تقرير سرّي لمجلس الأمن: السعودية فشلت بعد عامين ونصف من الحرب اليمنية

19 اغسطس 2017
لم تحقق السعودية النصر رغم تفوقها عسكرياً(فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من تفوّقها العسكري، كمًّا ونوعًا، في الحرب اليمنية الدائرة منذ ما يقارب عامين ونصف العام، وطائراتها المتطوّرة أميركيّة الصنع، وصواريخها الموجّهة بدقّة؛ فإن كلّ ذلك لم يحقق للمملكة العربيّة السعوديّة أي نصر يذكر، ولم يقرّبها منه حتّى، بحسب تقرير سرّي للأمم المتّحدة، نشر موقع "فورين بوليسي" الأميركي بعض مقاطعه.


وعلى العكس من كلّ ذلك؛ فإن الحرب المستعرة عزّزت من حالة التشرذم السياسي في اليمن، ووضعت البلاد على حافّة مجاعة طاحنة تهدد نحو 17 مليون إنسان، وغذّت حالة السخط الشعبي ردًا على الخسائر البشريّة الهائلة فيها.

نتائج عكسيّة

ويورد التقرير السرّي، والذي كشف عنه الموقع الجمعة، أن "الحملة الجوية الاستراتيجية للتحالف الذي تقوده السعودية لا تزال ذات تأثير عمليّاتي أو تكتيكي ضئيل على الأرض، وهي لا تؤدّي إلا إلى تمتين المقاومة المدنية".

ووفقًا للتقرير ذاته، والذي صدر عن فريق من الخبراء تابع لمجلس الأمن، فإن الحرب التي تقودها السعودية على اليمن تساهم أيضًا في توطيد التحالف العسكري بين جماعة المتمرّدين الحوثيين، والرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، واللذين يشكّلان ضلع الانقلاب اليوم في اليمن، علمًا أن صالح يسيطر على 13 محافظة من محافظات البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء.

وكما يستخلص معلّق "فورين بوليسي"، فإن تلك "الفوضى" وفّرت أرضيّة خصبة للمتطرّفين، بما يشمل تنظيمي "داعش" و"القاعدة". ويؤكّد خبراء الأمم المتّحدة أن التنظيمين "يتطلّعان إلى إطلاق هجمات ضدّ أهداف في الغرب". ويلاحظ التقرير، كذلك، أن "القاعدة" ربّما تعزز قدراتها على شنّ هجمات تستهدف السفن البحرية، مشيرًا إلى سيطرة التنظيم على أجهزة متفجّرة تنقل عبر المياه، فضلًا عن جهاز رادار بحري في المعقل السابق للتنظيم في مدينة المكلا. ويشير التقرير، في هذا السياق أيضًا، إلى أن الزعيم المحلّي لتنظيم "القاعدة"، قاسم الريمي، نشر مؤخّرًا مقطعًا مصوّرًا يشجّع فيه على الهجمات الموصوفة بشعار "الذئاب المنفردة" ضدّ أهداف في الغرب.



حكومة شرعيّة بلا سلطة

ويبرز الموقع أيضًا، ضمن هذا السياق، أن الرئيس اليمني المعترف به دوليًّا، عبدربه منصور هادي، لا يمسك حاليًّا بزمام الأمور تمامًا في بلاده، وقد تمّ تقويض سلطاته من قبل المليشيات التي تموّلها وتديرها السعودية والإمارات، وهي الدول ذاتها التي تحارب من أجل "إعادته إلى السلطة".

وفي الآونة الأخيرة، ترك عدد من وزراء هادي مواقعهم وأسسوا مجلسًا انتقاليًّا ذا طموحات انفصاليّة في الجنوب. هذا المجلس، وفقًا للتقرير الأممي، "يتمتّع بدعم كافٍ داخل الجيش اليمني، ليشكّل تهديدًا كبيرًا حيال قدرة الرئيس اليمني على الحكم في الجنوب".

ووفقًا للتقرير، فإن "سلطة الحكومة الشرعية، الضعيفة والغائبة بالفعل في أجزاء مختلفة من البلاد، تآكلت بشكل ملحوظ في هذا العام"، ويضيف خبراء مجلس الأمن أن "قدرة الحكومة الشرعية على الإدارة الفعّالة للمحافظات الثماني التي تقول إنها تسيطر عليها باتت الآن موضع شكّ".

تصدّع داخل حلف الانقلاب

ويتطرّق التقرير كذلك إلى أن ضلعي الانقلاب لا يبدوان في حالة جيّدة حاليًّا؛ وهو يشير في هذا السياق إلى التوتر المتزايد بين زعيم حركة "أنصار الله" (الحوثيين)، عبد الملك الحوثي، وحليفه علي عبدالله صالح، والذي يرى أن نفوذه داخل تحالف الحكم بات يتضاءل تدريجيًّا. لكن الخبراء يتوقّعون، على الرغم من ذلك، أن هذا التحالف (الحوثي وصالح) سيبقى قائمًا في ظلّ غياب أيّ تحوّل كبير في ميزان القوى داخل اليمن.


وعلى الرغم من سيطرة السعودية على مدينة المخا، يرى الخبراء الأمميون أن تحالف الحوثي وصالح لا يزال يسيطر على مساحة من الأرض تضاهي تلك التي كان يسيطر عليها قبل عام، ويمارس سيطرته على ما يزيد عن 80 بالمائة من الشعب اليمني، ما يوفر لضلعي الانقلاب فرصًا واسعة لابتزاز الأموال من الشركات والأعمال التجارية المحلية والمدنيين.


وأحد دوافع القلق الخطيرة، كما يتابع التقرير الأممي، هو أن الحوثيين يستخدمون طائرات مسلّحة من دون طيار، والتي تحاكي النماذج الإيرانية، فضلًا عن زرع الألغام البحرية، والتي بدورها أيضًا تهدد بالتدفّق نحو ممرات الشحن الدولية. وبحسب التقرير، ثمة نسخة واحدة من تلك الألغام "تتطابق عمليًّا مع لغم بحري إيراني شوهد للمرة الأولى في معرض للأسلحة الإيرانية يوم 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2015".



تحقيقات تطاول الإمارات

وفي ما يخصّ الدور المتعاظم للإمارات في اليمن، جنوبًا على وجه التحديد، يشير التقرير الأممي إلى أن "سلطة الحكومة الشرعية تواجه تحدّيًا بسبب انتشار المليشيات التي يتلقّى عدد كبير منها تمويلًا مباشرًا ومساعدات إما من السعودية أو الإمارات".

وينصّ التقرير على أن "استخدام القوّات بالوكالة، والتي تعمل خارج الهيكل الهرمي للحكومة، يخلق فجوة في المساءلة عن الانتهاكات التي قد تشكّل جرائم حرب".

وتؤكّد اللجنة الأممية أيضًا التقارير الصحافية، وتلك التي أصدرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عن إنشاء الإمارات ووكلائها شبكة من السجون السريّة في اليمن. وتبيّن اللجنة أنّها تمتلك "معلومات موثوقة بأن الإمارات قد أخفت قسراً شخصين في عدن على مدى ثمانية أشهر"، وأساءت كذلك معاملة المعتقلين في المكلا.

ويورد التقرير أن "الفريق (التابع لمجلس الأمن) بدأ تحقيقات داخل موقع مدني كان يستخدم كمنشأة احتجاز، حيث ثمّة عدد من المدنيين، ومن بينهم ناشط وطبيب، يمكثون محتجزين منذ فترة طويلة". ويردف التقرير أن "هؤلاء الأشخاص تمّ إبلاغهم أنهم محتجزون لمجرّد استخدامهم مستقبلًا في أي صفقة تبادل أسرى".


(العربي الجديد)