قالت وكالة رويترز إن العقوبات المفروضة على عشرات الشركات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني سترفع بموجب الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه بين إيران والقوى العالمية.
والحرس الثوري قوة عسكرية لها إمبراطورية صناعية قوية وتتمتع بنفوذ سياسي هائل.
وحسب وكالة رويترز "من المرجح أن يغضب هذا التطور منتقدي الاتفاق في الولايات المتحدة وإسرائيل على الأقل، لكنه ربما يكون محل ترحيب من الإيرانيين المتحمسين للانفتاح من جديد على العالم الخارجي".
وسيكون على الشركات الغربية التعاون مع الحرس الثوري على صعد مختلفة حتى يتسنى لها العمل في بعض قطاعات الاقتصاد الإيراني الأكثر إدرارا للأرباح.
وتتمتع الشركات المرتبطة بالحرس الثوري، الذي يعتبر نفسه المدافع عن قيم الثورة الإيرانية وحائط الصد في مواجهة الهيمنة الأميركية، بنفوذ كبير بحيث يمكن أن يساعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها في تسهيل إعادة دمج قطاعات كبيرة من الاقتصاد في التجارة العالمية.
وتبدو العملية معقدة وستنفذ على عدة مراحل إذ يتعين أن تنتظر بعض الشركات لثماني سنوات حتى ترفع العقوبات، بينما توجد مؤسسات أخرى لا يمكن أن تنتظر تنازلات من واشنطن حتى بعد مضي تلك الفترة، وهو ما يعبر عن المخاوف بشأن الأنشطة خارج حدود إيران.
ومن بين هذه الشركات شركة خاتم الأنبياء للإعمار التابعة للحرس الثوري التي تسيطر على 812 شركة تابعة على الأقل تقدر قيمتها بمليارات الدولارات وتعتبر واشنطن أنها "تقوم بنشر أسلحة الدمار الشامل".
وسيحذف الاتحاد الأوروبي الشركة من على قائمة العقوبات خلال ثماني سنوات، بينما لن ترفع الولايات المتحدة العقوبات التي تفرضها عليها، وسيكون على رجال الأعمال الأجانب حينئذ تقييم إلى أي مدى يمكنهم التعامل مع شركاء كهؤلاء دون أن يعرضوا أنفسهم للعقوبات الأميركية.
ووفقا لإحصاء أجرتها وكالة "رويترز"، بناء على ملاحق لنص الاتفاق النووي، سيشطب في المجمل نحو 90 مسؤولاً حالياً وسابقا بالحرس الثوري، وكيانات مثل الحرس الثوري نفسه، وشركات قامت بمعاملات لحساب الحرس من قوائم العقوبات النووية للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة.
وسترفع العقوبات الأوروبية عن مجموعة صغيرة متى يبدأ سريان الاتفاق النووي في "يوم التنفيذ" المتوقع أن يكون خلال العام المقبل.
وسيرفع الاتحاد الأوروبي العقوبات التي يفرضها على كيانات أخرى خلال ثماني سنوات مثل بنك صادرات إيران الذي تتهمه واشنطن بتحويل الأموال إلى جماعات تعتبرها "إرهابية" مثل حزب الله وحماس بينما ستستمر العقوبات الأميركية.
ويقول المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك دوبوفيتز، إن أي شركات مرتبطة بالحرس الثوري تحذف من قوائم العقوبات في مرحلة التنفيذ ستتمكن من "نقل الأموال بحرية عبر البنوك العالمية والتعامل من خلال شبكة سويفت المالية للربط بين البنوك والاقتراض والإقراض.. كما سيمكنها الحصول على دعم مؤسسات تمويل الصادرات الأوروبية".
ولن ترفع معظم الكيانات التابعة للحرس الثوري، مثل فيلق القدس الذي ينفذ عمليات في الخارج والقوة الجوية والصاروخية التابعة للحرس، من على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي لحين بلوغ المرحلة الثانية خلال نحو ثماني سنوات، لكنها جميعا ستظل خاضعة للعقوبات الأميركية المفروضة بدعوى "دعم أنشطة إرهابية" أو باعتبار أنها "تنشر أسلحة الدمار الشامل".
وتشمل هذه المجموعات أسماء يرجح أن تثير جدلا على الأقل في الغرب، ومن بين هؤلاء قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي اضطلع بدور مهم في تقديم المشورة لقادة الفصائل الشيعية المسلحة بالعراق وكذلك للقوات الحكومية السورية.
وتضم قائمة من سيشملهم رفع العقوبات خلال نحو ثماني سنوات أحمد وحيدي، وهو قائد سابق للحرس الثوري تطلب الشرطة الدولية إلقاء القبض عليه لدوره المزعوم في تفجير مركز يهودي في بوينس أيرس عام 1994، وينفي وحيدي أي علاقة له بالأمر.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يشطب شركة نفط إيرانية من الحظر
وسيحذف الاتحاد الأوروبي سليماني من قائمة العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي، لكنه سيبقي على تلك المرتبطة بسورية والإرهاب، وتنفي ايران أي علاقة لها بالإرهاب.
وكانت المكاسب التي ستعود على الحرس الثوري، الذي يقدر دبلوماسي غربي عوائده السنوية من مجمل أنشطته التجارية بما بين عشرة مليارات و12 مليار دولار، محوراً لمعظم الغضب داخل الكونغرس الأميركي بشأن الاتفاق.
ويقول منتقدون غربيون إن الاتفاق لا يكفي بأي حال من الأحوال لضمان ألا تتمكن إيران أبدا من إنتاج سلاح نووي، وهو الطموح الذي تنفيه إيران، ويسعى الجمهوريون وبعض الديمقراطيين في الكونغرس إلى استصدار قرار بإلغاء الاتفاق.
مصالح تجارية
ومن المقرر رفع العقوبات أيضا عن عشرات الشركات الصغيرة المرتبطة بالحرس الثوري، بعضها ضالع بصورة مباشرة في شراء أو تصنيع العتاد العسكري.
ومن بين هذه الكيانات شركة صناعة الطائرات الإيرانية التي تصنع طائرات حربية وطائرات بلا طيار، وشركة الصناعات البحرية التي تقول وزارة الخزانة الأميركية إنها مسؤولة عن استحواذات القطع البحرية لكل من الحرس الثوري والقوات البحرية، وسيرفع الاتحاد الأوروبي العقوبات خلال نحو ثماني سنوات بينما ستبقي الولايات المتحدة عليها.
ويقول خبراء إنه على الرغم من فرض العقوبات فقد ازدهرت أعمال الحرس الثوري بفضل التحكم في تهريب السلع المحظورة من الدول المجاورة عن طريق الخليج.
والمصالح التجارية للحرس منتشرة على نطاق واسع جدا بحيث قد يكون من الصعب رفع العقوبات بصورة ملموسة عن إيران من دون تخفيف القيود إلى حد ما على بعض الشركات الرئيسية.
ويقول المستشار السابق بوزارة الخزانة الأميركية، زخاري غولدمان، الذي يعمل حاليا بمركز القانون والأمن بجامعة نيويورك: "بدون شطب أطراف معينة في يوم التنفيذ.. على سبيل المثال بعض البنوك أو الشركات المرتبطة بقطاع النفط سيكون رفع العقوبات صعباً".
وقال دوبوفيتز إن: "الحرس سيتمكن الآن من ممارسة هيمنته على الاقتصاد في ايران ليكون بمنزلة قناة تتدفق عبرها الاستثمارات الجديدة إلى ايران وإن من المرجح أن يطلب الدخول في مشاريع مشتركة والمشاركة في الأرباح وغير ذلك من المزايا من الشركات الساعية للعمل في السوق الإيرانية المربحة".
وأضاف: "أي شركة تريد العمل في قطاع استراتيجي مهم من الاقتصاد الإيراني ستضطر للتعامل التجاري مع الحرس الثوري".
وسعت إدارة الرئيس باراك أوباما للتهوين من المكاسب المحتملة التي ستعود على الحرس من الاتفاق الذي يخفف العقوبات مقابل الحد من أنشطة برنامج إيران النووي.
وقال مدير وكالة المخابرات القومية الأميركية، جيمس كلابر، إنه: "من المرجح أن تنفق إيران معظم ما ستجنيه من رفع العقوبات على أولويات محلية، وإن كيانات مثل الحرس الثوري لم تفقد تمويلها قط حتى في أحلك أوقات الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد".
ويجب أن تتحرك الشركات الأجنبية بحذر عندما تتجه لإقامة علاقات مع الشركات الإيرانية حتى مع رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي، وتختلف السياسات الأوروبية والأميركية في بعض النقاط مما يترك مجالا للحيرة.
وفي شهادات أمام الكونغرس في يوليو/تموز وأغسطس/آب قال مسؤولون كبار في وزارة الخزانة إن الوزارة ستواصل تطبيق العقوبات التي تستهدف الحرس.
وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية، آدم شوبين، في شهادة مكتوبة للجنة البنوك بمجلس الشيوخ هذا الشهر إن: "أي بنك أجنبي يجري أو يسهل معاملة مالية كبيرة مع شركة ماهان إير للطيران أو شركة الإعمار التابعة للحرس الثوري خاتم الأنبياء سيجازف بفقد إمكانية تعامله مع النظام المالي الأميركي، وهذا لا يتأثر بالاتفاق النووي".
وتتهم واشنطن شركة ماهان إير للطيران بشحن الأسلحة للحرس الثوري وتوفير خدمة النقل لجماعة حزب الله اللبنانية التي تعتبرها جماعة إرهابية.
واعترف شوبين أنه سيجري رفع العقوبات عن بعض الشركات التي عوقبت فيما مضى لتعاملها مع الحرس الثوري.
وقال: "لدينا شركات قامت بتعاملات غير مباشرة مع الحرس الثوري على مدار الوقت وفرضنا عليها عقوبات باعتبار أنها قامت بأنشطة تجارية لحساب الحرس الثوري.. لدينا شركات كهذه من المقرر أن ترفع عنها العقوبات في مراحل مختلفة بموجب الاتفاق"، لكن تصريحات إدارة أوباما لم تحقق نجاحا يذكر في تهدئة مخاوف أعضاء الكونغرس الذين يقولون إن الحرس الثوري سيستفيد كثيرا من رفع العقوبات.
اقرأ أيضاً:
"العربي الجديد" يكشف عن مكاسب 5+1 من الاتفاق النووي
إيران لا تمانع من دخول الشركات الأميركية قطاع النفط
إيران تعتزم إنفاق الأموال المجمّدة على الاستثمار