تلميذ مغربي يقتل زميله بالمقصّ

22 ابريل 2017
هل يعبّرن بدورهنّ عن عنف؟ (مارك بورلييغ/ فرانس برس)
+ الخط -

كانت مجرّد حادثة بين تلميذين في الصفّ الخامس ابتدائي، لكنّها أدّت إلى مقتل أحدهما. حدث ذلك أمام مدرسة أحمد البقال في مدينة تطوان (شمال المغرب). يقول النقابي في قطاع التعليم عبد الحق بلقاضي إنّ التلميذ حسني ح. ضرب زميله عبد الرحمن ه. مستخدماً مقصّاً، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى فوراً. لكنّه توفي بعد يومين. يضيف: "لم تكن هناك مؤشّرات تشير إلى أنهما متخاصمان. لكن في النهاية، وقع الحادث خارج المدرسة".

يتحدّر التلميذان من أسرتين فقيرتين تقطنان الحيّ نفسه. يقول بلقاضي: "عمل والديهما غير منتظم، كما أن شقيق الطفل الذي تسبب في موت زميله سُجن العام الماضي بتهمة القتل". ويشير إلى أن "التلميذ موجود حالياً في إصلاحيّة الأطفال، وينتظر حكم القضاء. إلّا أنه سيتابع تعليمه في الإصلاحية ووفق نظامها".

من جهته، يقول المحامي كريم مبروك لـ "العربي الجديد" إن "الجرائم تتوزّع بين مخالفات وجنح وجنايات، بحسب سنّ مرتكبيها وخطورة الفعل الممارس". وحول مراعاة حقوق الطفل المرتكب لجنحة خلال التحقيقات، يوضح أنه "يُتابَع المرتكب للجنح من قبل قاضي التحقيق المكلّف بالجنايات المرتكبة من قبل الأحداث، ويحاكم في غرفة الجنايات المتعلقة بجرائم الأحداث لإحاطة محاكمته بمجموعة من الضمانات القانونية مراعاة لسنّه". وعن حسني، يشير إلى أنه سيعامل معاملة خاصة نظراً لسنّه، مع الاطّلاع على واقع أسرته ووضعه النفسي والاجتماعي قبل الجرم وبعده.




يشير عدد من الباحثين إلى إن أسباب العنف هي نتيجة فقر الأسر المغربية، علماً أن 14.2 في المائة من المغاربة فقراء، في وقت يعيش 4.2 في المائة منهم تحت خط الفقر. في السياق، توضح رئيسة مكتب الصحة المدرسية والأمن الإنساني في مديرية التعليم في طنجة، عائشة مسايدي، لـ "العربي الجديد"، أن أسباب العنف ترتبط بـ "الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية"، لافتة إلى أن العنف موجود في البيوت. وتقول إنّ "العنف المدرسي ينقسم إلى فئات ثلاث بحسب العمر والمستوى الدراسي. في المرحلة الابتدائية، غالباً ما يكون العنف موّجهاً من الأساتذة نحو التلاميذ، ولا يمكن إنكار الأمر علماً أن الوزارة تمنع العنف والضرب داخل المدارس. وفي المرحلة الإعداديّة، يكثر العنف الموجّه من الطالب حيال الأستاذ، نتيجة عمر المراهقة. ونلاحظ أن ردود فعل الأطفال ترتبط بالعنف والضغط الممارس عليهم في المنزل. أما في المرحلة الثانوية، نلاحظ عنفاً من التلاميذ حيال الأساتذة وزملائهم".

تشير مسايدي إلى أنّ العنف "ينتشر في المدارس الحكومية أكثر من الخاصة"، لافتة إلى أن العنف موجود في المجتمع، ولا يقتصر الأمر على الفقراء. وتتحدّث عن البرامج التي أطلقتها وزارة التربية والتكوين المهني لمحاربة العنف، منها الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف، التي أطلقت مرصداً في كل جهة وإقليم للإحاطة بظاهرة العنف والقضاء عليها، وتعديل العقوبات. تضيف: "كذلك، نفّذنا برنامجاً مع ولاية الأمن، وأطلقنا حملات توعية للتلاميذ. وبات هناك دوريات للشرطة قرب عدد من المدارس".



هذا العام، تبدأ مديرية التعليم في طنجة، بالشراكة مع مؤسسة مرصد حقوق الطفل، برنامجاً تحت عنوان طنجة - تطوان، مدن آمنة للأطفال. وتشرح مسايدي أن البرنامج يهدف إلى رصد العنف ومتابعة الضحايا والتكفّل بعلاجهم، وقد اختيرت 20 مدرسة لتنفيذ البرنامج فيها.

وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني قد أطلقت أوّل دراسة حول العنف في عام 2005. وفي عام 2015، أطلق المركز الوطني لمناهضة العنف في الوسط المدرسي. وفي عام 2016، أعدت الوزارة حقيبة تربوية خاصة للوقاية ومناهضة العنف، بالإضافة إلى برامج أخرى.

وبحسب إحصائيّات المرصد الوطني التابع لوزارة التربية والتكوين المهني لعام 2015، نجد أن نسبة العنف في المدارس المغربية كانت مرتفعة، ووصلت إلى 18.52 في المائة داخل المدرسة، و30.98 في المائة خارجها. وبلغت نسبة العنف المعنوي في المدرسة 16.17 في المائة، ونسبة المواد المحظورة 15.97 في المائة، والعنف الجنسي 16.24 في المائة، والعنف اللفظي 16.91 في المائة، وتخريب الممتلكات 16.43 في المائة.

إلى ذلك، يقول النقابي في قطاع التعليم عبد الله قريش: "رغم منع استخدام الهواتف في المدارس، إلّا أن مدارس عدة تسمح بالأمر. ولا يتردّد بعض التلاميذ بالتقاط الصور بهدف ابتزاز تلاميذ آخرين". ويرى أن أسباب العنف في المجتمع متداخلة، وترتبط بالمجتمع والأسرة والمؤسسات. يضيف أنّ "توجّه الدولة إلى خصخصة التعليم حالياً جعل المدرسة الحكومية مكتظة بالتلاميذ، وتفتقر إلى الموارد البشرية". كذلك، يؤدّي غياب المرشدين الاجتماعيين في المدارس إلى ارتفاع نسبة العنف. ويرى أن "الخوف من المستقبل يجعل بعض التلاميذ أقلّ اهتماماً بالمدرسة، في ظل قلة فرص العمل المتاحة".

دلالات