وتوصلت دراستان منفصلتان إلى أن النساء اللواتي يعشن في أحياء ملوثة، تزداد احتمالات انخفاض احتياطي المبيض (مقياس لإمدادات البيض)، لديهن بشكل غير طبيعي، مما يقلّل من الخصوبة. ولفت العلماء الذين يقفون وراء هذا البحث إلى أنّ تلوّث الهواء قد يسرّع من شيخوخة الجهاز التناسلي للمرأة.
من جهتها، أطلقت صحيفة "ذا تايمز" الشهر الماضي حملة لقانون جديد للهواء النظيف مع المطالبة بالحق في الحماية من الهواء السام. وسيشمل ذلك خفض الحدود القانونية للجزيئات السامّة التي تعتبر من أخطر أشكال تلوث الهواء، إلى أكثر من النصف وإعطاء المجالس المحلية صلاحيات أكبر للتصدّي لأسوأ مصادر الانبعاثات.
وكانت إحدى الدراسات قد أجريت على نساء في مدينة مودينا الإيطالية، حيث المناطق الأكثر تلوّثًا. فتبيّن أنّ هؤلاء النساء كنّ أكثر عرضة بمعدل ثلاثة أضعاف لانخفاض احتياطي المبيض لديهنّ.
وفي هذا الشأن، قال أنطونيو لا ماركا، من جامعة مودينا، إنه من المعقول أن يكون للجزيئات السامة وثاني أكسيد النيتروجين تأثير مثل تأثير التدخين، الذي يعتقد أنه يؤدي إلى انقطاع الطمث في وقت مبكر بعامين في المتوسط.
بيد أنّ الدراسة لم تستطع إثبات السبب والنتيجة، إذ من المحتمل أن يكون هناك شيء آخر يؤثر على الخصوبة. لكن على الرغم من ذلك، تكرّرت هذه النتائج في دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد، نُشرت هذا الشهر، بعد أن نظرت في حالة أكثر من 600 امرأة، ووجدت أيضًا صلة بين تلوث الهواء بالجسيمات وتسريع الشيخوخة في القدرة على الإنجاب.
من جهته، قال الدكتور أودري جاسكينز، الذي قاد البحث، "يبدو أنه تأثير قوي وقوي للغاية".
ونظرت دراسة البروفيسور لاماركا في حالة ما يزيد عن 1300 امرأة، كما قامت بقياس هرمون مضاد مولر، وهو مؤشر موثوق لقياس احتياطي المبيض. فتمّ العثور على أدنى المستويات في كثير من الأحيان لدى النساء اللواتي يعشن في المناطق التي كانت فيها مستويات الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM10 أعلى من 29.5 ميكروغرام لكل متر مكعب.
ما دفع البروفيسور لامارك إلى القول، إنّ هذا المستوى ليس مرتفعا بشكل رهيب، وهو "أقل بكثير من الحدود العليا التي أوصى بها الاتحاد الأوروبي". ولفت إلى أنّ العديد من المناطق في المدن البريطانية بما في ذلك لندن، ليدز، ليفربول، كارديف وبرمنغهام تتجاوز بانتظام معدّل 29.5.
ونظرت دراسة هارفارد، التي نشرت في علم الأوبئة، إلى حالة 632 مريضة في عيادة الخصوبة. فتبيّن أنّ النساء اللواتي يعشن في مناطق ذات مستويات عالية من الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5 لديهن احتياطيات منخفضة أو أقل في المبيض.
وتمّ تقديم نتائج مودينا في فيينا أمس في اجتماع الجمعية الأوروبية للتكاثر البشري والأجنّة. ووصف البروفيسور ريتشارد أندرسون، من جامعة إدنبره، الذي لم يشارك في البحث، الدراسة بأنها "مهمة" لكنّه شدّد على أنّها لم تخضع لمراجعة النظراء. بحسب ما أوردت صحيفة "ذا تايمز".
وقال البروفيسور يينغ تشيونغ من جامعة ساوثهامبتون: "تكشف هذه الدراسة عن تأثير تلوّث الهواء على احتياطي المبيض، لكن لم يتضّح بعد ما إذا كان هذا التأثير دائمًا وما إذا كان يؤثّر بشكل كبير على الحمل".
وعن كيفية الحد من المخاطر، يوصي أنطونيو لا ماركا في المناطق الملوثة، بإغلاق النوافذ ويقول إنّ أفضل طريقة لتجنّب الهواء السام هي العيش في مكان فيه مساحات خضراء، كما أنّ هناك طرقا أخرى للحد من المخاطر، منها الانتباه إلى أين ومتى تكون مستويات التلوث في أسوأ حالاتها.
ويوضح أن التلوث PM2.5 يميل إلى ذروته في الشتاء وفي المساء. ونصح بتجنّب مواقد الخشب، فضلاً عن استخدام أجهزة تنقية الهواء التي يمكن أن تساعد في الداخل.
وأشار لا ماركا إلى أنّ ثاني أكسيد النيتروجين يبلغ ساعة الذروة في أيام الأسبوع وعلى مقربة من الطرق حيث يمكن أن يزداد في بريطانيا بنسبة 20 في المائة خلال فترة أسبوع العمل.