تقديم أطروحات الماجستير والدكتوراه في الجزائر

05 سبتمبر 2020
أغلقت المكتبات الجامعية منذ مارس الماضي لتفادي التجمّعات والاحتكاك (Getty)
+ الخط -

أربك قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية، القاضي بتسليم مذكّرات الماجستير ومناقشة أطروحات الدكتوراه في شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، الطّلبة من مختلف التخصّصات، بالرغم من التسهيلات التي أعلنتها الوزارة بشأن طريقة طرح مذكّرات التخرّج، ومنح طلبة اللّيسانس (بكالوريوس) والماجستير، الحقّ في تقديم مذكّرات التخرّج وختم الدروس، دون مناقشتها أمام كوكبة من الأساتذة واللّجان العلمية. إذ منذ خمسة أشهر، يترنّح طلبة الجامعات بين إتمام السنة الجامعية الحالية ومتابعة الدروس والمحاضرات عبر التقنيات عن بعد، والتحديات التي يواجهونها لتحميل المراجع التي يحتاجونها في البحوث، بسبب مشاكل الإنترنت. 
صارت مسألة إتمام مذكّرات التخرّج لدى آلاف الطلاب، "ضرباً من ضروب الخيال"، حتى وإن مدّدت الوزارة الآجال القانونية بسبب جائحة كورونا، وذلك بسبب إغلاق المكتبات الجامعية منذ مارس/ آذار الماضي، لتفادي التجمّعات والاحتكاك اليومي بين الطلبة. وحذت المكتبات العامة حذو مكتبات الجامعات، خاصة المكتبة الوطنية التي كانت قبل الجائحة، مقصداً للباحثين من كلّ الولايات الجزائرية. وبالإضافة إلى غلق المكتبات، وجد الطلبة صعوبات في التواصل مع الأساتذة المشرفين على المذكرات، كما قال الطالب من كلية الهندسة المعمارية، في جامعة تيزي أوزو، شرق العاصمة الجزائرية، عمار مسعودان، في حديث لـ"العربي الجديد". 

ومن أجل إنهاء السنة الجامعية، بعد تأجيلها إلى شهر سبتمبر، ذهبت وزارة التعليم العالي الجزائرية، إلى تسهيل تدابير إجراءات إنهاء أطروحات التخرّج (مذكّرات الماجستير خاصة)، إذ بإمكان الطلبة الاكتفاء بالجانب النظري للبحث، والتخلّي عن ذلك التطبيقي الميداني، فضلاً عن وضع صيغة إلكترونية من طرف الأستاذ المشرف، الذي يتكفّل بدوره بتحويلها إلى لجنة علمية، تعمل على تقييم بحث الطالب. 
يرى البعض أنّ هذا المقترح مجحف بحقّ الطلبة، إذ دخل الشك في نفوسهم، خصوصاً مع غلق المكتبات الجامعية بسبب كورونا، منذ نهاية مارس الماضي، وهو ما عطّل الطلبة عن الحصول على المصادر الأساسية في بحوثهم، تقول الطالبة في تخصّص "تجارة وأعمال" في جامعة الجزائر، فريدة لعروسي لـ"العربي الجديد". وتوضح أنّ أطروحتها حول مسألة المؤسسات العمومية والخاصة في الجزائر (المقارن بين مؤسستين جزائريتين)، تحتاج إحصائيات وتواصلاً مع المؤسسات المعنية بالبحث، وهو ما يعني أنه لا يمكنها "تقديم أطروحة دون الجانب التطبيقي".
وتساءل البعض عن جدوى تقديم بحث أكاديمي من شأنه أن يضفي على شهادة الماجستير درجة استحقاق، دون القيام بالجانب الميداني من البحث، وخصوصاً في بعض التخصّصات التي هي مطالبة بالنتائج، عن أطروحات وإشكاليات بحثية واقعية، وليس الاكتفاء بالطرح النظري، تقول لعروسي. وتحدث البعض عن عدم تمكنهم من الولوج إلى المكتبة الإلكترونية، التي كشفت إدارة الجامعات "توفيرها من أجل الطلبة، على مستوى مختلف المؤسسات الجامعية الجزائرية والكليات، بهدف تسهيل إتمام بحوثهم عن بعد". إذ واجه الطلبة مشاكل تقنية، في ظلّ عدم تعميم استعمال الإنترنت الموصولة بين الجامعات والطلبة، إضافة إلى "عدم توافر الوسائل التقنية لدى جميع الطلبة، بسبب الظروف الاجتماعية المتفاوتة بينهم".

وفي هذا الصدد، اعتبر الطالب في قسم العلوم السياسية بجامعة وهران، محمد رزقي، من التنظيم الطلابي "الاتحاد العام الطلابي الحر" (نقابة طلابية تنشط عبر مختلف الجامعات)، أنّ هناك العديد من العراقيل التي تحول دون إتمام الطلبة لمذكرات التخرّج، سواء في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه، مثل المكتبة الرقمية الجامعية، وهي ليست في متناول الطلبة، كما يتعذّر على طلبة الولايات الجنوبية التواصل عن بعد، بسبب الضعف في شبكة الإنترنت.
واشترطت الوزارة على الطلبة تقديم أبحاث تلتزم الأطر المنهجية والعلمية، لكن في المقابل قال الباحثون في الأقسام التقنية إنهم يحتاجون إلى ارتياد المختبرات لإجراء تجاربهم وتقديم نتائجهم، معلّلين بأن هذه القرارات لا يمكنها أن تعمّم على كلّ طلبة الجامعات، بل كلّ حسب تخصّصه العلمي ومتطلّبات أطروحات التخرّج. في المقابل، دعت الوزارة في مراسلتها إلى مختلف المؤسسات الجامعية الجزائرية، إلى تقديم مختلف المناقشات الخاصة بالباحثين في سلك الدكتوراه، خلال شهر سبتمبر الحالي، في محاولة إنهاء العشرات من الملفات الخاصة بهذه المرحلة، على أن تكون المناقشات مغلقة وفي ظروف صحية جيدة تلتزم إجراءات الوقاية.

المساهمون