وبينما تطرّق البيان الختامي الذي صدر عن الدول الضامنة في ختام الاجتماعات، التي عقدت على مدى يومين بمدينة سوتشي الروسية، وتلاه المبعوث الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، بشكل واضح، إلى قضايا اللجنة الدستورية، والنازحين واللاجئين، والمعتقلين، ووحدة سورية، غاب موضوع إدلب عن البيان الختامي. إلا أن "العربي الجديد" علم من مصادر مطلعة على المفاوضات بين الدول الضامنة في سوتشي، أن محافظة إدلب ستحافظ على وضعها الحالي كمنطقة خفض تصعيد، في وقت يسعى فيه الضامن التركي للحصول على تعهدات إضافية لحماية المحافظة من أي تصعيد محتمل. وأوضحت المصادر أن الدول الضامنة اتفقت على بقاء إدلب منطقة خفض تصعيد، على الأقل في المرحلة الحالية، على أن الجانب التركي يسعى للحصول على مزيد من الالتزامات الروسية حيال ذلك، في حين قال مصدر تركي مطلع إن "إدلب بخير"، من دون مزيد من التفاصيل. ولفتت المصادر إلى أن الأمم المتحدة أيضاً أبلغت المعارضة أنه ليس من مصلحة روسيا إثارة الوضع في إدلب وتخريب العلاقات مع تركيا، وبالتالي فإن مصير إدلب متجه إلى الاستمرار على ما هو عليه بالفترة الحالية، ما يجعل المحافظة تتنفس الصعداء مؤقتاً، من تهديدات النظام بالهجوم عليها، وتهجير مليوني سوري على الأقل منها.
بدوره، قال رئيس وفد المعارضة السورية، أحمد طعمة، إن الوفود المشاركة ناقشت وضع مدينة إدلب السورية، مؤكداً استمرار اتفاقية خفض التصعيد فى المدينة. كذلك أعرب عن أمله في الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل. ولفت إلى أن العمل يجري على استقرار إدلب من خلال فصائل الجيش السوري الحر.
اللجنة الدستورية
وفي موازاة المساعي الجارية للحفاظ على التهدئة في إدلب، كان المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، يعمل على تهيئة الأجواء لإطلاق اللجنة الدستورية، إذ عقد أمس اجتماعاً رباعياً ضمن وفود الدول الضامنة مع الأمم المتحدة، تناول موضوع اللجنة الدستورية. وتعكف الأمم المتحدة على إنهاء لائحة المستقلين التي تعدها، وتسعى للحصول على موافقة الضامنين عليها، قبيل الإعلان عن التشكيلة النهائية لأسماء اللجنة، ليتم بحث آلية عملها في مرحلة لاحقة، لتعود بعدها عجلة المفاوضات من جديد في جنيف في سبتمبر/ أيلول المقبل إذا سارت الأمور كما تشتهيها سفن الأمم المتحدة، من دون تغييرات ميدانية. وهو ما أشار إليه دي ميستورا، الذي أصدر بياناً، عقب اللقاء الرباعي، أوضح فيه أن الاجتماع ركّز على آلية عمل اللجنة الدستورية، ودعا الدول الضامنة إلى عقد اجتماع مطلع سبتمبر/ أيلول في جنيف، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على اللجنة الدستورية. وأوضح البيان أن "المبعوث الخاص للأمم المتحدة أجرى مناقشات مثمرة مع الدول الضامنة بشأن تشكيل اللجنة الدستورية المستقبلية وعملها". وأضاف "شهد اللقاء تبادلات مفيدة حول تشكيل اللجنة الدستورية، تمشياً مع المعايير المبينة في القرار 2254 وبيان سوتشي النهائي، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى المتعلقة بتشكيل وعمل اللجنة الدستورية".
المعتقلون واللاجئون
وإلى جانب موضوع خفض التصعيد في إدلب واللجنة الدستورية، لم يغب ملفا المعتقلين وعودة اللاجئين إلى بلدهم. ورحّبت الدول الضامنة باستعداد النظام والمعارضة السورية، لمشروع تجريبي، ضمن إطار إجراءات بناء الثقة لتبادل المحتجزين فيما بينهما. وأوضحت أن "هذا الترحيب بالاتفاق جرى بعد الاجتماع الرابع لمجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين". وأشار البيان الختامي إلى أن الدول الضامنة "ستواصل الجهود المشتركة الرامية إلى بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة في سورية، بما في ذلك ضمن مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المعتقلين والمختطفين وتسليم الجثث، وكذلك تحديد هوية الأشخاص المفقودين، بمشاركة خبراء الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر". ورحبت "بالاستعداد الذي أبدته الأطراف المتصارعة لتنفيذ مشروع تجريبي"، من دون إضافة تفاصيل حوله. وكانت مصادر مطلعة على اجتماع سوتشي حول سورية قالت، أول من أمس، إن الدول الضامنة اتفقت على "مشروع تجريبي" يتضمن تبادلاً لعدد محدود من المحتجزين من النظام والمعارضة، ضمن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، من دون أن يتقرر بعد عدد المحتجزين الذين سيتم تبادلهم، ضمن إجراءات بناء الثقة، فضلاً عن عدم إقرار الأماكن التي ستجرى فيها عملية التبادل هذه. من جهتها، تحدثت مصادر مطلعة عن عشرة محتجزين من كل طرف، الأمر الذي أثار استياء المعارضة للمعاملة بالمثل بين الطرفين، إذ إن النظام يعتقل مئات الآلاف ويحتجزهم في معتقلاته.