تعليم الأطفال في أفغانستان يخضع للظروف الأمنية. حتى باتت البلاد من الأسوأ في العالم في قطاع التعليم بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وفي الموجة الحالية من الفلتان الأمني، تتحدث مصادر قبلية عن إغلاق أكثر من 100 مدرسة في إقليم هلمند، جنوب البلاد. كما تؤكد إحصائية أجرتها وسائل إعلام محلية أنّ أكثر من 200 مدرسة في إقليم بكتيا جنوب البلاد لا تملك مباني خاصة بها. ويضاف إلى ذلك ما تواجهه المدارس في المناطق الريفية من شح في أعداد المعلمين والكتب المدرسية.
وفي هذا السياق، يشير مسؤول التعليم في إقليم هلمند عبد المتين جعفر إلى أنّ "ما يقرب من 100 ألف تلميذ حرموا من التعليم، بعد أن أغلقت 119 مدرسة أبوابها من أصل 383 مدرسة في الإقليم. وذلك بسبب التوتر الذي يسود معظم مناطق هلمند".
ويوضح المسؤول أنّ "معظم تلك المدارس تقع في المناطق الشمالية من الإقليم، والتي تشهد معارك ضارية بين مسلحي طالبان وقوات الأمن الأفغانية منذ أربعة أشهر، أدت إلى مقتل وجرح العديد من تلاميذ المدارس وأساتذتها. كما أنّ الألغام الأرضية التي تزرعها الأطراف المتخاصمة تحصد في بعض الأحيان أرواح التلاميذ والأساتذة". كما يتهم جعفر نواب البرلمان المنتمين إلى تلك المناطق بتهميش ملف التعليم وعدم القيام بدورهم الحقيقي، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى انضمام الشباب إلى الجماعات المسلحة.
وفي إقليم كابيسا المجاور للعاصمة الأفغانية كابول، تسببت الحروب بين أنصار أمراء الحرب من جهة، والمعارك بين طالبان والجيش الأفغاني من جهة أخرى، في إغلاق أكبر عدد من المدارس. وفي هذا الشأن، يقول أحد سكان الإقليم محمد يوسف لـ "العربي الجديد" إنّ "الحروب المتواصلة في مناطق مختلفة من الإقليم تؤثر سلباً في حياة المواطن، كما تسببت في إغلاق الكثير من المدارس في الإقليم وبالتحديد في مديرية كوهبند".
ومع إغلاق المدارس، يتزايد القلق في صفوف الأهل، بخاصة في ظل عدم وجود بوادر لفتح المدارس المتضررة في وقت قريب. ويعرب الزعيم القبلي، ورئيس المجلس القبلي في إقليم هلمند سيد ولي عن قلقه البالغ إزاء حرمان الأطفال من التعليم، ويعتبره أمراً مؤسفاً للغاية.
في المقابل، يقول المسؤول في وزارة التعليم كبير حق مل إنّ الحكومة تعمل، بالتعاون مع القبائل، لفتح كافة المدارس التي أغلقت بسبب تدهور الوضع الأمني. لكنه يشير إلى أنّ الظاهرة باتت تنتشر بحكم الظروف الخارجة عن قدرة الحكومة وأجهزتها الأمنية. ويتابع: "بالرغم من كل تلك الأسباب، نحاول بقدر المستطاع أن نجد حلا للأزمة المستفحلة، التي تدمر مستقبل أبناء البلاد".
من جهتها، تقول وزارة التعليم إنّ نحو 550 مدرسة في أرجاء البلاد ما زالت مغلقة بسبب الوضع الأمني، في وقت تتحدث فيه إحصائية مستقلة عن إغلاق أكثر من 1200 مدرسة خلال الأشهر الماضية.
ويأمل نائب وزير التعليم آصف صميم أن يتم فتح تلك المدارس بالتعاون مع أجهزة الأمن والقبائل. ويؤكد أنّ السلطات الأمنية تمكنت خلال الأشهر الثلاثة الماضية من إعادة فتح 1000 مدرسة، كانت أغلقت في مختلف مناطق البلاد بسبب الحروب بين الحكومة وطالبان، وهي مصممة على المضي قدماً بهذا الشأن. وكانت أعمال العنف قد حصدت أرواح أكثر من 4 آلاف موظف ومدرس في المدارس الابتدائية فحسب خلال الأعوام السبعة الماضية. كما أدت إلى مقتل وإصابة المئات من التلاميذ، خصوصاً في المناطق الريفية والحدودية التي عادة ما تعاني من انتشار الجماعات المسلحة.
وفي موازاة تأثر قطاع التربية والتعليم بالوضع الأمني المتدهور، يعاني القطاع أيضاً من عدم اهتمام الحكومة. وتقول إحصائية أجرتها وسائل إعلام محلية إنّ 228 مدرسة في إقليم بكتيا في جنوب البلاد لا تملك مباني خاصة بها. كما تواجه معظم المدارس في المنطقة القبلية النائية شحا في أعداد المعلمين والكتب المدرسية. ورغم مطالبة زعماء القبائل الحكومة الأفغانية بالاهتمام بمدارس أطفالهم، إلاّ أنّ الحكومة لم تحرك ساكنا حتى الآن. ويوضح المسؤول المحلي في إدارة التعليم معصوم خان أنّ معظم المدارس التي لا تملك مباني، تغلق أبوابها خلال هطول الأمطار، وغيرها من الظروف الجوية السيئة.
ويأمل خبراء التعليم أن تجري الحكومة إصلاحات جذرية في القطاع، بعد أن فشلت الحكومة السابقة في تطويره إلى المستوى المطلوب رغم تلقيها مبالغ مالية ضخمة من المجتمع الدولي طوال 13 عاماً بهدف تطوير التعليم في البلاد.