تقرير حقوقي عن "الأخبار": لغة عدائية لقطر وتركيا وسقطات مهنية بحق مرسي

30 سبتمبر 2019
رصد تغيرات كبيرة في خطاب "الأخبار" (إيد جيلس/Getty)
+ الخط -
"من حق الشعب أن يعرف"، تلك هي المقولة التي اعتمدها مصطفى وعلي أمين كمبدأ لجريدة "الأخبار" وقت تأسيسها. لكن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) أصدرت تقريراً، اليوم الاثنين، رصدت فيه درجة التحول التي آلت إليها جريدة "الأخبار" إلى ما يشبه مركز منشورات موجهة بشكل تابع لهوى الحاكم، خلال ثمانية أعوام تبدأ من 2011 وحتى الآن. 

وأشارت خلال الورقة إلى الخلل المهني الذي أصاب الصحافة في أحد نماذج الصحف القومية ممثلاً في "الأخبار"، والتي أبدت سياسات تحريرية مخلة بالمهنة، وما تزرعه بعض الأقلام الصحافية من كراهية تجاه دول أو جماعات.

يشار إلى أن موازنة الهيئة الوطنية للإعلام تقدر بـ1.1 مليار جنيه (حوالي 67.5 ألف دولار) فضلاً عن 817.8 مليون جنيه (حوالي 5 ملايين دولار) موازنة للهيئة الوطنية للصحافة، في الموازنة العامة للدولة عن عام 2019-2020. 

وحسب الورقة البحثية، فإنه "بعد انتصار ثورة تونس، في 14 يناير/كانون الثاني 2011، بدأت الجرائد القومية تظهر ما يشبه التحسيس على البطحة بالتأكيد على أن مصر مختلفة، وظهرت المانشيتات تؤكد أن مصر لن تحظى بنفس المصير". وخرجت مانشيتات صحيفة "الأخبار": "زين العابدين يغادر تونس بعد تعالي حدة الاضطرابات"، و"المؤسسات الدولية: مبارك حقق لمصر أعلى معدلات الأمان الاقتصادي"، جريدة "الأخبار" العدد 3454 بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2011. 

وتابعت الورقة: "بعد بدء مظاهرات 25 يناير/كانون الثاني، وحتى بعد سقوط مئات الضحايا، ظلت "الأخبار" تنكر كون الأمر ثورة أو حتى مظاهرات شعبية، بل وصفت الأحداث بالمؤامرة وعززت الفكرة بمانشيتات متكررة عن المندسين والمؤامرة وحماس وإيران وكتائب القسام ودول أجنبية".

ومضت قائلة: "ثم تغيرت تلك المؤامرة المركبة المعقدة التي وصفتها الجريدة نفسها وأصبحت "ثورة شعب"، فقط بعد مرور بضعة أيام، في 11 فبراير/شباط، تغيرت ألفاظ الجريدة للتماشي مع المرحلة الجديدة التي بدأت بعد بيان خلع مبارك خضوعاً لرغبة الشعب، حسب الورقة. 

وعن الفترة من 11 فبراير/شباط 2011 إلى 30 يونيو/حزيران 2013، قالت الورقة إنه بالرغم من كثرة الانتهاكات للحق في حرية التعبير بالإضافة لباقي الحريات، إلا أنها مقارنة بما سبقها أو لحقها من فترات، يمكن اعتبارها الفترة الوحيدة التي شهدت انفراجة لحرية التعبير. وعليه كانت الصحافة التي عمودها الأساسي الحرية في حالة أفضل. واتسمت الجرائد القومية، مقارنة بحالها في فترات أخرى، بالمهنية المقبولة وتقديم خطاب معقول للشعب، برغم ظهور تحيزها بالطبع للحكم الانتقالي وقتها متمثلاً في المجلس العسكري

وتابعت "يبدو أن "الأخبار" لم تحتج لأكثر من 48 ساعة لتغيير رأيها في الأحداث؛ من "مؤامرة أجنبية" إلى "ثورة". برغم أنه لم يحدث جديد في 48 ساعة تلك، إلا أمر واحد هو تغير من بيده السلطة".

وأكدت الورقة ظهور التناقضات بشكل واضح في اللغة العدائية التي تصدرها جريدة "الأخبار" ضد دولتي قطر وتركيا، "بغض النظر عن التداعيات الخطيرة لتلك اللغة العدائية دبلوماسياً، فإنها خالية من المهنية المفترضة في الصحافة خاصة القومية، ونرصد بعض المانشيتات من أعداد مختلفة للأخبار عن قطر وتركيا". 

ورصدت الورقة "سقطة مهنية" لياسر رزق، رئيس تحرير "الأخبار"، رغم اعتذاره لاحقاً عنها، إلا أن ظهور مانشيت بهذه الكلمات مرفق معه صورة لمرشد الإخوان، محمد بديع، بالبدلة الحمراء لنشر خبر إصابته بفتق سري داخل سجنه، سقطة مهنية لم يتم محاسبته عليها.

وتابعت: "لم تتخلف جريدة "الأخبار" بالطبع عن حملة إثارة الكراهية التي انخرط فيها الإعلام الحكومي قبل فض اعتصام رابعة، وكان من أبرز مانشيتات "الأخبار" حينها المنشور في 6 أغسطس/آب 2013، قبل وقوع الفض الدموي بحوالي أسبوع: "أسلحة كيماوية في اعتصامي رابعة والنهضة". 

وتابعت الورقة "بالطبع تكللت السقطات المهنية بطريقة تغطية جريدة "الأخبار" لخبر وفاة رئيس مصر السابق داخل قفص زجاجي أثناء محاكمته، وهو الخبر الذي يتميز بكونه عاجلاً ومهماً وجذاباً، ومع ذلك كان مكانه في الجريدة بضعة أسطر في صفحة داخلية من دون أي ألقاب

وخلصت الورقة إلى أنه "من الأمثلة السابق طرحها في الفترات الزمنية المختلفة، تتضح الصورة والنمط الذي تتبعه جريدة "الأخبار" في سياستها التحريرية، الجريدة التي ينفق عليها الشعب، تبتعد عن المهنية الصحافية، وتتحدث بشكل يعبر فقط عن النظام الحاكم وهواه، مما يضر بالمهنة من جهة، ويضر بحق الشعب في أن يعرف من جهة أخرى". وتابعت "كما أن سياستها التحريرية المنفصلة عن الشعب سبب من أسباب تحقيقها لخسائر مادية".

وأشارت الشبكة إلى أن "المنعطف الخطير الذي اتجهت له الصحافة في الفترة الأخيرة، لن يؤثر في مهنة الصحافة والصحافيين وحدهم، بل هو مؤشر خطر على حرية الرأي والتعبير كما تمارسها الصحافة بشقيها القومي والخاص، وإن كان حال الجرائد القومية وصل لتلك الصورة التي أوضحنا أحد أمثلتها، فإن حال الجرائد الخاصة في أغلبها، أكثر تخبطاً وانحرافاً عن المهنة".

وأوصت الورقة بمحاولة إعادة ضبط المحتوى بشكل مهني يخدم الشعب ويحقق حقه في المعرفة، ويبتعد عن اللغة العدائية وتوجيه خطابات غير مدروسة تماشياً مع هوى حاكم راحل لا محالة في وقت ما، ويبقى الضرر على مهنة الصحافة وتاريخ المهنة، وعلى حرية الرأي والتعبير في مصر والأثر السلبي على المجتمع ككل.

المساهمون