"تل أبيض في استراتيجيات الدول". لو أن أحداً من أهل تل أبيض أو سورياً ممن يعرفون تل أبيض سمع بتعبير كهذا قبل بضعة أشهر، لضحك من هذه السخرية الفجة. لكن بلى، هذه المدينة الصغيرة المهملة صارت في صلب استراتيجيات دول عالمية وإقليمية كبرى.
تقع تل أبيض على الحدود السورية التركية مقابل مدينة أقجي قلعة التركية. لا يفصل المدينتين سوى سكة ما كان يسمى قطار الشرق السريع.
يبلغ عدد السكان في البلدة نحو 24 ألفاً اعتماداً على إحصاء 2004 وحساب نسبة المواليد 2.7 في المائة.
يبلغ عدد سكان المنطقة والناحيتين اللتين تتبعانها، سلوك وعين عيسى، 245 ألفا. كما تبلغ مساحة المنطقة 4,834.02 كيلومتر مربع. إثنياً، ثلثا السكان في المنطقة عرب، وثلثٌ أكراد وتركمان والقليل من الأرمن.
تقع تل أبيض بين مدينة عين العرب الكردية الخالصة تقريباً وبين رأس العين الخليط من العرب والأكراد، ولكن بأكثرية كردية.
اقرأ أيضاً: بدء عودة أهل تل أبيض... واتهامات جديدة لـ"الوحدات" الكردية
فور تحرير تل أبيض الباكر من قبل الجيش الحر في 18 سبتمبر/أيلول 2012 وانسحاب النظام، تشكل مجلس محلي مدني ضم 25 عضواً. 5 من أعضائه من الأكراد، 6 تركمان، وأرمني واحد، و13 عربياً.
بعد قرابة العام ونصف العام، سيطر "داعش" في 11 يناير/ كانون الثاني 2014. وخطف ستة من أعضاء المجلس المحلي.
خلال تلك الفترة، تعرض الأكراد للتهجير ومصادرة الأملاك على مرحلتين. المرة الأولى بدءاً من 21 يوليو /تموز 2013. وكانت قد سبقتها عملية مصادرة أملاك وتهجير للعرب من قرى عربية هي: بندرخان، الدناي، حروب، الحرية، أم الهوى، القسم العربي من قرية قرطل، بئر حبش.
أما المرحلة الثانية من التهجير فكانت خلال الحرب الأخيرة على عين العرب. تأسس تحالف في الفترة الأخيرة بين (وحدات حماية الشعب) التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، الحزب العضو في هيئة التنسيق والمنحدر من حزب العمال الكردي في تركيا، وبضع كتائب في الجيش الحر في بركان الفرات وأهمها "لواء ثوار الرقة". لم تحصل أيٌ من هذه الكتائب على دعم معتبر من أي جهة كانت ولا حتى من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ولا الهيئة العامة للأركان للجيش السوري الحر. مما يعني أن التحالف هنا تحالف ضرورة فرضه "داعش". كلا الجانبين العربي والكردي دخل في معارك متعددة مع تنظيم "الدولة الإسلامية".
حقق هذا التحالف نصراً حقيقياً على "داعش" في عين العرب وفي تل أبيض، ولكن الفضل الأول عسكرياً يعود للقصف من قبل طائرات التحالف الدولي وبالأخص الدور الفاعل لسلاح الجو الأميركي.
اقرأ أيضاً: تقدُّم "حماية الشعب" ينبئ بصدام وشيك مع الفصائل المعارِضة
المنطقة سهلية مكشوفة، مما يعني أن رصد قوات "داعش" من السهولة بمكان. يشهد قادة عسكريون أنّ خط دفاع "داعش" في مواقع متعددة كان يباد بالقصف الجوي مما يجعل القوات المتحالفة تتقدم بسهولة نسبية.
انفراط عقد هذا التحالف بين وحدات الحماية و"لواء ثوار الرقة" وغيره من كتائب الجيش الحر ليس مستبعداً على الإطلاق. فالحال في قمة التوتر نتيجة لاتهاماتٍ تطال النوايا والسلوك.
تسيطر وحدات الحماية الكردية على تل أبيض المدينة وعلى المعبر، وتقوم هي بالتدقيق في هويات الناس وتعتقل وتستجوب وتسجن وتصادر أملاكاً. وهو سلوك وإن كان لا يرقى إلى أن يطلق عليه تطهير عرقي أو تهجير ولكنه يقترب منهما. إنه سياسة تمكين بطرائق أخرى. بينما لا يظهر أثرٌ لفاعلية واضحة للجيش الحر في المدينة.
كانت كتيبة من الجيش الحر قد دخلت بوابة العبور أولاً، ورفعت علم الثورة على السارية المقابلة للعلم التركي، لكن وحدات حماية الشعب أنزلته.
ومن الملاحظ أن "لواء ثوار الرقة" يندفع جنوباً باتجاه الرقة تاركاً تل أبيض خلفه. وقد خاض في تقدمه معركة حامية حول "عين عيسى" مع "داعش" بدون أن يكون هناك غطاء جوي. وهو الأمر الذي يمكن تفسيره بأن الغطاء الجوي لا يكون متوفراً إلا عندما تكون وحدات الحماية في صلب العملية العسكرية.
يتهم عربٌ الأكراد بأنهم انفصاليون يسعون إلى تأمين الطريق من شمال العراق وصولاً إلى عين العرب وعفرين وربما أبعد للمتوسط، مستفيدين من الدعم الغربي والتفاهم البراغماتي مع النظام وإيران وروسيا. ولأن تل أبيض هي "اللسان العربي" الواصل إلى الحدود والذي يقطع هذا الطريق، فلا بد من السيطرة عليها. ويتهم أكرادٌ العربَ بأنهم "داعشيون"، "صداميون"، "متعصبون ويزدرون الأكراد". بيئة كهذه لا يمكنها أن تكون أساساً لتحالف متين.
المستغرب أن يكون حزب العمال الكردستاني على قائمة الإرهاب ومنها فروعه كما يقول المنطق، بينما على الأرض يظهر الوضع تحالفاً غربياً قوياً مع وحدات الحماية.
يعزى هذا التحالف القوي إلى حاجة الغرب إلى حليف منظّم لا يمكن أن يسرب سلاحاً أو دعماً للإسلاميين، إضافة إلى البنية التنظيمية والخطاب المتقن لحزبي العمال والاتحاد الديمقراطي الكرديين. نظرة خاطفة للبيانات التي يصدرانها تكفي لأن يرى المرء أنهما وجدا اللغة المشتركة مع الغرب. من الواضح لمن يعمل في الشأن العام في أوروبا أن المصادر الموثوقة بالنسبة للأوربيين هي مصادر كردية وليست عربية.
لكل ما سبق، تحولت تل أبيض إلى محط اهتمام كبير للغرب وتركيا والأكراد والعرب وإيران وروسيا وكردستان العراق.
اقرأ أيضاً: استنفار تركي للجم "الكردستاني" في الخاصرة الجنوبية
يبلغ عدد السكان في البلدة نحو 24 ألفاً اعتماداً على إحصاء 2004 وحساب نسبة المواليد 2.7 في المائة.
يبلغ عدد سكان المنطقة والناحيتين اللتين تتبعانها، سلوك وعين عيسى، 245 ألفا. كما تبلغ مساحة المنطقة 4,834.02 كيلومتر مربع. إثنياً، ثلثا السكان في المنطقة عرب، وثلثٌ أكراد وتركمان والقليل من الأرمن.
تقع تل أبيض بين مدينة عين العرب الكردية الخالصة تقريباً وبين رأس العين الخليط من العرب والأكراد، ولكن بأكثرية كردية.
اقرأ أيضاً: بدء عودة أهل تل أبيض... واتهامات جديدة لـ"الوحدات" الكردية
فور تحرير تل أبيض الباكر من قبل الجيش الحر في 18 سبتمبر/أيلول 2012 وانسحاب النظام، تشكل مجلس محلي مدني ضم 25 عضواً. 5 من أعضائه من الأكراد، 6 تركمان، وأرمني واحد، و13 عربياً.
بعد قرابة العام ونصف العام، سيطر "داعش" في 11 يناير/ كانون الثاني 2014. وخطف ستة من أعضاء المجلس المحلي.
أما المرحلة الثانية من التهجير فكانت خلال الحرب الأخيرة على عين العرب. تأسس تحالف في الفترة الأخيرة بين (وحدات حماية الشعب) التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، الحزب العضو في هيئة التنسيق والمنحدر من حزب العمال الكردي في تركيا، وبضع كتائب في الجيش الحر في بركان الفرات وأهمها "لواء ثوار الرقة". لم تحصل أيٌ من هذه الكتائب على دعم معتبر من أي جهة كانت ولا حتى من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ولا الهيئة العامة للأركان للجيش السوري الحر. مما يعني أن التحالف هنا تحالف ضرورة فرضه "داعش". كلا الجانبين العربي والكردي دخل في معارك متعددة مع تنظيم "الدولة الإسلامية".
حقق هذا التحالف نصراً حقيقياً على "داعش" في عين العرب وفي تل أبيض، ولكن الفضل الأول عسكرياً يعود للقصف من قبل طائرات التحالف الدولي وبالأخص الدور الفاعل لسلاح الجو الأميركي.
اقرأ أيضاً: تقدُّم "حماية الشعب" ينبئ بصدام وشيك مع الفصائل المعارِضة
المنطقة سهلية مكشوفة، مما يعني أن رصد قوات "داعش" من السهولة بمكان. يشهد قادة عسكريون أنّ خط دفاع "داعش" في مواقع متعددة كان يباد بالقصف الجوي مما يجعل القوات المتحالفة تتقدم بسهولة نسبية.
تسيطر وحدات الحماية الكردية على تل أبيض المدينة وعلى المعبر، وتقوم هي بالتدقيق في هويات الناس وتعتقل وتستجوب وتسجن وتصادر أملاكاً. وهو سلوك وإن كان لا يرقى إلى أن يطلق عليه تطهير عرقي أو تهجير ولكنه يقترب منهما. إنه سياسة تمكين بطرائق أخرى. بينما لا يظهر أثرٌ لفاعلية واضحة للجيش الحر في المدينة.
كانت كتيبة من الجيش الحر قد دخلت بوابة العبور أولاً، ورفعت علم الثورة على السارية المقابلة للعلم التركي، لكن وحدات حماية الشعب أنزلته.
ومن الملاحظ أن "لواء ثوار الرقة" يندفع جنوباً باتجاه الرقة تاركاً تل أبيض خلفه. وقد خاض في تقدمه معركة حامية حول "عين عيسى" مع "داعش" بدون أن يكون هناك غطاء جوي. وهو الأمر الذي يمكن تفسيره بأن الغطاء الجوي لا يكون متوفراً إلا عندما تكون وحدات الحماية في صلب العملية العسكرية.
يتهم عربٌ الأكراد بأنهم انفصاليون يسعون إلى تأمين الطريق من شمال العراق وصولاً إلى عين العرب وعفرين وربما أبعد للمتوسط، مستفيدين من الدعم الغربي والتفاهم البراغماتي مع النظام وإيران وروسيا. ولأن تل أبيض هي "اللسان العربي" الواصل إلى الحدود والذي يقطع هذا الطريق، فلا بد من السيطرة عليها. ويتهم أكرادٌ العربَ بأنهم "داعشيون"، "صداميون"، "متعصبون ويزدرون الأكراد". بيئة كهذه لا يمكنها أن تكون أساساً لتحالف متين.
المستغرب أن يكون حزب العمال الكردستاني على قائمة الإرهاب ومنها فروعه كما يقول المنطق، بينما على الأرض يظهر الوضع تحالفاً غربياً قوياً مع وحدات الحماية.
يعزى هذا التحالف القوي إلى حاجة الغرب إلى حليف منظّم لا يمكن أن يسرب سلاحاً أو دعماً للإسلاميين، إضافة إلى البنية التنظيمية والخطاب المتقن لحزبي العمال والاتحاد الديمقراطي الكرديين. نظرة خاطفة للبيانات التي يصدرانها تكفي لأن يرى المرء أنهما وجدا اللغة المشتركة مع الغرب. من الواضح لمن يعمل في الشأن العام في أوروبا أن المصادر الموثوقة بالنسبة للأوربيين هي مصادر كردية وليست عربية.
لكل ما سبق، تحولت تل أبيض إلى محط اهتمام كبير للغرب وتركيا والأكراد والعرب وإيران وروسيا وكردستان العراق.
اقرأ أيضاً: استنفار تركي للجم "الكردستاني" في الخاصرة الجنوبية