تلتقي رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بنظيرها الإيرلندي، ليو فارادكار، اليوم الإثنين، في بلفاست، في محاولة لرعاية مفاوضات تشارُك السلطة في إيرلندا الشمالية، كما ستناقش ماي خلال الزيارة موضوع الحدود الإيرلندية، إذ تطمح لتجنب نصب نقاط تفتيش حدودية قد تعرقل التجارة بين شطري الجزيرة.
وستلتقي رئيسة الوزراء في مقر المجلس الإيرلندي الشمالي في ستورمونت بممثلين عن الحزبين الرئيسيين، "الشين فين" و"الاتحادي الديمقراطي".
وتأتي هذه الزيارة بعد التفاؤل الأخير بإمكانية التوصل إلى اتفاق لتشكيل مجلس تنفيذي لتشارك السلطة، وهو ما يعادل الحكومة المحلية في إيرلندا الشمالية.
وكان زعيم كتلة "الشين فين" في المجلس الإيرلندي الشمالي قد ذكر، السبت الماضي، أن المحادثات قد تختتم هذا الأسبوع.
وكانت الحكومة الائتلافية التي يقودها الحزبان قد انهارت في يناير/ كانون الثاني 2017، على خلفية برنامج طاقة نظيفة، ولكن المحادثات التالية شهدت تفاقم الخلافات بين الطرفين، والتي كان أهمها دور اللغة الإيرلندية في الإقليم.
ويأتي الانفراج المحتمل في المحادثات على خلفية التوصل إلى تفاهم حول قانون اللغة الإيرلندية.
ويطالب حزب "الشين فين" بأن تكون اللغة الإيرلندية رسمية في إيرلندا الشمالية إلى جانب اللغة الإنكليزية، وهو ما يرفضه "الاتحاد الديمقراطي".
ويأتي رفض "الاتحادي الديمقراطي" للقانون بحجة أنه سيكلف الخزينة كثيراً، إضافة إلى أنه سيؤدي إلى تفاقم التوتر العرقي والثقافي في إيرلندا الشمالية، كما سيضعف هويتها البريطانية، غير أن التفاهم بين الطرفين يقضي بتشريع ثلاثة قوانين تكفل حقوق المتحدثين بالإيرلندية، وحقوق اسكتلنديي أولستر، وتعزيز الثقافة البروتستانتية، وهو ما يمكن اعتباره انتصاراً للطرفين.
وتعد الهوية الثقافية في إيرلندا الشمالية مسألة معقدة، حيث إن الإحصاء الأخير الذي أجري عام 2011 كشف عن وجود 179 ألفاً، أو 11 في المائة من سكانها، من المتحدثين باللغة الإيرلندية، لكن عند السؤال عما إذا كانوا قد استخدموها كلغة أم، تراجع العدد إلى 4045 شخصاً فقط.
كما كشف الإحصاء ذاته عن أن 140 ألفاً يتحدثون اسكتلندية أولستر، وهي الاسكتلندية المستخدمة في مقاطعة أولستر التاريخية، والتي تشكل إيرلندا الشمالية جزءاً منها، ويتحدث بها المتحدرون من المستوطنين الاسكتلنديين الذين قدموا إلى الجزيرة الإيرلندية في القرن السابع عشر، إلا أن متحدثي هذه اللهجة المحلية، أو اللغة كما يراها البعض، ليسوا جميعاً من أنصار الوحدة مع بريطانيا، أو يعتنقون المسيحية البروتستانتية.
وستسلط زيارة ماي إلى إيرلندا الشمالية الضوء على مسألة الحدود، والتي تشكل إحدى معضلات مرحلة ما بعد البريكست.
وكانت الحكومة البريطانية قد أشارت إلى وجود تقدم في المفاوضات حول هذه المسألة في المحادثات مع الطرف الإيرلندي، الذي يحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، والذي يرفض رفضاً قاطعاً العودة إلى الحدود الصلبة بين الطرفين.
وفشلت الحكومة البريطانية، الأربعاء الماضي، في التوصل إلى موقف محدد من مسألة الحدود يتجاوز رغبتها بوجود تجارة سلسة في الجزيرة الإيرلندية، وخاصة بعدما كان ميشيل بارنييه، رئيس الوفد المفاوض الأوروبي، قد حذر بريطانيا من أن الخروج من الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة الأوروبيين سيؤدي حتماً إلى رفع الحدود في الجزيرة الإيرلندية، فيما حذر مسؤولون إيرلنديون من أن نصب الحدود بالجزيرة سيهدد اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أسس لتشارك السلطة في إيرلندا الشمالية.
ومن ناحية أخرى، تسلمت ماري لو ماكدونالد زعامة حزب "الشين فين" من جيري آدامز، والذي تزعم الحزب في الـ35 عاماً الماضية.
وجرى حفل التنصيب في مؤتمر الحزب العام الذي جرى في العاصمة الإيرلندية دبلن، السبت الماضي.
وتعهدت ماكدونالد في كلمة تنصيبها بالسعي لتأمين استفتاء على الوحدة الإيرلندية في إيرلندا الشمالية، وتحقيق النصر فيه، كما شددت على أهمية مشاركة الحزب في الحياة السياسية ودعم السياسات التقدمية على جانبي الحدود في إيرلندا، ووضع حد للأزمة في ستورمونت، بينما انتقدت بريكست لكونه "يهدد عشرين عاماً من السلام في الجزيرة، ويهدد الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية فيها".