ويعد هذا التقرير واحداً من أقسى التقارير التي تصدرها هيئة مراقبة المساعدات التابعة للحكومة البريطانية. ويسلط الضوء على التناقض الصارخ بين الضجة "الفارغة" التي تحدثها بريطانيا كونها الرائدة عالمياً ضد الاغتصاب في الحروب، بينما تتخلى بسرعة عن التزامها بهذه الوعود.
وقد أسست بريطانيا شبكة عالمية يقودها الضحايا في هذا المؤتمر، لتشجيع 113 دولة على توقيع تعهّدات بالدعم. لكن بعد المؤتمر، لم يتلق هؤلاء الضحايا أي دعم، بحسب التقرير.
وتقول الصحيفة، إنّ الممثلة الأميركية أنجيلينا جولي جاءت آنذاك إلى مركز إكسل في شرق لندن، كمبعوثة خاصة للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقالت للجمهور الذي بلغ عدده حوالي 1700 شخص: "نحن بحاجة إلى تحطيم ثقافة الإفلات من العقاب هذه وجعل العدالة هي القاعدة وليس الاستثناء لهذه الجرائم".
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني آنذاك، وليام هيغ، والذي أصبح اليوم أحد اللوردات عن منطقة ريتشموند، إنّ "استخدام الاغتصاب كسلاح حرب، كان أمراً طبيعياً في جيلنا". وسأل: "ماذا سيقال عن بريطانيا، أو أي دولة أخرى، إن اخترنا ألا نتصرّف ونحن نعلم بكل ما يجري؟".
لكن عندما استقال هيغ من منصبه كوزير للخارجية بعد خمسة أسابيع، من عقد المؤتمر، تم تخفيض عدد أعضاء حملة وقف الاغتصاب في مناطق الحروب إلى خمسة، وتجاهل كل من أتى من بعده في المنصب هذه القضية إلى حد كبير، بحسب التقرير.
ويقول التقرير الذي أوردته "ذا تايمز"، إنّ "الاهتمام الوزاري تراجع، وانخفض مستوى التوظيف والتمويل بشكل كبير، كذلك انخفض الالتزام بالحملة في لندن من ميزانية قدرها 15 مليون جنيه إسترليني و34 موظفاً في عام 2014، إلى مليوني جنيه إسترليني وأربعة موظفين فقط، مع متدرب".
أمّا الضحايا الذين شاركوا في المبادرة "فتمّ نسيانهم"، وفق التقرير، مشيراً إلى أنّه "في كثير من الحالات انقطع الاتصال بهم بعد أول مشاركة لهم، وهي ممارسة تخاطر بإلحاق الأذى بالناجين".
ووفق التقرير أيضاً، فقد تمّ تجاهل الضحايا والمؤيدين ضد العنف الجنسي في الحرب الذين جاؤوا إلى لندن، لحضور المؤتمر، والكثير ممن شاركوا فيه لم يتواصل معهم الفريق المنظم بعد انتهائه، والذي لم يطلع أعضاؤه على الأحداث التي جرت منذ ذلك الوقت، بينما أعرب الضحايا والمنظمات الداعمة لهم، عن خيبة أملهم.
وفي السياق، قالت مصادر من "اللجنة المستقلّة لأثر المعونة" (ICIA)، للصحيفة، إنّ استعادة الضحايا لذكرياتهم المريرة حول الاغتصاب، كانت مؤلمة وقد تتسبب في ضرر أكبر في حال إهدار هذه الجهود، مشيرة إلى أنّ "العنف الجنسي في مناطق النزاع لا يزال مستمراً، مع إفلات شبه تام من العقاب". وتلفت إلى أنّه بعد المؤتمر، لم تترجم التعهّدات إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ.
ووفقاً للتقرير، فإنّ الجهود البريطانية لمعالجة العنف الجنسي في فترة الصراعات، "كانت متواضعة"، وتناقصت كل عام مع عهد خلفاء اللورد هيغ، وهم فيليب هاموند وبوريس جونسون وجيريمي هانت، بينما لم ترق محاولة بريطانيا لمكافحة العنف الجنسي في الحرب، إلى مستوى الالتزامات التي تعهّدت بها في المؤتمر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة البريطانية خطّطت لعقد مؤتمر متابعة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعنوان "وقت العدالة"، بغية وضع الناجين في المرتبة الأولى ولكن تم تأجيل ذلك لما بعد الانتخابات العامة البريطانية.
وذكر التقرير أنّه تمت الإشادة ببعض المشاريع بما في ذلك إنشاء خط ساخن للنساء الحوامل نتيجة الاغتصاب، وتوفير أدوية للسكان الأصليين، لدعم الضحايا وإنشاء ملاجئ دعم للإناث فقط. كما تمت الإشادة بالمبادرة لإطلاق بروتوكول، خلال الأيام الأولى للمؤتمر، حول كيفية توثيق العنف الجنسي في النزاعات والتحقيق فيه. وقد استخدم هذا كنموذج للمساعدة في تقديم الجناة إلى العدالة، في بورما وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
في المقابل، علّقت وزارة الخارجية البريطانية على التقرير بالقول، إنّ "هذا التقرير لا يعترف تماماً بتأثير قيادة المملكة المتحدة التي حشدت المجتمع الدولي وأحدثت تغييراً حقيقياً في حياة الناجين".