلى الآثار السلبية للعقوبات على الشعب(Getty)
+ الخط -
جددت الولايات المتحدة، أمس الخميس، العقوبات المفروضة على السودان، منذ ثمانية عشر عاماً، والمتمثلة بالحصار الاقتصادي، ووضع اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفُرضت هذه العقوبات نتيجة تصنيف الولايات المتحدة للخرطوم على أنها تهدد الأمن القومي الأميركي.



وقبيل تجديد العقوبات أصدرت السفارة الأميركية في السودان بياناً تطمينياً للخرطوم، أكدت فيه أن "تجديد العقوبات أمر روتيني، يتم بشكل سنوي"، وأن "الخطوة لن تقف عائقاً أمام الحوارات التي بدأها الطرفان لتحسين العلاقات بين البلدين".



وأظهرت الخرطوم موقفين حيال الخطوة الأميركية، حيث بادرت الخارجية السودانية للتقليل من تأثير الخطوة على المحادثات بين الطرفين، واعتبرتها "خطوة روتينية على الرغم من تأثر البلاد بها، وأكدت المضي قدماً في الحوار مع الإدارة الأميركية وصولاً إلى نهايته، لتقييم نتائجه على رؤية البلدين نحو الوصول للتطبيع الكامل بينهما".


وبعد تصريح الخارجية السودانية بأربع وعشرين ساعة، أدان الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم في السودان، وزير الدولة للإعلام، ياسر يوسف، الخطوة الأميركية، وأكد أنها "لا تتسق مع الحوار الجاري بين البلدين، ولا مع التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد في ما يتعلق بالحوار الوطني السوداني"، كما أشار إلى "تأثير العقوبات السلبي على الشعب السوداني".


ويذهب مراقبون إلى وجود تيارين داخل النظام الحاكم في الخرطوم، أحدهما يحرص على التطبيع والحوار مع واشنطن، وتقديم كافة التنازلات للولايات المتحدة، والآخر يقف ضد الخطوة ويشدد على عدم تقديم تنازلات، خاصة في ملف دولة جنوب السودان، وقضية التسوية السياسية الداخلية في السودان، على أنهما قضيتان تتصلان ببقاء الحزب الحاكم بالسلطة في الخرطوم.


ويرى مراقبون أن الخطوة الأميركية متوقعة، بعد فشل تحركات المبعوث الأميركي، دونالد بوث، في إحداث اختراق حقيقي في ملف التسوية السياسية السودانية، بإلحاق الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وولاية دارفور، فضلاً عن الفصائل المعارضة الرئيسية، بالحوار الوطني، في ظل تعنت كل طرف بموقفه، وتبدد كافة أوراق الضغط الأميركي سواء على الحكومة أو المعارضة المسلحة والسياسية، وهي خطوة إذا ما أنجزت يمكن أن تمثل موقفاً إيجابياً للحكومة الأميريكية تجاه ملف العقوبات.


ويعتقد محللون أن انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما دون إحداث تقدم في ملف رفع العقوبات عن السودان والتطبيع معه، سيبدد آمال الخرطوم في التطبيع، باعتبار أن الإدارة الجديدة ستكون لديها أولويات أخرى، فضلاً عن أن ذهاب أوباما دون إحراز تقدم حقيقي في الملف السوداني سيعمق قناعة الخرطوم بعدم الوثوق في الوعود الأميركية.


وكانت حكومة الخرطوم طوال الفترة الماضية متفائلة بإحداث اختراق في ملف العلاقات مع الولايات المتحدة، لا سيما بعد التعاون اللامحدود الذي قدمته حكومة الخرطوم في ما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب ومكافحة الاتجار بالبشر، إلا أن ملف التسوية الداخلية عطل تطوير العلاقات، لا سيما وأن الخرطوم رفضت المقترحات الأميركية التي قدمها المبعوث الأميركي، دونالد بوث، بما يتعلق بالتسوية السياسية الداخلية بالإضافة لرفض الخرطوم تأجيل مؤتمر الحوار الوطني الذي أقامته في العاشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.


وأبدت الحكومة في الخرطوم تفاؤلاً بالاجتماع الذي عقد في الثالث من سبتمبر/أيلول الماضي بنيويورك والذي ضم كبار المسؤولين الأميركيين عن ملف المقاطعة والحظر الأميركي جمعهم مع مسؤولين اقتصاديين في الحكومة السودانية ورجال أعمال سودانيين، إلا أن نتائج الاجتماع كانت محدودة وفق محللين اقتصاديين باعتبار أنه لم يحل أزمة التعامل البنكي والتحويلات المصرفية بين البلدين.


ووفق مصادر متطابقة فإن الإدارة الأميركية كانت أكثر وضوحاً في ما يتعلق بمساعدة السودان في الملف الاقتصادي، وهو الملف الذي يشغل السودان باعتباره الأكثر تعقيداً، حيث تحدث المسؤولون الأميركيون بصراحة عن صعوبة تقديم أي مساعدة في ما يتصل بالأزمة الاقتصادية في السودان ونصحوا الخرطوم بالبحث عن بدائل أخرى.