تقرير صائب عريقات: صفقة القرن تصفية للقضية الفلسطينية

20 يناير 2018
السلام يعني الخضوع لإملاءات ترامب (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -

أضفت البنود العشرة للمبادرة الأميركية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي كشفتها قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، ليلة أمس الجمعة، وقالت إنها وردت في تقرير قدمه، أخيراً، عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينيةصائب عريقات، إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، صدقية على المخاوف من أن "صفقة القرن" التي يروّج لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تمثل صفقة لتصفية القضية الفلسطينية.

ويتضح مما نسبته القناة إلى تقرير عريقات الذي امتد على 92 صفحة، أنّ الفلسطينيين مطالبون، بشكل صريح، بالتفريط في القدس والتنازل عن حق العودة للاجئين، وقبول دولة بلا سيادة، ناهيك عن أن المبادرة تمنح إسرائيل تحديد الظروف التي تسمح بانسحابها من الضفة الغربية.

وتنص المبادرة عن منح الفلسطينيين عاصمة في "ضواحي" القدس، والتي يقصد بها البلدات التي تقع في محيط المدينة، على أن تضمن إسرائيل حرية انتقال الفلسطينيين إلى الأماكن المقدسة. وينسجم هذا البند مع ما كشفت عنه "نيويورك تايمز"، قبل شهرين، من أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عرض على عباس، في لقائهما قبل الأخير في الرياض، أن يتم الإعلان عن العاصمة الفلسطينية في بلدة "أبو ديس".


وبحسب القناة، فإن المبادرة، التي يفترض أن يتم الإعلان عنها رسمياً في إبريل/نيسان المقبل، تنص على أن حلاً "عادلاً" لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب ألا يعني عودتهم إلى "الأراضي الإسرائيلية"، أي الأراضي التي شُردوا منها.

ومن الملاحظ أنه قد تمت صياغة بنود المبادرة بحيث تتمكن إسرائيل من تعطيل قدرة الفلسطينيين على الاستفادة من "الإنجازات" التي مُنحت لهم في إطارها. فأحد بنود المبادرة يمنح إسرائيل الحق في ضم 10 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، التي توجد عليها التجمعات الاستيطانية الكبرى.

لكن في المقابل، فإن الانسحاب الإسرائيلي مما تبقى من أراضٍ (90 بالمائة من مساحة الضفة) سيكون تدريجياً، ويتوقف فقط على مدى تقدير تل أبيب بأن الفلسطينيين قادرون على ضبط الأوضاع الأمنية في المناطق التي سيتم الانسحاب منها. وهذا يعني أنه في حال لم يحصل الفلسطينيون على شهادة "كفاءة" من إسرائيل، فإن جيش الاحتلال بإمكانه أن يواصل البقاء في كل مناطق الضفة الغربية إلى أجل غير محدود.

ومما يحوّل الدولة الفلسطينية التي تبشّر بها المبادرة إلى نسخة مشوهة من الحكم الذاتي، حقيقة أنها تنص على أن الصلاحيات الأمنية في الضفة الغربية تعود لإسرائيل وحدها، ناهيك عن أنها تنص بشكل مباشر على أن "الدولة الفلسطينية" ستكون منزوعة السلاح، ومن دون سيادة على الحدود والأجواء.

إلى جانب ذلك، فإنّ المبادرة تضمنت ترتيبات أمنية تكرس مواصلة إسرائيل احتلال الضفة، من خلال منحها جيش الاحتلال الحق في السيطرة المباشرة على قمم الجبال والتلال في جميع أرجاء الضفة.

ويتضح أن القضايا الإجرائية التي تضمنتها المبادرة تمنح أيضاً إسرائيل القدرة على المماطلة في مناقشة قضايا الصراع، إذ أنّها نصت على أن تحديد جدول المفاوضات يجب أن يتم بناء على توافق الطرفين. وهذا يعني أن إسرائيل بإمكانها أن تتلكأ في مناقشة القضايا التي ترى أن حسمها لا يخدم مصالحها.

ووفقاً للقناة، فإنّ إسرائيل ستخصص أجزاء في كل من مطار بن غوريون وميناءي حيفا وأسدود لاستخدام الفلسطينيين، ناهيك عن توفير ممر يربط الضفة بقطاع غزة، لكن تحت إشراف أمني إسرائيلي مباشر.

من هنا، لم يكن من المستهجن أن تشير القناة إلى أن عريقات أبلغ عباس بأن خطة ترامب تمثل جزءاً من الاستراتيجية الأميركية لفرض الإملاءات على الشعب الفلسطيني، قائلاً إنّ "السلام يعني الخضوع لإملاءات البيت الأبيض، ومن لا يقبل مبادرة ترامب فهو إرهابي يجب محاربته".

وأشارت القناة إلى أنّ عريقات أوصى عباس بألا تسمح القيادة الفلسطينية بتنفيذ خطة ترامب أو حتى مجرد النظر فيها وتداولها، حيث كتب "لا يجدر بنا انتظار المبادرة الأميركية. تطبيق هذه المبادرة سيكرّس الوضع القائم، ويجعلنا نعترف بالمستوطنات، وتحولنا إلى سلطة حكم ذاتي".