حذر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من إمكانية أن يعمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى استعجال التوصل لاتفاق جديد مع إيران، لا يأخذ بالاعتبار المصالح الاستراتيجية لإسرائيل. وفي تقدير موقف، نشره اليوم الإثنين، دعا المركز صنّاع القرار في تل أبيب إلى التحوط لبروز خلافات وتباينات في المصالح الأميركية والإسرائيلية، بشكل يدفع الأميركيين للتوصل إلى اتفاق مع طهران لا يلبي مصالح إسرائيل.
وحسب التقدير، الذي أعدته سيما شاين، التي شغلت في الماضي مواقع مهمة في المؤسسة الاستخبارية، منها قيادة لواء الأبحاث في جهاز "الموساد"، ومنصب نائب مستشار الأمن القومي، وإلداد شفيت، الذي عمل مساعداً لقائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس مركز الأبحاث في ديوان رئيس الحكومة، فإنّ حاجة ترامب لإنجاز سياسي على الصعيد الداخلي قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، قد يدفعه للتوصل لاتفاق، سواء اقتصر على الملف النووي أو كان اتفاقاً شاملاً.
وحذّر المركز بشكل خاص من توجّه ترامب للتوصل إلى "اتفاق شامل" مع إيران، يتجاوز الملف النووي، على اعتبار أنه من الصعب الالتزام بجدول زمني محدّد عند تنفيذ بنود الصفقة، ما يعني إطالة أمد تنفيذ الاتفاق بشكل يسمح لإيران بتجاوزه. ويرى معدّا التقدير أنّ التوصل لصفقة شاملة يعني إفساح المجال أمام مساومات قد تفضي إلى إعفاء إيران من التزاماتها.
وأشار شاين وشفيت إلى أن التباين في المصالح بين تل أبيب وواشنطن سيفضي إلى عدم اعتماد معايير مشتركة للخطوط الحمراء التي يتوجب إلزام إيران بها.
وعلى الرغم من أن التقدير لا يستبعد أن تفضي الإجراءات العسكرية التي تقوم بها كل من الولايات المتحدة وإيران بهدف تحسين موقعهما في المفاوضات المستقبلية إلى مواجهة شاملة، إلا أنه شدّد على ضرورة أن تعمد إسرائيل إلى صياغة بدائل لمواجهة أي سيناريو يمكن أن يفضي إلى اتفاق أميركي إيراني يتناقض مع المصالح الإسرائيلية.
ولفت المركز إلى وجوب الانتباه إلى نتائج جهود الوساطة التي يقوم بها كلّ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والسيناتور الجمهوري الأميركي راند بول، الذي سمح له ترامب بعقد لقاءات مع مسؤولين إيرانيين.
وأشار إلى أنّ مقترح الوساطة الذي قدّمه ماكرون للطرفين ينصّ على أن تسمح الولايات المتحدة لإيران بتصدير مليون برميل نفط يومياً، مقابل التزامها بالتراجع عن الإجراءات التي أقدمت عليها، وضمن ذلك عدم تجاوز نسبة تخصيب اليورانيوم.
وأشار التقدير إلى أنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنه لا توجد لدى الإدارة الأميركية استراتيجية واضحة في مواجهة إيران، التي تبدي تصميماً كبيراً على إجبار واشنطن على التراجع عن العقوبات التي فرضتها عليها.
وحسب معدي التقدير، فإنّ وجهتي نظر تسودان دوائر صنع القرار في طهران، إحداهما يمثلها الرئيس حسن روحاني، الذي يرى وجوب العمل على عزل الولايات المتحدة من خلال مراعاة مواقف الدول الأوروبية ومحاولة شراء الوقت حتى تجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية، في مقابل موقف متشدد تمثله قيادة الحرس الثوري، ويحظى بدعم المرشد الأعلى علي خامنئي، ويرى أنّ التوصل للاتفاق النووي كان خطأ وأنه يتوجب تجاهل الاتفاق النووي والإقدام على خطوات عسكرية تمثل تهديداً لجميع دول المنطقة المتحالفة مع الولايات المتحدة.
ولفت إلى أن أخطر الردود الإيرانية، بالنسبة لإسرائيل، تتمثل في زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم، مشيراً إلى أن الإيرانيين هددوا برفع نسبة التخصيب إلى 20 في المئة في غضون شهرين في حال لم تتراجع واشنطن عن العقوبات التي فرضتها عليها.
وأوضح المركز أنّ أسوأ السيناريوهات يتمثل في مواصلة إيران تجاوزها الاتفاق النووي، ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم، من دون بلورة مسار يفضي إلى مفاوضات تضع حداً لسلوك طهران. وحسب المركز، فإنّ تجسيد هذا السيناريو يعني تقصير الفترة الزمنية التي تفصل إيران عن تطوير السلاح النووي، في حال أرادت طهران ذلك.